إنها مصر

حتى لا ننسى!

كرم جبر
كرم جبر

سطر الفنانون رسالة بالدموع للفريق عبدالفتاح السيسى فى احتفالية تحرير سيناء يوم 25 أبريل 2013، كانت أقوى من الرصاص ، مفادها «خايفين على مصر وقلبنا وجعنا عليها».

رسالة عفوية جاءت وليدة اللحظة، وأبكت من شاهدوها.. فهى -أولا- تجسد الإحساس بالخطر على مصر ومستقبلها والخوف من المجهول.. وثانيا تؤكد الثقة الكبيرة فى القوات المسلحة وأنها المنقذ والأمل، وثالثا تعظّم المكسب الكبير الذى حققته بعد تسليم السلطة وهو «استعادة الثقة».

استعادت القوات المسلحة الثقة بعبارة حاسمة قالها السيسى «تتقطع إيدينا قبل ما تتمد على واحد فيكم»، وتصدى الجيش لمهام حفظ الأمن وحماية المنشآت العامة، وانحاز للشعب ولم يطلق رصاصة أو خرطوشا، رغم ضخامة التظاهرات والعصيان المدنى، ومضت الأزمات، ولم تأخذ هذه المعالجة الحكيمة حقها من الدراسة والتحليل.

«خايفين على مصر» ليست عبارة إنشائية قالها أحد الفنانين فى لحظة انفعال، لكنه الخوف المشروع عندما تتعقد المشاكل والأزمات ويفشل النظام السياسى فى احتوائها ومواجهتها والتصدى لها، خوف من الأزمة الاقتصادية والانفلات الأمنى والأخونة والمستقبل المجهول وعلى سلامة الوطن ووحدة أراضيه.. خوف القضاة والإعلاميين والسياسيين والمعارضين.. خوف من الكيانات السياسية التى انخرطت مع الإخوان فى حلبة المصالح الشخصية.

الإخوان وشركاؤهم لا يريدون وجود الجيش فى الحياة المدنية، أما غالبية الناس الذين عبرت عنها دموع الفنانين، فيهمهم أن يعود هذا الوطن آمنا ومستقرا وهادئا، بعيدا عن التشدد والتطرف والتناحر والصراع والتكالب والتفتيت .

انها المعانى التى التقطها بسرعة الفريق السيسى، موجها رسائل شديدة الدلالة بأن جيش مصر لن يكون إلا لمصر، محافظا على وحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها، ولن يرفع سلاحا إلا فى وجه أعداء مصر التى يجرى حبها فى عروق الضباط والجنود، ولن يكون طرفاً فى صراع سياسى .

وانتهت الفترة الانتقالية بحلوها ومرها، وتحملت القوات المسلحة ما لا يطاق لتجتاز البلاد زلزال الفوضى وتوابعها، وجاهدت جهادا مريرا حتى تمنع الأذى عن المصريين، وكانت خط الدفاع الأخير الذى جنب الوطن مخاطر السقوط، ونجحت فى أن تنأى بنفسها عن حروب الاستنزاف السياسى والدينى التى اشتد وطيسها.

دموع الفنانين قالت للسيسى: «خلى بالك من مصر».. ورد عليهم: «لا تخافوا على مصر» فلها درع وسيف وأبناء مخلصون لا يبخلون عليها بأرواحهم ودمائهم.. أما الرسالة التى لم ينطق بها بلسانه بل بمشاعره: خلوا بالكم إنتم من مصر.. يا مصريين !

كتبت هذا المقال فى 3 مايو 2014 فى جريدة اليوم السابع .