ليس هناك أجمل من صديقٍ وفى، لكنه حين يرحل ويغادرنا فإنه يترك جرحًا غائرًا فى نفوسنا يصعب التئامُه، ويظل عزاؤنا أن له قدرا كبيرا من الحب فى وجدان كل من عرفه، وصلواتٍ لا تتوقف لأجله.
قبل أيام، هاتفتنى صديقتى، رانيا الكردى، وهى ناشطة معروفة فى مجال حقوق الحيوان، تسبقها أناتُها قبل كلماتها، وتختلط دموعها بحلو الذكريات مع صديق وفى هو الدكتور رفيق ناشد، أحد أشهر الأطباء البيطريين فى مصر.. لقد رحل الرجل مخلفًا وراءه إرثًا هائلًا من المواقف النبيلة.
بحكم قُربى من الناشطين فى دائرة حقوق الحيوانات، حيث أجريتُ على مدار سنواتٍ عشرات التحقيقات التى تناولت قضايا تمس أوضاع هذه الكائنات الأليفة، فقد لمستُ كم التعاطف الكبير مع هذا الطبيب الطيب، خصوصًا بعد نبأ وفاته المفجع، إذ تدفَّقت مئات التعازى على صفحات السوشيال ميديا فى وداع من وصفوه بـ«الرجل النبيل».
روت لى صديقتى رانيا مواقف عديدة للدكتور رفيق، فقد كان له نصيب وافر من اسمه.. كان خير رفيق لبنى الحيوان مثلما كان خير رفيق لأصدقائه من البشر، لا يتأخر فى إغاثة أحدٍ يتألم أليفُه، ورغم أن عيادته فى منطقة الزمالك، فإنه كان يتحامل على نفسه، ويذهب فى أحيان كثيرة بنفسه إلى مناطق أخرى بعيدة لإنقاذ روحٍ بريئة.
تذكرتُ طبيب الغلابة الراحل الدكتور محمد مشالى، وكيف ترك أثرًا طيبًا فى قلوبنا جميًعا، لأنه رفض الملايين واكتفى بمساعدة الفقراء فى عيادته البسيطة، وأدركت أن هناك أيضًا طبيب غلابة من نوعٍ آخر، اختار أن يغيث غلابة بنى الحيوان حتى إذا كان صاحب الحيوان غير قادر ماديًا، لقد كان أعظم مقابل يتقاضاه أن يرى حيوانًا بلا ألم.. وداعًا أسطورة الرحمة والإنسانية.. وداعًا خير «رفيق».