ألف ليلة وليلة

يحيى الفخراني: هذه قصتي مع الـ 40 حرامي

يحى الفخرانى
يحى الفخرانى

ريزان العرباوي

كان ياما كان.. إنسان فقير غلبان.. سارح يبيع حلقان.. اسمه على بابا.. فى عام 1995 تعاون المؤلف يسرى الجندى مع المخرج جمال عبد الحميد لتحويل حكاية من حكايات التراث الشعبى العربى المجمع فى كتاب «ألف ليلة وليلة» لتقديمها تلفزيونيا بمشاركة يحى الفخرانى، فكنا على موعد مع حكاية «على بابا والأربعين حرامى». 

نستعيد ذكريات حكاية على بابا الغلبان وقاسم أخوه الجبان وعصابة الأربعين حرامى وكبيرهم شومان وكنوز المغارة التى تفتح أبوابها بكلمة السر «افتح ياسمسم».

استمر تقديم حكايات ألف ليلة وليلة على التلفزيون، وكما شكلت الحواديت ذات الجمل المسجوعة سحرا لآذان شهريار كانت عنصر جذب للفنانين والفنانات لتقدم بصيغ متعددة وقوالب مختلفة، فألهمت شخصية شهرزاد الكثير من المؤلفين حيث تم إنتاج العديد من المسلسلات المصرية التى تحكي قصة شهريار وشهرزاد، وتبدل على «ألف ليلة وليلة» أسماء كتاب مثل نادر خليفة ومصطفى حافظ وعبدالسلام أمين، وظهر مخرجون مثل عادل مكين مساعد فهمي عبدالحميد وعمرو عابدين ورباب حسين.

 

وفى مطلع التسعينيات عاد الثنائى أحمد بهجت وعبد العزيز السكرى لـ»ألف ليلة وليلة» بقصة «ست الحسن» بطولة يوسف شعبان وإيمان الطوخي، روت من خلالها مجموعة من القصص من بينها «ست الحسن، بنت السلطان، الأمير مسحور، الملك يونان» امتازت بطابع غنائى استعراضى.

 

كما شاركت بوسي ومحمد رياض في حكايات ألف ليلة وليلة، بعنوان «ذات المال» من تأليف عبد السلام أمين وإخراج رباب حسين، لتعيد التجربة معهما فى حلقات جديدة وحكايات أسطورية خيالية، بعنوان «ذات الخال» ولكن بمشاركة ماجد المصرى.

 

 وفى عام  1995 كان اللقاء مع حكاية على «بابا والأربعين حرامى» التى تعتبر من أبرز ما قدم من سلسة «ألف ليلة وليلة» فى تلك الفترة، وعندما يذكر اسم مسلسل «على بابا والأربعين حرامى» نتذكر على الفور الفخرانى الذى لعب دور شهريار ودلال عبد العزيز التى لعبت شهرزاد، تلك الفتاة الجميلة التى تستحوذ على اهتمام شهريار بحكاياتها طوال 30 يوما لتنقذ نفسها من السياف مسرور، كما نتذكر كلمة السر «افتح يا سمسم» التى كان يستخدمها الـ40 حرامى، وظهور علاء مرسى الذى لعب دور الجن سمسم حارس المغارة وصديق الأربعين حرامى الوفى الهارب من ظلم ملك الجان الذى أمر بسجنه هو وأسرته لرفضه زواج شقيقته من أمير الجان.

 

ويحكى أن حطاب فقير يدعى على بابا عاش قديما في إحدى مدن بلاد فارس، وعانى من ظلم وبطش أخيه قاسم الذى وصل لحد استبداله ابن على بابا بابنته، وتبدأ الحكاية.

 عندما توفي والدهما، تزوج قاسم من ابنة تاجر ثري، وتزوج علي من امرأة تدعى مرجانة وكانت فقيرة لكنها ماهرة جدا في الوقت نفسه، وكسب علي بابا قوت يومه من جمع الأخشاب في الغابة.

 

وفي أحد الأيام، بينما كان علي بابا يحمل أخشابه على حماره ليأخذها إلى المدينة، سمع صوت حوافر خيول، ورأى أربعين فارسا يقتربون فأسرع واختبأ في الأحراش، وعندما اقترب الرجال من صخرة كبيرة صاح قائدهم «افتح يا سمسم»، وظهر فجأة في الصخرة باب عريض يؤدي إلى كهف توجه الأربعون لصا إلى الداخل، وانغلق الباب خلفهم وبعد فترة قصيرة فتح الباب مرة أخرى، وغادر الرجال. 

 

وعندما تأكد علي بابا من مغادرتهم اقترب من الصخرة وكرر الكلمات «افتح يا سمسم» ظهر الباب ودخل علي بابا، فوجد نفسه في غرفة ضخمة مليئة بالسجاجيد الجميلة، ولفائف الحرير، وأكوام الذهب والجواهر، عبأ أكبر قدر يمكن حمله من العملات الذهبية، وعاد إلى زوجته، وعندما اقترض ميزان من أخيه ليزن الذهب، أثار الأمر فضول زوجة أخيه، فغطت الميزان بطبقة من الشمع لتجد عند عودته عملة معدنية ملتصقة به، فأخبرت زوجها، فذهب قاسم لمعرفة الحقيقة من أخيه، الذى أخبره بكل شيء، وذهب قاسم إلى الكهف وحده وكرر «افتح يا سمسم» ودخل مذهولا بكل الثروات التي رآها أمامه، وقضى وقتا طويلا يجمع كل ما يمكن حمله، ولكن الباب كان قد أغلق خلفه، فصاح قاسم قائلا: «افتح يا سمسم»، ظل الباب مغلقا، بعد أن نسى كلمة السر، وحبس بالداخل وفي اليوم التالي عثر عليه الأربعون لصا، فتخلصوا منه سريعا.

 

عاد على بابا للكهف من جديد لأخذ المزيد من حقائب الذهب، حتى بدأ اللصوص يلاحظون اختفاء بعض ذهبهم، وبعد فترة قصيرة تمكن أحد اللصوص من الوصول إلى باب علي بابا، وميز الباب بالطباشير الأبيض.

 

رأت مرجانة علامة الطباشير على الباب، وأحست بخطر ما، فأخذت قطعة من الطباشير الأبيض ووضعت علامة على كل الأبواب الأخرى في المدينة، وفي هذه الليلة عاد الأربعون لصا إلى المدينة، عازمين على قتل علي بابا، لكن عندما وجودوا أن كل الأبواب عليها علامات بالطباشير الأبيض، أصابهم ارتباك شديد.

 

وفي اليوم التالي تمكن الزعيم ثانية من الوصول إلى باب علي بابا وحرص على أن يتذكره هذه المرة، ثم عاد إلى الكهف وأعد الأربعون لصا جرارا كبيرا ليختبئوا بداخله وملأوه ببذور الخردل، ذهب الزعيم إلى المدينة مدعيا أنه تاجر زيت، وعندما وصل إلى منزل علي بابا، وطرق عليه متوسلا أن يسمح له بالدخول، اصطحب علي بابا الرجل إلى الداخل، ولكن مرجانة استطاعت أن تكشف امرهم وخدعتهم، فدخلت إلى المطبخ، وسكبت بعض السم في كوب الماء، وقدمته لزعيم اللصوص الذي شربه وسقط أرضا على الفور، وأخبرت على بابا عن اللصوص التسعة والثلاثين المحبوسين في الجرار بالخارج، وتمكنت من سكب الزيت عليهم والتخلص منهم.

لم تكن قصة «علي بابا والأربعين حرامي» واردة في النسخة الأصلية من «ألف ليلة وليلة» بل ضمها إلى المجموعة في القرن الثامن عشر المستشرق الفرنسي أنطوان غالان، الذي سمعها بدوره من رفيقه الحلبي الحكواتي حنا دياب، وأوحت القصة لكثيرين من الأدباء حول العالم الذين أعادوا صياغتها.

قدم يسري الجندي ثلاثية «ألف ليلة وليلة» للتليفزيون المصري، وتعاون فيها مع المخرجين سمير سيف وأحمد خضر وجمال عبد الحميد، ليحكي ثلاث قصص من الفلكلور العربي هم «علي بابا والأربعين حرامي، السندباد ومعروف الإسكافي».

عرف الجندى بولعه الشديد للتراث الشعبى فاستلهم من «ألف ليلة وليلة» حكايات طرحت مفردات الخطاب الفني المستلهم من مفردات التراث وعبقه وزخمه الروحي، بجانب ما يطرح من قضايا، مجتهدا في تقديم دراما تستلهم التراث برؤى معاصرة في عدة أعمال، منها مسلسلان لألف ليلة، اختار البدء في أولهما بالحكاية الإطارية «شهرزاد وشهريار» مؤكدا علاقة الرجل بالمرأة في امتدادها وتسلطها الذكوري الأحادي الرؤية، ومحاولة شهرزاد اقتحام عقلية شهريار لتزيل استبداده.

 

تميز العمل بتتر غنائى بكلمات بسيطة خفيفة الظل حقق نجاح وشهرة كبيرة وقتها، الأغنية من غناء حسن فؤاد وموسيقى وألحان عمار الشريعي، أشعار سيد حجاب.

ويقول مطلغ الأغنية: «على يا على.. ياعترة يا فولالى وحياة سيدنا الولى فين أنت ياعلى».

شارك فى البطولة إلى جانب الفخرانى ودلال عبد العزيز مجموعة من الفنانين منهم أحمد مظهر، زوزو نبيل، محمود الجندي، ماجدة الخطيب، عزت أبو عوف، السيد راضى، علاء مرسي، سلوى عثمان وأحمد السقا.

فى فترة التسعينيات تخلى صناع الدراما عن المقدمة الكارتونية واستهلال الحلقات بصوت زوزو نبيل ليأتى سرد حكايات شهرزاد على لسان بطلات الأعمال، كما استغنى البعض عن المقطوعة الموسيقية التى ارتبطت بها لسنوات منذ بدايتها فى الإذاعة لمؤلفها ريمسكى كورساكوف.

فى العام التالى أعادت دلال عبدالعزيز التجربة، ولكن بمشاركة أحمد عبد العزيز فى حكاية بعنوان «حكايات فضل الله ووردانة» عن فراقهم والمغامرات التي يتعرضون لها حتى اجتماعهم مرة أخرى، العمل من إخراج عبدالعزيز السكري، وتأليف نادر خليفة.