مشروع تطوير لتلافى مشكلات التعديل المستمر فى طريقة التقويم

متى ينتهى كابوس الثانوية العامة المزمن؟

مشكلات سنوية  فى امتحانات الثانوية العامة
مشكلات سنوية فى امتحانات الثانوية العامة

كتب: أحمد جمال

◄خبراء المناهج: الوزارة قامت بمحاولات للتطوير طالت 50 % من المطلوب

◄قرارات التقويم تفتقر إلى المنهجية العلمية

أثار قرار وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى بإتاحة "كراسة المفاهيم" لتكون بديلاً للكتاب المدرسى والتابلت ضمن آليات إجراء امتحانات نهاية العام جدلاً واسعًا بين الطلاب الذين اعتادوا طريقة إعداد وتنظيم خوض الاختبارات النهائية من خلال الطريقة المطبقة سابقًا خلال السنوات الثلاث الماضية، ما دفع خبراء التربية الذين استطلعت "آخرساعة" آراءهم فى هذا التقرير للتأكيد على ضرورة أن يكون هناك خطة واضحة المعالم يجرى التوافق عليها مجتمعيًا وتطبق منذ بداية العام الدراسى منعاً لحدوث أى ارتباكات أثناء سير العام الدراسي.

 

ورفض مجلس الشيوخ قبل عام وبشكل نهائى مشروع قانون بتعديل قانون التعليم بشأن نظام الثانوية العامة وجرى سحبه من البرلمان، وكان ينص على أن تكون الثانوية العامة بنظام التقييم التراكمى على حساب المجموع النهائى للصف الأول والثانى والثالث الثانوى مع إتاحة تعدد النماذج الامتحانية متكافئة المستوى، وكذلك تعدد محاولات امتحان الثانوية العامة (المعروفة بالتحسين).

 

ولم تتقدم وزارة التربية والتعليم بمقترح بديل لتطوير منظومة الثانوية العامة حتى الآن واكتفت بإدخال تعديلات على مستوى أسلوب التقييم التى ليست بحاجة لتعديلات قانونية ما أفرز وجود امتحانات بنظام الأسئلة الجديدة التى هى قائمة على الاختيار من متعدد، وكان مقرراً أن تنعقد على أجهزة التابلت بشكل إلكترونى فى المدارس المجهزة للطلاب النظاميين، قبل أن تقرر الوزارة عقدها بنظام "البابل شيت" كما الحال بالنسبة لامتحانات العام الماضى، وكذلك كان من المقرر إلغاء التشعيب لطلاب العلمى (علوم ورياضيات) قبل أن تقرر الوزارة استمراره أيضًا.

 

وتكررت أزمة عدم تحديد الطريقة النهائية لأداء امتحانات نهاية العام الماضى هذا العام أيضًا، وفى العام الماضى جرى الاستقرار على عقدها ورقيًا عبر "البابل شيت" لتلافى أى مشكلات إلكترونية أثناء إجراء امتحانات نهاية العام، فى حين أن وزارة التربية والتعليم هيّأت الرأى العام لاستخدام "التابلت" فى التقييم، وهيمنت حالة من الغموض قبل قرار الدكتور طارق شوقى الأخير الذى حسم فيه أمر إجرائها بنفس طريقة العام الماضى بعد أن ألمح من قبل لإمكانية عقدها بالتابلت مع إدخال أسئلة مقالية إلى جانب أسئلة الاختيار من متعدد.

 

واتفق عدد من خبراء التعليم على ضرورة أن يكون هناك خطط واضحة محددة للتطوير قبل دخول الطلاب المرحلة الثانوية، مع أهمية عدم الاكتفاء بإدخال تعديلات على أساليب التقييم وأن يطال الأمر المناهج الدراسية أيضَا التى ترتبط مباشرة بطريقة الامتحانات، مع أهمية تدريب واضعى الامتحانات على الأساليب التى تقيس مهارات الطلاب التى تفرز قدراتهم الذهنية قبل الدخول إلى التعليم الجامعى، وكذلك إجراءات اختبارات تقييم أخرى للطلاب من جانب الكليات التى سيلتحقون بها على أن يكون ذلك ضمن إطار واحد للتطوير تتشارك فيه وزارتا التربية والتعليم والتعليم العالى.

 

وأكد الدكتور حسن شحاتة، أستاذ المناهج بكلية التربية جامعة عين شمس، أن ما تقوم به وزارة التربية والتعليم فى الوقت الحالى من إدخال تعديلات على طرق التقويم هو محاولات للتطوير كما أنها لم تطل سوى 50% فقط من التطوير الشامل للثانوية العامة الذى يجب أن يكون على مستوى طرق التدريس والمناهج والاختبارات التى تعقدها وزارة التعليم إلى جانب عدم الاعتداد بتلك الامتحانات فقط لدخول الجامعة والتعامل باعتبارها وسيلة غير كافية للانتقال إلى التعليم الجامعى الذى سيكون بحاجة إلى اختبارات أخرى للتعرف على مهارات الطلاب وميولهم قبل دخول الجامعة فى القطاع الطبى أو الهندسى أو قطاع العلوم الإنسانية.

 

إقرأ أيضاً | تعليم البحيرة يحصد مراكز متقدمة في مسابقات الإلقاء الشعري وأعياد الطفولة

وأكد الدكتور محمد فتح الله، رئيس وحدة التحليل الإحصائى بالمركز القومى للامتحانات، أن خطوات وزارة التربية والتعليم نحو اتخاذ القرارات الخاصة بالتقويم تفتقر إلى المنهجية العلمية، لأن الطلاب يجب أن يكونوا على دراية بنظام الامتحان ونسب تحقق الأسئلة من المناهج الدراسية التـــى قـــاموا باستذكارها وكذلك نوعيــــــة الأســـــئلة وتوفير نماذج للتدريب عليها منذ بداية العام الدراسى، وكذلك فإن الطلاب يجب أن يكونوا على دراية بتوقيتات الامتحانات والفوارق الزمنية بين كل مادة.

 

وأشار إلى أن التخطيط السليم يتطلب أن يكون هناك خطط محددة المدى وواضحة المعالم لتنفيذها ويمكن تشبيه الأمر بخطة التنمية المســـــتدامة 2030 التــــــى يجـــــرى تنفيذها على فترات بحيث يتم الانتهاء منها فى التوقيت المحدد، مع أهمية وجود رؤية واضحة والتعرف على العقبات التى تواجه عملية التنفيذ وكيفية حلها بما لا يضر الطلاب، مشيراً إلى أن الأجواء التى سبقت امتحانات العام الماضى تتقارب إلى حد كبير مع ما يحدث هذا العام.

 

وتساءل فتح الله: "هل أجرت وزارة التربية والتعليم دراسات عملية على نتائج ثانوية العام الماضى؟ ولماذا لم تعرض نتائجها وتحليلاتها العلمية على الدوائر الأكاديمية العلمية لتقييمها؟ إلى جانب تقييم بيئة الاختبار ذاتها سواء على مستوى توزيع الأسئلة على اللجان الامتحانية وطرق المراقبة والتصحيح الإلكترونى، وهل هناك أخطاء من الممكن تجاوزها هذا العام؟"، مشيراً إلى أن الاختبارات يجب أن تخضع للتقييم "السيكومترى" الذى يتيح التعرف على قدرة كل سؤال على حدة فى مختلف المواد على تحديد الفوارق العقلية والمهارية للطلاب.

 

وأوضح أن وجود مشكلات فى تطبيق الأسئلة المقالية لا يعنى إلغاءها بشكل تام لأن دخول الجامعة يجب ألا يكون مقصوراً على اختبار قدرات الطلاب من خلال أسئلة الاختيار من متعدد فقط التى تراجع استخدامها عالميًا ووجود شكاوى مع اعتماد التقييم على الحفظ الكامل لا يعنى إلغاء كافة أسئلة الحفظ، كما أن أزمات التصحيح البشرى ووجود أخطاء بها لا يستلزم إلغاءها بشكل نهائى، وكان من المفترض تدريب المعلمين على أسس التقدير السليمة وكذلك تدريب واضعــــــى الامتحانات عـــــــلى وضع أسئلة تصل إلى عقول الطلاب بفهم واحد ما يفتح الباب أمام وجود إجابات مختلفة لسؤال واحد ومن ثم تنشب مشكلات أخطاء المصححين.

 

وشدد على أن استخدام طريقة "الأوبن بوك" فى اختبارات الثانوية العامة محل جدل بين كثير من خبراء التربية لأن مفهوم تلك الاختبارات يعنى وجود أسئلة امتحانية لا يمكن حلها إلا مع استخدام المفاهيم الموضوعة فى الكتاب أو التابلت أو ورقة المفاهيم، وليس المفهوم الشائع التى تظهر فيها الوزارة كمن يتحدى الطلاب فى قدرتهم على الغش، كما أن إقرار وضع الأسئلة لتتماشى مع "الأوبن بوك" أمر معقد للغاية وفى حاجة إلى تدريبات متطورة لواضعى أسئلة الامتحان لإنجاح التجربة والاستفادة منها.

 

وأكد الدكتور محسن فراج رئيس قسم المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة عين شمس، أن تطبيق الإجراءات الجديدة حينما يكون بشكل فجائى فإنها تحدث ارتباكاً فى الوسط التعليمى ما بين الطلاب الذين يكون لديهم رغبة فى التطور لكن شريطة أن يكون ذلك معلناً بشكل مسبق ووفق جدول زمنى معروف لتطوير العملية التعليمية.

 

وكان الدكتور طارق شوقى قد أكد أن وزارته لم تلغ نظام الأوبن بوك (OpenBook) المستخدم فى الامتحانات كما يتردد، وأنها فقط استبدلته بما يسمى كراسة المفاهيم، وشرح الوزير، فى منشور عبر حسابه الرسمى بـ"فيسبوك"، ما تم التعارف عليه بشأن نظام الأوبن بوك، فقال إنه مصطلح أجنبى تكمن فلسفته فى وجود مصادر مع الطلاب تغنيهم عن الحفظ، وهذا يتحقق بوسائل متنوعة من ضمنها ما يسمى "كراسة المفاهيم"، وأكد الوزير أن "كراسة المفاهيم" مصدر ثرى للمعلومات أيضًا بديل عن الوسائل الأخرى. بينما وعد بشرح وافٍ لهذا النظام قريبًا.

 

ومن المقرر أن تبدأ  امتحانات الثانوية العام يوم الإثنين الموافق 20 يونيو 2022 وتستمر حتى الخميس 21 يوليو 2022، تكون الامتحانات ورقية والإجابة بنظام (البابل شيت)، على أن تكون الأسئلة بنظام اختيار من متعدد فقط، ويتسلم الطالب ورقة مفاهيم ولا يجوز اصطحاب الكتاب المدرسى أو التابلت.