بسبب الحرب.. أوكرانيات فى سوق النخاسة الإسرائيلية

لاجئات أوكرانيات
لاجئات أوكرانيات

خالد حمزة

تقرير صادم بثته القناة 12 الإسرائيلية، كشف محاولات لإقناع لاجئات أوكرانيات بالعمل فى الدعارة، وأكد التقرير أن هذه الظاهرة بدأت قبل وصول اللاجئات من أوكرانيا، وأشارت القناة إلى أن رجالاً خارجين عن القانون من عصابات المافيا المحلية والدولية، يحاولون التواصل مع اللاجئات منذ وصولهن إلى مطار بن جوريون أو من خارج فندق دان بانوراما فى تل أبيب، الذى يتم إرسال اللاجئين الأوكرانيين إليه بعد الوصول إلى إسرائيل.

وأوضح التقرير أن ما يزيد عن مائة امرأة من اللاجئات الأوكرانيات، تحدثن عن رواية واحدة "رجل إسرائيلى يحمل المواصفات نفسها، تواصل معهن أثناء وجودهن فى أوكرانيا، وعرض عليهن المال لمساعدتهن على الهروب من مناطق الحرب، ودفع أموال وعبور الحدود والوصول الى إسرائيل، وعندما وصلن الى تل أبيب، ادعى أنه من أجل تسديد المال المستحق عليهن، عليهن العمل فى بيوت الدعارة أو العمل كخادمات بالمنازل. 

 

وأكدت القناة فى تقريرها، أن تفاصيل هذا الشخص وصلت لسلطة الهجرة والسكان، حيث يشتبه فى أن الواقعة جزء من عمل منظم لشبكة كبيرة، وليس من شخص واحد، وأن الأمر الآن قيد التدقيق من جانب الوزارات المعنية، ومحور لمناقشات وطلبات إحاطة من جانب أعضاء الكنيست الإسرائيلى المعارضين لرئيس الوزراء الإسرائيلى بينيت، الذى تواجه حكومته مصاعب أمنية داخليا، ومطالبات بإسقاط حكومته بعد انسحاب مؤيدين له منها، ومن المفترض أن ينتقل التحقيق إلى الشرطة الإسرائيلية التى اعتبرت الأمر خطيرًا للغاية، ومن المتوقع أن تبدأ توزيع كتيبات لتوجيه اللاجئات اللواتى يصلن إلى إسرائيل، وتوفير المعلومات لهن وأرقام هواتف للحالات الطارئة والجهات التى عليهن الاتصال بها، إذا تعرضن لمثل هذا الموقف.

 

ونشرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية تحقيقات لفتت فيها إلى الخوف من زيادة الاتجار بالنساء الأوكرانيات بسبب الحرب، ونقلت عن أحد شهود العيان وهو متطوع فى منظمة إنقاذ دولية على الحدود، أن العصابات وشبكات الجرائم المنظمة تبحث عن النساء الجميلات على الحدود خاصة من الأوكرانيات، وأن هذه الشبكات تنتهز وجود الأوكرانيين الرجال فى البلاد، لأن القانون الأوكرانى يحظر عليهم ترك البلاد إذا كانوا قادرين على حمل السلاح، فى استغلال الأوكرانيات اللاجئات، اللاتى يجدن أنفسهن فى دول أجنبية مع أطفالهن، وخلال الفترة الماضية تم نشر إعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعى تدعو النساء الأوكرانيات إلى العمل فى الدعارة، ولفتت الصحيفة إلى أن نساءً أوكرانيات يعشن فى إسرائيل منذ سنوات قدّمن الدعم والمساعدة للتجار، لاستدراج اللاجئات الأوكرانيات القادمات مؤخرا، واستغلال حاجتهن إلى المال لدفعهن إلى العمل بطرق غير مشروعة، وقالت إن  تجار الدعارة المنتشرين فى مدن تل أبيب وحيفا، يعيشون على  اصطياد الضحايا من دول تعانى من الحروب أو الأزمات السياسية وآخرها أوكرانيا.

 

وفى أوكرانيا يتم إيهام النساء أنهن قادمات للعمل فى البيوت فى إسرائيل أو فى رعاية المسنين، وبعد موافقتهن يُطلب منهن دفع عمولة لتسهيل دخولهن إلى إسرائيل، وكوسيلة لتشجيعهن يتم الاتفاق على دفع العمولة بعد استلام العمل، وبعد هبوط الطائرة التى تقل النساء فى مطار بن جوريون الدولى، يكون مندوب تجار الدعارة بانتظارهن، وبعد صعودهن إلى الحافلة لنقلهن إلى الفندق الذى خصصته الحكومة الإسرائيلية للاجئين الأوكرانيين، يبلغهن ذلك الشخص أن المبالغ المطلوبة منهن كبيرة، وعليهن الموافقة على العمل بالدعارة لتسديد ديونهن، كما تم  خداع الأوكرانيات من بعض الإسرائيليين عبر وسائل التواصل الأجتماعى، الذين تواصلوا معهنّ وعرضوا عليهن مساعدات مالية، ليتمكنّ من الهرب والطيران إلى إسرائيل وبخاصة اليهوديات منهن، ليكتشفن بعد وصولهنّ بأن عليهنّ العمل فى إطار غير قانونى لإعادة الأموال التى دُفعت إليهن، وكذلك ابتُزّت اللاجئات الأوكرانيات فى هذا العمل مقابل تكاليف العيش اليومية من إيجار منزل وطعام، بالإضافة الى راتب لا يتجاوز الـ1350 دولارا شهريًا.

 

وكشف موقع ماكو الإسرائيلى، أن أصحاب البيوت المشبوهة اتصلوا بشابات فى العشرينيات والثلاثينيات من العمر، من خلال جهات اتصال وسماسرة فى أوكرانيا ودولة مولدفيا، للمساعدة فى إحضارهنّ إلى إسرائيل، بحجة أن لديهنّ أقارب فيها، وذلك بقصد تزويدهن بوثائق مزورة، تسمح لهنّ بدخول البلاد دون الحاجة إلى الإقامة كلاجئات فى الفنادق، وحدث ذلك، بعد أن أعلنت إسرائيل أنها مستعدة لاستقبال آلاف اللاجئين اليهود من أوكرانيا، وتصريح وزيرة الهجرة والاستيعاب بنينا تيمانو بأن إسرائيل على استعداد لاستقبال آلاف اليهود من أوكرانيا كجزء من خطط الاستيطان لديها، وأن بابها سيكون مفتوحًا لأى شخص يريد أن يأتى إليها، وهو الأمر الذى شجع آلاف الأوكرانيات وأغلبهن من اليهود للذهاب إلى إسرائيل هربا من الحرب.

 

معاناة اللاجئات الأوكرانيات، لا تقتصر على إسرائيل وحدها، ففى أوروبا، وبحسب تقارير منظمة العفو الدولية، يتم اصطيادهن وإغراؤهن بسكن وعمل مقابل أعمال مشبوهة، كما تتلقى الشرطة يوميًا العديد من حالات العنف الجنسى ضدهن، وفى العاصمة الألمانية برلين، قدّم أشخاص أماكن لسكن الأوكرانيات مشكوكا بأمرها حسب الشرطة الفيدرالية الألمانية، وقد زارت مسئولة بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين جونج جيدينى ويليامز المخيمات الحدودية فى رومانيا وبولندا ومولدفيا، وأشارت إلى أنها تشعر بالقلق تجاه استغلال اللاجئات الأوكرانيات الفارات من الحرب فى بلادهن، وأن مصدر القلق الأساسى يدور حول الاتجار بالبشر، والاستغلال والإكراه على ممارسة الأعمال غير المشروعة، من قبل العصابات المنتشرة على الحدود، وتواجه السلطات الأمنية الأوروبية ذلك، بتوزيع نشرة باللغات الأوكرانية والإنجليزية والألمانية فى محطات القطار، ومراكز المشورة وأماكن الإقامة للأوكرانيين، كما تنتشر لافتات بالأماكن العامة ووسائل المواصلات تقول "لتكونوا فى أمان.. احتفظوا بجواز سفركم وهواتفكم.. واكتبوا أسماء وعناوين المضيفين لكم.. ولا تثقوا فى النساء بشكل أعمى.. فالمتاجرون بالبشر ليسوا رجالًا فقط". 

 

وأصدر البرلمان الأوروبى قرارًا يدعو إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة لمواجهة جميع أشكال الاتجار بالبشر، مع الاهتمام بشكل خاص بحماية النساء والقصر غير المصحوبين بذويهم الرجال، كما فى الوضع الأوكرانى الآن، ووسط  تضامن واسع فى ألمانيا مع اللاجئين القادمين من أوكرانيا، تحذر السلطات من سعى البعض لاستغلال النساء الأوكرانيات، ومن أن هناك أشخاصًا يريدون استغلال الوضع، للتربح من وراء دفع الأوكرانيات للعمل فى أنشطة مشبوهة، كما حذرت السلطات البولندية من خطر استغلال عصابات الاتجار بالبشر للنساء والأطفال النازحين من أوكرانيا، وقد برزت تحذيرات مماثلة فى دول الجوار لأوكرانيا، مثل دول البلطيق وجورجيا وبيلاروسيا، كمحطات عبور مُحتملة للقارة العجوز.

 

وتُعد بولندا هدفا منطقيا لعصابات الاتجار بالبشر، حيث إنه المكان الذى عبره 60٪ من اللاجئين منذ بداية الحرب، كم أنها جزء من منطقة العبور الحرة شينجن بين دول الاتحاد الاوروبى، وهو ما دفع الحكومة البولندية إلى إدخال تعديلات جوهرية على قانون الاستجابة لأزمة اللاجئين، لزيادة الحد الأدنى لعقوبة الاتجار بالبشر من 3 لـ10 سنوات، والحد الأقصى لعقوبة الاتجار بالأطفال لأغراض جنسية من 10 لـ25 سنة، للحد من استغلال موجة النزوح غير العادية للاجئين الأوكرانيين عبر حدودها، بسبب الغزو الروسى لأوكرانيا، التى تُعد الأضخم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

 

وتخشى الحكومة البولندية مع استمرار تزايد أعداد النازحين من أوكرانيا باتجاه حدودها، من خطر عصابات الاتجار بالبشر، التى تتربص بأكثر من ثلاثة ملايين شخص، فروا من الحرب فى أوكرانيا أغلبهم من النساء والأطفال، وأكد تقرير مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمُخدرات والجريمة، أن بعض النساء يتم تخديرهن لمنعهن من الهروب، وحتى يتم تهريبهن لدول أخرى مُلاصقة لأوكرانيا.

 

والخطير، كما تقول منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، أن معظم أفراد عصابات الاتجار بالبشر وشبكات الدعارة المنظمة يكونون من الرجال، لكن ذلك لا يمنع كون النساء أيضًا ينخرطن فى هذه الأعمال الإجرامية، وفى بعض الحالات كانت النساء اللواتى أصبحن جزءًا من هذه العصابات، اللاتى كن ضحايا لها فى السابق، يستخدمن لجلب نساء أخريات إلى الشبكة عبر كسب ثقتهن، وبخاصة على الحدود "الأوكرانية - البولندية"، التى شهدت نزوح أكثر من مليونى لاجئ أوكرانى معظمهن من الأطفال والنساء.