تقوى الله

أخرتها إيه؟!

جلال السيد
جلال السيد

أرسل لى صديقى العميد محمد زكريا رسالة مؤثرة تحتوى على مقالة كتبها الكاتب الكويتى عبدالله الجارالله قبل وفاته ورغم قسوتها إلا أنى أجد فيها عظة وعبرة لأى إنسان خاصة الذين نفوسهم ضعيفة يرون الدنيا وينسون الآخرة..

ويستطرد المرحوم كلماته فيقول سيقوم إخوانى بتجريدى من ملابسى ويغسلوننى ويكفنوننى ويمشون ورائى إلى مسكنى الجديد «القبر» ومن ورائهم سيأتى الكثيرون لتشييع جنازتى..

وسيجد أهلى أشياء سيتم التخلص منها مثل مفاتيحى وكتبى وحقيبتى وأحذيتى وملابسى إلخ وإن كان أهلى منفقين فسوف يتصدقون بها فقد «تنفعني» وأنا متأكد أن الدنيا لن تحزن علىَ ولن تتوقف حركة العالم والاقتصاد سيستمر ووظيفتى سيأتى غيرى ليقوم بها وأموالى ستذهب حلالا للورثة بينما أنا الذى سأحاسب عليها وأول ما يسقط منى عند موتى هو اسمى وسيقولون وقتها عنى «الجثة» وعندما يرددون الصلاة على سيقولون احضروا الجنازة وحينما يشرعون بدفنى سيقولون ادفنوا «الميت» ولن يذكروا اسمى وينسون نسبى وقبيلتى ومنصبى وشهرتى فما أتفه هذه الدنيا وما أعظم ما نحن مقبلون عليه..

فيا أيها الحى الآن أعلم أن الحزن عليك سيكون على ثلاثة أنواع الناس الذين يعرفونك سطحيا سيقولون مسكين اصدقاؤك سيحزنون ساعات أو أيامًا ثم يعودون إلى حديثهم بل وضحكاتهم أما الحزن العميق ففى البيت سيحزن أهلك أسبوعًا، أسبوعين، شهرًا، شهرين أو حتى سنة!!

وفى الآخرة ستجد أنه قد زال عنك الجمال والمال والصحة والولد والقصور والزواج ولن يبقى معك إلا عملك وبدأت الحياة الحقيقية والسؤال الآن ماذا أعددت لآخرتك لذلك لابد لكل إنسان أن يحرص على الفرائض والنوافل وصدقة السر والعمل الصالح الذى قمت به فى حياتك وسيجد الميت أن أهم ما سيبحث عنه الصدقة وإذا رجع إلى الدنيا فإنها ستكون له أكبر مكسب ويقول كما قال لنا ربنا «رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِى إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ» ولم يقل لأعتمر أو لأصلى أو لأصوم ولن يتذكر الميت إلا الصدقة وأثرها بعد موته..

وبعملية حسابية بسيطة ولكنها خطيرة فلو افترضنا أن إنسانًا عاش ٦٠ عامًا فلو نام ٨ ساعات يوميًا فى ٦٠ عامًا فقد نمت ٢٠ عاما وذهبت الى العمل ٨ ساعات فقد عملت ٢٠ عاما وطفولتى ١٥ عاما لو جلست على مائدة الطعام مرتين يوميا فى نصف ساعة فقد استهلكت ٣ سنوات من عمرك فى الطعام أى مضى عليك ٥٨ سنة وباق سنتين من الستين ولو نظرت فى كتاب الله ستجده ٦٠٠ صفحة على ٣٠ يوماً قراءة ٢٠ صفحة يوميا ومعك ٥ صلوات كل يوم.. إن كلام الله يستحق أن نربح من ورائه الآخرة بدلا من انشغالنا بهذه الدنيا.