اتهامات بالسرقة .. محاكمة « موسيقى الإعلانات »

موسيقى الإعلانات
موسيقى الإعلانات

سارة الفارسي

سرقة، اقتباس، استغلال، تشابه.. كلمات اختلف عليها الموسيقيون في تحليل الوضع الحالي للأزمات داخل الوسط الموسيقي، خاصة بعد انتشار قضايا سرقة الألحان في أكثر من عمل سواء غنائي أو إعلاني، مثل ما حدث من أزمات في الموسم الرمضاني الجاري في أكثر من عمل دعائي مثل “حياة كريمة” و”بنك القاهرة” و”شركة أورنج”، في هذا التحقيق يوضح كبار النقاد الموسيقين تفاصيل الأزمة واقتراح الحلول المناسبة التى تساهم في القضاء على هذه الظاهرة في أسرع وقت.

 

في البداية يقول الموسيقار منير الوسيمي : “لابد من التفرقة ما بين “الجريمة والادعاء” وهناك جهات مختصة بالتحقيق في ذلك تحت مظلة القانون المصري الذي يحافظ على حقوق الملكية الفكرية ويعطي كل ذي حق حقه، ولكن المشكلة الحقيقية هي تنفيذ الأحكام وليس الحكم نفسه، يجب حل هذه المشكلة التى يحدث بسببها الكثير من المشكلات وعدم الوصول إلى حل جذري في هذا الأمر يزيد من الصعوبات التى ستواجهنا في كل مرة، فيجب وضع مدة للحكم والتنفيذ العادل للقضايا بحد أقصى ثلاثة أشهر حتى لا يحدث تراكم للقضايا، وأن يكون هناك أيضاً أجهزة للتنفيذ”.

 

بينما يقول الناقد الموسيقي صلاح عطية: “هناك من يقوم بـ “إستغلال اللحن” وذلك عن طريق الحصول على تصريح من جمعية المؤلفين والملحنين باستخدام لحن قديم في شق دعائي جديد، فيحصل كل من الجمعية وورثة الفنان صاحب اللحن المستخدم على حقوقهم المادية المتفق عليها من أجل إعادة استخدام هذا اللحن، وهذا هو أمر قانوني بشكل محترم ومنظم يقوم به البعض، وهناك أيضاً فكرة “التشابه” وذكرت كلمة “التشابه” وليست السرقة لأن السرقة لها عوامل لابد أن تكتمل منها “النوتة والجمل اللحنية المستخدمة”، لكن التشابه ما بين الألحان وسرعات النغمات لا تعتبر سرقة، وهذا أمر طبيعي وخاصة أن ما يتم العمل به من المقامات حاليا منذ سنوات في حدود الـ سبع مقامات من أصل أكثر من خمسين مقاما في الموسيقى العربية، ولهذا يشعر الجمهور بالتكرار والتشابه، فيقال أنها سرقة ألحان”.

 

ويضيف عطية: “ولكن أنا لا أنكر أن هناك بعض السرقات التى حدثت وتحدث حتى الآن، ولكن لا يوجد جهة رسمية كبرى تقوم بمثل هذا الفعل المشين لعلمها جيداً بالقانون، وذلك على عكس لون “المهرجانات” التى يوجد بها الكثير من المشكلات بسبب السرقات للألحان وعدم كتابة اسم ملحن على تتر الأغنية لعدم وجود ملحن من الأساس واستخدام جمل لحنية ذات حقوق ملكية فكرية مثل ما حدث في أغنية “بنت الجيران”، ورجوع الحق للفنان محمد حماقى الذي يحصل على جزء من الأرباح المادية من هذا التراك الموسيقى الخاص به”.

 

ويؤكد الناقد الفني أحمد السماحي: أن سرقة الألحان توجد منذ سنوات طويلة، وليست فقط قاصرة على شهر رمضان، يجوز أن تظهر بقوة في الشهر الكريم، لأنها عادة تكون مرتبطة بالإعلانات التى تتكرر كثيراً وبصفة منتظمة في الفواصل بين المسلسلات الدرامية، وكثرة السرقات اللحنية ترجع إلى أن معظم القائمين الآن على الموسيقي والألحان ينظرون إلى الأغنية على أنها سلعة استهلاكية قابلة للبيع والشراء، وليست شيئاً معنويا يخاطب الروح والوجدان.

 

ويتابع: “بالتالي يبيحون لأنفسهم السرقة لأن معظمهم “هواة موسيقى” وليسوا أصليين، والسرقة تكون باعتماد الإيقاع الموسيقي المستخدم في أغنية ما من دون الرجوع إلى صاحب العمل أو ذكره، وغالباً ما تعاد الجمل الموسيقية في حالات السرقة مع تغييرات طفيفة وتوزيع موسيقي يحاول باستخدام آلات معينة العمل على تغطية اللحن الأصلي”.


ويشير السماحي إلى أننا في عصر منفتح على مصراعيه بسبب وسائل التكنولوجيا الحديثة ومنصات السوشيال ميديا المختلفة، لذلك لا نتعجب حينما تحدث هذه السرقات، وينبغي أن يتم وضع حدود وضوابط لهذه السرقات في المحتوى الموسيقي حتى لا تصبح منتشرة في السوق، ويتم أخذها بأنها اقتباسات موسيقية وهي في الحقيقة سرقات موسيقية.

 

ويضيف: “أما بخصوص لماذا لا يوجد قانون قبل طرح العمل وليس بعده، لأن جمعية “الساسيم” العالمية المسئولة عن الحقوق والسرقات للمبدعين، لا تتدخل بإجراءات قانونية إلا بعد تعدي المبدع على آخر بعدد معين من المازورات الخاصة بالمقام الموسيقي للحن، ما بين 4 و5 موازير أي جمل موسيقية”.

“مولد وصاحبه غايب “ هكذا بدأ الموسيقار الكبير صلاح الشرنوبي كلامه حيث قال : أقصد من هذا التعبير أين حقوق الملكية الفكرية التي تأتي في المقام الأول للدفاع عن مثل هذه الأفعال التي لا تقتصر على السرقة فقط بل يوجد ما يسمى “بالقراصنة” المتخصصين في سرقة الأعمال الفنية.

 

 ويستكمل الشرنوبي ويقول: كما يوجد  أيضا ما يسمى “بالتأثر السمعي” أي التأثر بلحن معين، وهنا يقوم الملحن بالعمل على لحن معين رسخ في وجدانه منذ فترة طويلة دون ان يدري أنه مثل لحن عمل أخر، ولكن ذلك الأمر لا يعترف به اي قانون في العالم الذي لا يسمح لأي شخص أن يسطو على ابداع غيره مهما كانت أسبابه.