بدون تردد

العالم فى أزمة (1)

محمد بركات
محمد بركات

أحسب أنه بات واضحاً ومؤكداً قيام كل الدول باتخاذ العديد من الإجراءات اللازمة والضرورية، للتعامل مع الأزمة الاقتصادية الحادة والمتصاعدة، التى تواجه العالم كله الآن ومنذ نهاية فبراير الماضى، تحت وقع وتأثير الحرب الروسية الأوكرانية، فى ظل العقوبات الاقتصادية غير المسبوقة التى فرضتها امريكا والدول الغربية على روسيا، وانعكاساتها على كل دول العالم شرقاً وغرباً، والتى طالت الكل حتى الدول التى فرضتها.


وإذا كانت هناك من صفة مشتركة بين الاجراءات الاستثنائية المتنوعة والمتعددة التى اتخذتها الدول فى مواجهة الأزمة فإن هذه الصفة هى بالقطع محاولة الحد من الإسراف العام والسيطرة بقدر الامكان على الاستهلاك وترشيده قدر الاستطاعة، ووضع ضوابط للسيطرة على الاستيراد والعمل على زيادة الانتاج بكل الوسائل المتاحة والممكنة، والاعتماد على الذات والمنتج المحلى فى توفير وإتاحة الحاجات الأساسية للمجتمع والمواطنين على وجه العموم.


وإذا كانت تلك هى مجموعة الاجراءات التى اتخذتها الدول أو تسعى لاتخاذها، لمواجهة الأزمة ومحاولة التعامل الجيد معها للنجاة من آثارها الضارة وانعكاساتها السلبية، فإننا يمكن أن نضعها كلها تحت عنوان واحد شامل جامع، وهو أنها إجراءات تقشفية،...، وهى كذلك بالفعل.


والازمة المضطربة التى يعيشها العالم حاليا لها صور وجوانب متعددة، لعل أبرزها هو ما يتعلق بالجوانب والتطورات العسكرية والسياسية، المرتبطة بالحرب الدائرة على الاراضى الأوكرانية حاليا، وما نجم عنها من انقسام العالم بين متفهم لدواعى وأسباب الموقف الروسى، وبين مؤيد للموقف الأمريكى والغربى المضاد لروسيا والساعى لغرقها واستنزافها فى المستنقع الأوكرانى.


ولكن رغم أهمية وبروز تلك الجوانب العسكرية والسياسية، إلا أن الأكثر تأثيراً على العالم هى الجوانب الاقتصادية، والتى امتد تأثيرها وانعكاسها على العالم كله دون استثناء، والتى تمثلت فى أزمة غذاء طاحنة، أصابت دولا عديدة فى افريقيا والشرق الأوسط وآسيا وأوروبا وغيرها من الدول، فنتيجة النقص الشديد فى الحبوب وخاصة القمح والذرة والفول وغيرها، مصحوبة بارتفاع شديد فى الاسعار بصفة عامة وشاملة.


وهكذا أصبح العالم ونحن جزء منه يعيش فى ظل أزمة اقتصادية شاملة وعامة، وسط معاناة شديدة من ارتفاع مفاجئ فى أسعار الطاقة والمحروقات من البترول والغاز، ونقص وخلل فى الامدادات للسلع الغذائية، واضطراب شديد فى سلاسل التوريد وخلل فى حركة التجارة العالمية بصفة عامة، مع حالة ركود وتضخم عالمى شامل.


وللحديث بقية