«المخلب التركى» فى العراق.. ثلاثة ألغاز تنتظر الحل

أليات عسكرية تركية تشارك فى العملية العسكرية الأخيرة داخل الأراضى العراقية
أليات عسكرية تركية تشارك فى العملية العسكرية الأخيرة داخل الأراضى العراقية

قد لاتكون العملية التركية التى أطلقت عليها اسطنبول اسم ( القفل المخلب) والتى بدأت فى ١٨ ابريل الماضى ضد حزب العمال الكردستانى فى العراق هى الاولى ويبدو انها لن تكون الأخيرة فهى وفقا للرصد الزمانى الثامنة منذ عام منتصف ٢٠١٩.

وقد اختارت تركيا توقيتا ملائما تماما لبدئها مستغلة تداعيات الازمة الاوكرانية من جهة وهى طرف مهم فى المعادلة يسعى الجانبان الغرب وفى القلب منها واشنطن وروسيا على الجانب الآخر الى استمالة أنقرة يضاف الى ذلك حالة الانسداد السياسى فى العراق وقدرات تركيا على التأثير على المكون السنى والكردى وهم بالضرورة حلفاء لمقتدى الصدر الذى يسعى الى تشكيل حكومة اغلبية يستبعد فيها احزاب محسوبة على ايران ولعل الواضح فى العملية هو الهدف التركى منها وهو السعى الى اقامة منطقة آمنة لها وهو ماسبق ان تحدث به الرئيس التركى أردوغان اكثر من مرة فى السنوات الماضية مشيرا الى انها تضم البلدين سوريا والعراق تسمح بالنسبة لسوريا اعادة اجزاء من اللاجئين السوريين من تركيا إلى بلادهم وتتراوح المساحة المقترحة من ٣٠ الى ٧٠ كيلو مترا فى البلدين لإنهاء وتطهير تلك المناطق من وجود حزب العمال الكردى بينما تمثل مواقف الأطراف المعنية بالملف سواء العراق او سوريا او حتى ايران لغزا كبيرا يبدو انه يستعصى على الحل ويرتبط بجملة التطورات فى الاقليم والعالم  

إقرأ أيضاً | اندلاع اشتباكات بين مقاتلي «العمال الكردستاني» والجيش التركي

ولنبدأ (باللغز العراقي) حيث تتباين المواقف من العملية التركية فهناك مؤشرات تؤكد انها تمت بموافقة وتنسيق مع اقليم كردستان والحكومة المركزية ومن ذلك تصريح الرئيس التركى بأن ( حكومة بغداد تدعم الحملة العسكرية التى تشنها بلاده ضد الأكراد فى شمال العراق وهناك تقارير غربية عن وجود اتفاق سرى بين الجانبين يسمح لتركيا بتوسيع مناطق العملية إلى ٣٠ كيلو مترا داخل الاراضى العراقية وكان ذلك مثار سؤال فى البرلمان حول حقيقة ذلك الاتفاق كما كان لافتا ان العملية التركية بدأت بعد ثلاثة ايام من زيارة قام بها مسرور بارزانى الى انقرة ورحب بعد لقائه بالرئيس التركى بتوسيع التعاون لتحقيق الاستقرار والأمن فى المنطقة يقابل ذلك استدعاء الخارجية العراقية السفير التركى وتسليمه رسالة احتجاج شديدة تتضمن (ضرورة الكف عن مثل هذه الأفعال الاستفزازية والخروقات المرفوضة) ويظل السؤال:هل تتعامل الحكومة العراقية مع العملية بسياسة (رفع العتب)؟

وفيما يخص اللغز السورى فرغم أن المنطقة الحدودية مع تركيا لم تشملها العملية الأخيرة ولكن انقرة تدرك أن تحقيق اهدافها فى المناطق الامنية تشمل البلدين ويبدو ان الحكومة السورية لاتمانع فى ذلك على ضوء التطورات الأخيرة التى تكشف عن تطورات مهمة فى ملف عودة العلاقات بين البلدين وحديث وزير الخارجية التركى عن امكانية التعاون والتعامل مع النظام السورى فى ملفات مثل مكافحة الارهاب واللاجئين دون الاعتراف بالنظام وقد اشاد الوزير التركى بقيام الجيش السورى بعمليات عسكرية ضد وحدات حماية الشعب وهى العمود الفقرى لقوات سوريا الديمقراطية والتى تعادلها تركيا بحزب العمال الكردستانى وقد التقى مسئولون من البلدين للتفاهم حول توسيع مساحة المنطقة الآمنة ولعل ذلك يفسر الصمت السورى 

ويمثل (الصمت الإيراني) لغزا ثالثا فنحن امام موقفين متناقضين الأول الحديث عن وجود صفقة تركيا وايرانية تقوم أنقرة بدور فى حل أزمة تشكيل الحكومة العراقية بما يتناسب مع الرؤية الايرانية فى محاصرة تطلعات مقتدى الصدر من خلال علاقاتها القوية مع حلفائه من الكرد والسنة حيث استقبل الرئيس التركى منذ أسابيع للمرة الثانية قطبى المكون السنى رئيس البرلمان محمد الحلبوسى وخميس خنجر وكذلك هناك حوار كردى بين القطبين الحزب الديمقراطى بقيادة بارزانى والاتحاد الوطنى بقيادة بافل طالبانى حيث يدور البحث حول طرح بديل ثالث لمنصب الرئيس بدلا من برهم صالح روبير احمد وسيكون الامر فى صالح عبداللطيف رشيد اما موافقة قيادة الاتحاد على نقل الرئاسة للديمقراطى مع تقاسم المقاعد الوزارية فى الحكومة الاتحادية مع امكانية تخلى الديمقراطى عن غالبية هذه المقاعد لمصلحة الاتحاد

هناك محاولة من الإطار التنسيقى المقرب من ايران لتفكيك قدرات رئيس البرلمان رئيس تحالف عزم واستمالة عدد من النواب المحسوبين عليه وكذلك تبنى قيادات سنية فى منطقة الانبار معقل السنة ومنهم خاتم الدليمى وسطام ابو ريشة ورافع العيساوى واياد السامرائى ويتناقض مع ذلك الهجوم الصاروخى الذى تعرضت لها قاعدة عسكرية تركية شمال الموصل وقامت بها جماعات موالية لايران وقد يكون الهجوم رسالة عبر وكلاء طهران فى العراق الى تركيا بعدم توسيع نطاق عملياتها 
مهما كان الأمر فإن هناك خريطة جديدة يتم رسمها للمناطق الحدودية بين الدول الاربعة تركيا وايران وسوريا والعراق.