انتهاء الأزمة الدستورية فى باكستان.. والتحديات لا تزال قائمة !

شهباز شريف رئيس وزراء باكستان
شهباز شريف رئيس وزراء باكستان

كتبت : سميحة شتا

بعد شهر من الأزمة السياسية فى إسلام أباد، نجحت أحزاب المعارضة الباكستانية فى الإطاحة برئيس الوزراء عمران خان فى اقتراع لسحب الثقة فى الأسبوع الماضى و اختيار السياسى المعروف شهباز شريف، زعيم حزب الرابطة الإسلامية رئيساً.


وجاءت العملية بعد أن أعاقت المحكمة العليا الباكستانية محاولات سابقة من قبل حكومة حزب خان باكستان « الانصاف» لرفض الاقتراح والانتقال مباشرة إلى انتخابات جديدة. ولا يزال خان متحديًا على الرغم من الإطاحة به ، مدعياً وجود مؤامرة دولية ضده واستنكار منافسيه وأعضاء الحزب المنشقين على أنهم خونة للبلاد.

ويستمر أتباعه فى التجمع فى جميع أنحاء البلاد.. وكان خان قد اتهم الولايات المتحدة بدعم اقتراح سحب الثقة ضده ، واتهم خصومه بالتآمر مع الولايات المتحدة وسعى إلى وضع نفسه كمدافع عن استقلال السياسة الخارجية للبلاد.

ويرى مراقبون ان اتهام خان المباشر لواشنطن بتدبير عملية للإطاحة به من الحكم، يقف وراءها عدد من الأسباب منها رفضه الشديد لوقف الدعم لحركة طالبان الأفغانية،. أيضا تقاربه مع الصين.

وانضِمامه إلى مبادرتها الحزام والطريق وتوقيعه معاهدة تعاون اقتصادى معها تبلغ قيمتها الأولية حوالى62 مليار دولار، كما تتهمه واشنطن بإقامة علاقات استراتيجية قوية مع إيران، وتقديم مساعدات لتطوير برامجها النوويّة. ايضا قيام خان بزيارة رفيعة المستوى إلى موسكو فى أواخر فبراير مخططة قبل وقت طويل من الغزو الروسى لأوكرانيا فى محاولة للحصول على مساعدة روسية فى مجال الطاقة. على الرغم من دخول القوات الروسية لشرق أوكرانيا فقد أصر على القيام بالرحلة فى تحد لواشنطن ، مما أغضب الكثيرين فى المؤسسة الباكستانية. لذا من المرجح أن يتراجع رئيس الوزراء الجديد عن أى تواصل مع روسيا ويذعن للجيش بشأن قضايا السياسة الخارجية الشائكة هذه. خاصة فى ضوء اهتمام قائد الجيش باجوا ورئيس الوزراء شهباز شريف بالحفاظ على علاقة واقعية مع كل من الولايات المتحدة والصين ، والانفتاح على بعض التقارب مع الهند.


ربما تكون الأزمة السياسية فى البلاد قد خفت حدتها، لكن هناك الكثير من التحديات التى تواجه الحكومة المقبلة، فإذا كانت المعارضة فى باكستان قد وحدت صفوفها للإطاحة بحكومة خان، فإن ذلك لا يعنى بالضرورة استمرار حالة الوحدة فيما بينها، ومن ثم قد تظهر خلافات فى المستقبل بعد اختيار شهباز شريف لرئاسة الحكومة. وربما يقال إن استمرار خان ومناصريه فى الحلبة حتى بعد الإقالة، من شأنه أن يُبقى على وحدة المعارضة التى باتت تمتلك السلطة، فيما تحول حزب عمران «الإنصاف» إلى صفوف المعارضة.


يمكن أن يؤدى عاملان إلى تعقيد الديناميكيات المدنية العسكرية فى ظل حكومة شهباز شريف الجديدة. أولاً، على المدى القريب، يجب أن يتعامل باجوا مع احتمال جدى لرد فعل عنيف من داخل الجيش على الإطاحة بخان. يبدو أن كثيرين فى سلك الضباط يتعاطفون مع نظرة خان الشعبوية للعالم ويشاركونه ازدراءه العام للقادة السياسيين للتحالف الحاكم الجديد.. ثانيًا، سيتعين على الحكومة الجديدة أن تقرر من سيخلف باجوا فى منصب قائد الجيش فى وقت لاحق من العام.. تمديد ولاية باجوا مرة أخرى يمكن أن يؤدى إلى تفاقم الغضب بين القيادة العليا للجيش التى تنتظر تغييرات جديدة.


حكومة شهباز شريف ستواجه تحديات كبيرة، منها مشكلة تراكم الديون وتسارع التضخم وضعف العملة الوطنية «الروبية»، وإصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة، التى أثار عمران خان عداءها خلال فترة ولايته.


فى حالة عدم وجود تعاون وثيق وتقاسم للسلطة بين الائتلاف الحاكم الجديد، أو تدخلات أقوى من قبل المؤسسة العسكرية أو القضائية فمن المرجح أن تكون الحملة الانتخابية التالية أكثر انقساما وتعددية حزبية من انتخابات 2018. ومن المفترض أن يظل شهباز رئيسا للوزراء حتى اجراء الانتخابات المقبلة المقررة فى أكتوبر 2023.


اقرأ ايضا | ولي العهد السعودي يؤيد الحل السياسي للأزمة الأوكرانية بما يحقق الاستقرار