مفاجآت في جريمة كرداسة.. طلقة رصاص واحدة أنهت حياة الزوجتين

المدمن قاتل زوجتيه رميـًا بالرصاص
المدمن قاتل زوجتيه رميـًا بالرصاص

محمد عطية

آخر ما كان يتوقعه أهالي عزبة عبد العال خميس، أن يكونوا على موعد مع هذا المشهد الدامي، الزوج الأربعيني الذي يعيش بينهم يقتل زوجتيه رميًا بالرصاص، مفاجآت كثيرة كانت بانتظارنا ونحن في موقع الحدث، منها أن الزوج الهارب كان مدمنًا للمخدرات، أيضًا هارب من سجن مشدد 15 سنة، يعيش مع زوجتيه داخل كرفانات بناها داخل أراضي زراعية، السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هل الخلافات الزوجية ممكن أن تقود هذا الزوج لإنهاء حياة زوجتيه رميًا بالرصاص؟!، الحادث لا يزال حديث الأهالي داخل منطقة الحاجر بكرداسة، «أحبار الحوادث» كانت هناك تنقل بالكلمة والصورة كواليس ما دار داخل عزبة عبد العال خميس، وكان هذا التقرير.  

 

جريمة بشعة ومشهد غريب عاشه أهالي منطقة الحاجر بالقرب من منطقة العرب داخل عزبة عبدالعال خميس التابعة لكفر حكيم بمركز كرداسة بمحافظة الجيزة عندما علموا بجريمة القتل التي ارتكبها «إبراهيم أبو شنب» أحد أبناء العزبة في حق زوجتيه، ما يثير الدهشة بالنسبة للأهالي أن العزبة دائمًا تسودها الهدوء، ولم يعرفوا للجريمة عنوانًا من قبل، ربما تحدث مشاجرات يتدخل بعدها كبار العزبة ويتم حلها في الحال لكن أن تحدث جريمة بهذه البشاعة، فهذا كان خارج توقعاتهم تمامًا.

 

جثتان!

البداية صباح الثلاثاء الماضي في تمام الساعة التاسعة صباحًا والشمس مشرقة بأشعتها الذهبية، بينما كانت درجات الحرارة رائعة مع أيام الصيام؛ استيقظ أهالي العزبة ليتوجه كل منهم إلى عمله ومصالحه، في الوقت ذاته تعالت أصوات صراخ شديدة من أحد الكرافانات المتواجدة بإحدى قطع الأرضي بالعزبة، ومع تعالي الصراخ الشديد بدأ الجميع ينصت لمعرفة مكان الصوت، دقائق بسيطة وتم معرفة مكان مصدر الصوت الذي يصدر من منزل جارهم «إبراهيم»، صراخ يعني حادث جلل قد وقع؛ فإذا بهم يسرعون إلى الكرافان، ليفاجئوا بابنة أخيه تصرخ بشدة؛ وقبل أن يسألوا عن سبب الصراخ، فوجئوا بزوجتي «إبراهيم» غارقين وسط بركة من الدماء، وجدوا «نورا» الزوجة الأولى جثة هامدة، بينما كانت «اية» تصارع الموت، سرعان ما تم إبلاغ الإسعاف، التي حضرت في الحال، ليتم نقلها إلى المستشفى، إلا أنها فارقت الحياة في الطريق.

 

في الوقت ذاته يجلس المقدم معتصم رزق رئيس مباحث كرداسة داخل مكتبة حين تلقى بلاغًا من الأهالي يفيد بمقتل زوجتين داخل مسكنهما، وتم إخطار اللواء مدحت فارس مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة الذي أمر بتشكيل فريق بحث تحت قيادة اللواء عاصم أبو الخير نائب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة لسرعة ضبط المتهم الهارب، سرعان ما انتقل العقيد على عبد الكريم مفتش مباحث قطاع أكتوبر ورئيس مباحث كرادسة وبرفقتهما قوة من مباحث القسم لكشف غموض الجريمة، وبإجراء التحريات المبدئية وبسؤال شهود العيان تبين؛ أن الزوج يعمل مقاولا وراء قتل زوجتيه بسبب خلافات أسرية، حيث قررت ابنة أخيه والتي تقيم بكرافان بالقرب منهم، أنها فوجئت به يخرج من المنزل وملابسه ملطخة بالدماء مستقلا سيارته وانصرف مسرعًا.

 

 بعدها سمعت أصوات استغاثة من المنزل فدخلت لتستطلع الأمر فعثرت على إحدى زوجتيه جثة هامدة، بينما كانت الثانية لا تزال على قيد الحياة، وعندما صرخت هرول الأهالي إليها فعثروا على زوجتي المتهم مصابتين بطلقة رصاص واحدة اخترقت الاثنتين اللتين كانتا متجاورتين إحداهما لقيت مصرعها على الفور، والأخرى كانت على قيد الحياة، فنقل الأهالي الزوجة الثانية إلى مستشفى زايد التخصصي، لكنها لفظت أنفاسها الأخيرة في الطريق متأثرة بإصابتها، وكشفت التحريات ايضا أن المتهم تزوج من السيدتين منذ أكثر من ٤ سنوات في وقت متقارب، وأنجب من الأولى طفلا ومن الثانية طفلا تبلغ أعمارهما 3 سنوات تقريبًا، اضافت تحريات المباحث ايضا أنه ارتكب الجريمة مستغلًّا عدم وجود طفليه بالمنزل وفر هاربًا، وبمناظرة الجثتين، تبين أن المتهم أطلق النار عليهما من سلاح ناري طبنجة، أصاب إحداهما بالصدر والأخرى بالرأس، تم التحفظ على عينة من دماء المجني عليهما التي تناثرت بالمكان، والتحفظ على كاميرات المراقبة لتتبع خط سير المتهم، بينما أمر العميد عمرو البرعي رئيس مباحث قطاع أكتوبر بإعداد عدة كمائن ثابتة ومتحركة لضبط المتهم، وتم نقل الجثتين إلى مشرحة المستشفى وتحرير محضر بالواقعة، أخطر اللواء علاء فاروق مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة النيابة لمباشرة التحقيقات، التي طلبت من المباحث تكثيف جهودهم لسرعة القبض على المتهم.

 

مخدرات

عدة مفاجآت كانت بانتظارنا عندما ذهبنا إلى هناك، فالعزبة بجوار ترعة المنصورية وبمجرد وصولنا بدأنا بالسير على أقدامنا لحوالي كيلو تقريبًا، المكان يسوده الهدوء، لم نستغرب أن الحركة في العزبة بسيطة حيث يعمل الكل، كما إن المكان يميزه وجود الفيلات والقصور على جانبي الطريق حيث يعلوها الأشجار الكثيفة، منها المهجور ومنها من يسكنها أهلها، بالإضافة إلى وجود منازل صغيرة يعيش فيها أهالي العزبة البسطاء وسط مساحة الأرض الزراعية الواسعة، في الوقت ذاته وجدنا أمامنا مدرسة، وبسؤال حارس أمن عن الجريمة فبدأ حديثه قائلاً: أنا مش من هنا بس البيت اللى قدامنا ده هو بيت أهل المتهم لكنه مغلق منذ يوم الحادث ومفيش حد فيه خالص، لكن الجريمة حدثت عند الكرافانات، فاستكملنا السير على الأقدام حتى وصولنا إلى مكان الحدث ومن هنا بدأنا بسؤال بعض شهود العيان وبعض أهالي العزبة فظهرت أمامنا الكثير من المفاجآت رواها إلينا أهالي القرية.

 

بدأ محمود قائلاً: «إبراهيم أبو شنب» رجل في منتصف العقد الخامس من عمره يعمل مقاولا بإحدى المناطق الجديدة بأكتوبر والشيخ زايد، ميسور الحال، كان حلمه مثل كل الشباب بعد تخرجه العمل والزواج والاستقرار، فكانت بداية مشواره بعد التحاقه بالعمل هو العثور على بنت الحلال، فتزوج في العشرين من عمره من ابنة عمه، واتذكر أن يوم زفافهما تكلم عنه أهالي العزبة كلها، وبدأت حياتهما الزوجية الهادئة كأي زوجين  في هدوء واستقرار، كان الزوجان امامنا مثالا حيًا للبيت السعيد المستقر، وبعد أول سنه زواج بينهما انجبت له بنتا، ورغم أنه كان سعيدا بها إلا أنه تمنى الولد، وبمرور الأيام انجبت له زوجته ابنة أخرى، فإذا به يتغير سلوكه إلى النقيض تمامًا.

 

 بدأ يسلك طريق المخدرات دون داعِ، وسرعان ما انقلبت الحياة بينهما رأسًا على عقب وبدأت المشاكل التي لا حصر لها لأتفه الأسباب، وكأنه يعاقب زوجته ونفسه بإدمانه المخدرات لأنها لم تأت له بالولد، متناسيًا أنها إرادة الخالق يهب لمن يشاء الإناث ويهب لمن يشاء الذكور، فلم يتحمل الطرفان كثرة الخلافات وانفصلا عن بعضهما، وبعد مرور عامين تزوج من زوجته الثانية «نورا» وهنا بدأت الزوجة الثانية ترعى بناته حتى لقبت بـ أم البنات لحنانها واهتمامها بهن حتى كبرت البنات، لكن مرت الأيام والسنوات ولم تنجب الزوجة فقرر «إبراهيم» الزواج من ثالثة كونه يريد ولي العهد برغم تحمل «نورا» له ولمشاكله ولإدمانه المخدرات، بالفعل تزوج من «اية» التي كانت تصغره 15 سنة، جهز له كرافان آخر بجوار كرافان الزوجة الأولى، وبمرور أول سنه أنجبت له طفلا وقتها لم يتمالك «إبراهيم» نفسه، عمل احتفالا كبيرًا داخل العزبة لولي العهد الجديد، لكن يشاء القدر وتحمل «نورا» هي الأخرى وتأتي له بالولد، زادت السعادة في نفسه كون أصبح لديه ولدين إلا أنه مازال يسلك طريق تعاطي المخدرات بكل أنواعها، يستيقظ صباحًا يذهب إلى عمله ثم يعود ليجلس وسط زوجتيه على الغداء بعدها يبدأ طريق تعاطي السموم حتى يسقط غارقا في النوم.

 

وها هي تتوالى المفاجآت؛ منذ 7 شهور استقبل «إبراهيم» مفاجأة جديدة من زوجته الثانية حين أتت له بولد آخر، لكن برغم أن كان يفصل بين زوجتيه كل منهما بكرافان آخر، إلا أن الغيرة سيطرت على استقرار الأسرتين في بعض الأحيان، فدائمًا ما تحدث المشادات والمشاحنات بين الزوجتين، وفي أحد الأيام استيقظ الزوج متجهًا إلى عمله، وما هي لحظات يغادر فيها الزوج المنزل وتحدث بين الزوجتين مشادة كلامية انتهت بأن توعدت كل واحدة منها للأخرى بالشكوى لـ «إبراهيم» فور عودته من عمله، ومع غروب الشمس وبعد يوم عمل شاق وصل «إبراهيم» إلى كرافان زوجته الثانية التي لم تمهله لالتقاط أنفاسه وبدأت تبكي وتشكو له من سوء معاملة «نورا» وقتها طلب منها الابتعاد عنه كونه لا يستطيع التحدث، لتبدأ بينهما مشادة كلامية تطورت إلى اعتدائه عليها ولم تكن هذه المرة الأولى التي يعتدي فيها على زوجتيه.

إعدام

ليستكمل «مرسي» حديثه بمفاجأة من العيار الثقيل قائلاً: «إبراهيم» كان عليه قضية إعدام من وقت أحداث كردسة وأخذ براءة، لكن عليه قضية أخرى بـ 15 سنة سجنًا، لكن رغم كل ذلك كانت مشاجراته دائمًا مع زوجته أثناء عودته وهو متعاطي للمخدرات أو قبل تعاطيه في بعض الأحيان. 

يوم الثلاثاء الماضي استيقظنا صباحا كانت حوالي الساعة التاسعة ونصف صباحًا على صوت صراخ شديد من جانب الكرافانات المتواجدة في الأرض الزراعية، هرولنا جميعًا إلى هناك فوجدنا ابنة أخيه تقف وتلطم خديها وتتمتم بكلام غير مفهومة حاولنا تهدئتها حتى بدأت قائلة: «إبراهيم» قتل حريمه وهرب، حاولنا نفهم منها ما حدث، فروت لنا أنها أثناء ما كانت جالسة داخل الكرافان الخاص بها، عاد «إبراهيم» من عمله وطرق الباب للاطمئنان عليها كونها تجلس وحيدة بعدما تركت منزل زوجها لأنه دائم التشاجر معها، بعدها تركها وذهب إلى الكرافان لكن بدا عليه علامات تعاطيه للمخدرات، دقائق وبدأت تسمع صوت شجار بينه و زوجتيه بسبب تحضير الإفطار ومن هنا بدأ الصوت يعلو بينهم إلى أن سمعت دوي إطلاق رصاص هرعت معها وهرولت إلى الكرافان في محاولة لتهدئة الموقف بينهم، وبمجرد وصولي باب الكرافان، فإذا به يهرول ويغادر وآثار الدماء على جلبابه وعندما سألته «انت اتخنقت مع واحده من مراتتك»، فلم يجب عليّ واستقل سيارته وانطلق بسرعة جنونية كأنه يهرب من شيء ما، في هذه اللحظة تسرب الشك إلي بعدما سمعت صوت استغاثة من الداخل وبمجرد دخولي وجدت «نورا» زوجة إبراهيم الأولى جثة وسط بركة دماء وتجاورها ضرتها «اية» تصارع الموت وتطلب الاستغاثة، وقتها صرخت وتجمعنا فوجدنا تلك الكارثة، فطلبنا الإسعاف التي حضرت في الحال لتنقل الزوجة إلى المستشفى إلا أنها فارقت الحياة في الطريق، بينما حضرت الشرطة وبدأت بمعاينة مكان الحادث.


في الوقت ذاته مازالت النيابة تستمع لأقوال أسرتي المجني عليهما وأسرة المتهم لبيان ما كان يدور بينهم من خلافات دفعته لقتلهما، كما إن التحريات مستمرة للقبض على المتهم، بالإضافة إلى تكثيف الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة، جهودها لضبط المتهم حيث مازالت الأكمنة منتشرة لتتبع خطوط سير الزوج المتهم والأماكن التي يتردد عليها لسرعة ضبطه.