الدين معاملة

الداعية أحمد تمام: هكذا كان يستقبل الرسول العشر الأواخر من رمضان

الداعية أحمد تمام
الداعية أحمد تمام

شريهان نبيل

“أوشك شهر رمضان على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن كان قد أحسن فعليه بالتمام، ومن كان قد فرط فليختمه بالحسنى، فالعمل بالختام واستودعوه عملا صالحا يشهد لكم به عند الملك العلام”.. هذه كانت كلمات الداعية أحمد تمام لـ”أخبار النجوم” مع إقتراب نهاية الشهر الكريم، الذي مرت أيامه – كالعادة – سريعا علينا.. وفي السطور التالية يتحدث تمام عن العشر الأواخر في رمضان، والإستعداد لليلة العيد .

ما الأشياء التي يجب أن يفعلها المسلم في العشر الأواخر من رمضان؟

على العاقل أن يتيقظ لإغتنام ما بقى في رمضان من أيام، فإنها تمر مسرعة مرور الكرام، ولنجتهد فيها بالعمل الصالح، فإنما هي أيام معدودة تمر مر السحاب، ونودعه بتمام الصيام والقيام، والبر والإحسان، وتلاوة القرآن، حتى نقابل نعم ربنا بالشكر له والإمتنان، وننهي نفوسنا عن مقارفة الهوى والآثام، حتى نفوز بالدرجات الحسان.

 ماذا كان يفعل النبي في العشر الأواخر؟

كان نبينا - صلى الله عليه وسلّم - يجتهدُ بالعملِ الصالح في العشر الأواخر، أكثرَ مِن غيرها، فعن عائشةَ - رضي الله عنها – قالت: “كان النبيَّ - صلى الله عليه وسلّم - يجتهدُ في العَشْرِ الأواخِرِ ما لا يجتهدُ في غيرها، وكان إذا دخلَ العَشرُ شَدَّ مِئزره، وأحيى ليلَه، وأيقظ أهله”، وهذا فيه دليلٌ على فضيلةِ هذه العشرِ، وأنه ينبغي للمسلم أن يقوم فيها بجميع أنواع العبادةِ من صلاةٍ وقرآنٍ وذكرٍ وصدقةٍ وغيرِها، فهي فرصة لا تعوَّض للمسلم بإجتماع تلك الطاعات في تلك الليالي المباركات، لذا كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلّم - يُوقِظُ أهلَه في هذه العشر للصلاةِ والذكرِ، حِرْصاً على اغتنامها، ولأنَّها نعمة كبيرة لمنْ وفَّقه الله لإدراكها والاجتهاد فيها. 

 ما أفضل ما يدعو به المسلم في ليلة القدر؟

أفضل ما يدعو المسلم به في هذه الليلة خاصة، وفي شهر رمضان عامة، هذا الدعاء الذي أوصى به رسول الله السيدة عائشة - رضي الله تعالى عنها - في ليلة القدر، حين سألته: “يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ، مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: قُولِي: (اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ، تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي)”، وهذا أفضل ما يدعو المسلم به ليلة القدر ويستكثر فيه المسلم من الدعاء ويسأل ربه من خير الدنيا والأخرة.

 ماذا عن زكاة الفطر في رمضان؟

قبل أن نودع رمضان لابد من إخراج زكاة الفطر، أو صدقة الفطر، وهي شريعة مباركة من شرائع الإسلام العظيم، شرعها الله الحكيم العليم، وكل شرائع الله فيها الحِكْمة، وزكاة الفطر فيها حِكَمٌ ظاهرة جلية، إذ يعود خيرها على الصائم نفسه، فهي تطهير لصيام المؤمن، مما يكون قد اعتراه من خلل ونقص وتقصير، فتجبره زكاة الفطر، وتنقيه، وتزكيه، حتى يعود أكمل ما يكون، فلله الحمد والمنة.

 ما خصوصية زكاة الفطر؟

زكاة الفطر لها خصوصية تختلف عن سائر الزكوات، فهي لا تجب على المكلف فقط، بل تجب زكاة الفطر على جميع المسلمين حرٍّ أو عبدٍ، أو رجل أو امرأة، صغيرٍ أو كبيرٍ، ودليل ذلك، حديث أبن عمر في الصحيحين، وفيه فَرَضَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم – “زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: حرٍّ أو عبدٍ، أو رجلٍ أو امرأةٍ، صغيرٍ أو كبيرٍ”، كما أن زكاة الفطر لا نصاب لها كسائر الزكوات، فمن ملك ما مقداره صاعًا من الطعام زائدًا عن حاجته يوم العيد، فقد ملك النصاب، ولذلك لا تتعلق زكاة الفطر بالأغنياء، بل قد تجب على متوسطي الحال، وكذلك الفقراء والمساكين طالما أنهم يملكون قوت يومهم وليلتهم.

 كيف نستقبل العيد؟

العيد هو المكافأة الربانية والنعمة الإلهية والعطية الكبرى لمن أتم الصيام والقيام بالفرحة الكبرى فرحة العيد التي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -عنها كما في صحيح مسلم “للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقى ربه فرح بصومه”، فرحة انتصارك على نفسك الأمارة بالسوء، وفرحة انتصارك على شهواتك وشبهاتك، وفرحة الملائكة بك، وكما جاء بمعجم الطبراني عن سعيد بن أوس الأنصاري عن أبيه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان غداة الفطر وقفت الملائكة في أفواه الطرق فنادوا يا معشر المسلمين أغدوا إلى رب رحيم يمن بالخيرات ويثيب عليه الجزيل، أمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم، فإذا صلوا العيد نادى مناد من السماء أرجعوا إلى منازلكم راشدين قد غفرت ذنوبكم كلها ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة)”، فالواجبَ علينا فيه أن نفرح بعيدنا “لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهذَا عِيدُنَا”، وأن يكون هذا الفرحُ مضبوطًا بشريعة الله – َتَعَالَى - فلا يكون فرحُه ذلك داعِيًا له إلى أن يتجاوزَ حُدُودَ الشَّرع, بل واجب عليه أن يحمد الله في هذا العيد، وأن يسأل الله تَعَالَى المزيدَ من فضله، وأن يسأل الله تَعَالَى أن يَعُمَّهُ بِعَفْوِهِ وفضلِه وأن نحيه بالتكبير الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، والتهنئة به والخروج للصلاة في المصلى رجالا ونساء.

 نرى كل عام وجود إختلاط في بعض المساجد أثناء صلاة العيد.. ما صحة ذلك؟  

صلاة العيد سنة مؤكدة في حق الرجال والنساء، فقد أمر النبي النساء بالخروج حتى يشهدوا صلاة العيد، فعَنْ أُمِّ عَطِيَّة- رضى الله عنها - قَالَتْ: “أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ يَوْمَ العِيدَيْنِ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ، وَدَعْوَتَهُمْ وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ”، وفى رواية أخرى “أَمَرَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ نُخْرِجَ العَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الخُدُورِ وَيَعْتَزِلْنَ الحُيَّضُ المُصَلَّى”، فلا مانع شرعا من خروج النساء لصلاة العيد بالضوابط السابقة، أسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال.