انتحار أم قتل؟!

انتحار أم قتل؟!.. لغز وفاة عروس الدقهلية

لغز وفاة عروس الدقهلية
لغز وفاة عروس الدقهلية

حبيبة جمال

«بنتك ماتت.. تعالي بسرعة»، مكالمة تلقتها والدة عبير من والدها يخبرها فيها أن ابنتهما العروس ماتت داخل عش الزوجية، أغلقت الأم المكالمة وخرجت كالتي فقدت عقلها تبحث عن أي وسيلة مواصلات تقلها للقرية المجاورة وهناك داخل شقة ابنتها كان المشهد المأساوي الذي مازال محفورًا داخل ذاكرة الأم ولن تنساه مهما مر الزمن.

 

اعبير مسجاة على السرير داخل غرفة نومها، مغطاة بملاءة، تدخل الأم وقدماها تتحرك ببطء، يرتعش جسدها، تقف مذهولة تسأل كيف ماتت ابنتها؛ ليأتي الرد سريعًا ماتت نتيجة سكتة قلبية، تلقي الأم بجسدها بجانب جثة ابنتها، تتحسس جسدها وكأنها تتوقع أن تعود للحياة وما بها إلا مجرد غفوة سرعان ما تفتح عينيها، لا تقوى أن ترى وجهها، تنادي عليها ولكن بلا فائدة فقد أصبحت جثة هامدة، بدأت تتساقط من عينيها الدموع بغزارة، بعدما أتاها صوت من خلفها هاتوا الجثة عشان تتغسل، هنا كشفت الأم عن وجه ابنتها لتراها لآخر مرة، وكانت الصدمة وجود آثار خنق في رقبتها، وقفت الأم وحدقت بعينيها في ذهول تريد أن تتأكد مما رأته، ثم نادت على والد عبير، جاء الأب وبمجرد رؤية ابنته ورقبتها، رجع للخلف ثم جلس على الأرض واضعًا يده فوق رأسه في حالة من الذهول والصدمة، هنا تأكدت الأسرة أن ابنتهم لم تمت بسكتة قلبية. 

 

حياة وموت

تم إبلاغ الشرطة.. ولكن قبل تفاصيل البلاغ علينا أن نعود قليلا إلى الوراء تحديدا قبل 19 عاما من الآن، داخل قرية نوب طريف التابعة لمركز السنبلاوين، ولدت عبير مصطفى، طفلة جميلة، ذات ملامح ملائكية، هي أول فرحة أسرتها، تكبر البنت الصغيرة يومًا بعد يوم أمام أعين أسرتها، كانت كالنسمة الرقيقة، هادئة الطباع، يشهد الجميع بأخلاقها الحميدة، كبرت عبير الطفلة وأصبحت عروسًا جميلة تنتظر فارس أحلامها، والأم تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر، اليوم الذي سترى فيه ابنتها ترتدي الفستان الأبيض. 

 

وها هو يأتي شاب يدعى أمير، يعمل سائق توك توك، من قرية مجاورة يطلب عبير للزواج، ومنذ الوهلة الأولى تعلقت به، ووجدت فيه الفارس الأول والزوج الصالح الذي سيسعد أيامها وحياتها، بالفعل تمت خطبتهما، وانتظرا كل منهما اليوم الذي سيجمعهما فيه بيت واحد، جاء اليوم واحتفلت بهما الأسرة بإقامة حفل زفاف كبير حضره الأهل والأصدقاء، وانتقلت عبير للعيش مع زوجها في بيته الجديد.

 

أيام مرت بسعادة وفرح على الزوجين، لا يمكن أن نجزم أن هناك خلافات حدثت بينهما، لأنه ببساطة لم تحك عبير لأسرتها عن شيء، إلا أنه كانت هناك مشكلة واحدة وهي خلافات بين الزوج ووالدة عبير، فكان يرفض أن تأتي إليهما، ولكن الأم من وقت للثاني تذهب للاطئنان على ابنتها، حتى جاء الخبر السعيد؛ وأن عبير تحمل بين ضلوعها توأما، شعرت الأم بالسعادة وكأنها امتلكت الدنيا بمن عليها، تعد الأيام والليالي التي ستصبح فيها جدة، التوأم يكبران داخل بطن عبير، تشعر بحركتهما، كانت تتحدث إليهما كل يوم، حتى جاء اليوم الذي خرج فيه الطفلان للحياة، ولكن حالتهما الصحية كانت غير مستقرة، أحدهما مات داخل الحضانة والثاني مات بعده بعدة أيام، لا حيلة امام القدر، ليرتسم الحزن على حياة العروس الجميل، مر شهران على وفاة الطفلين، كانت عبير تحاول أن تتعايش مع هذا الألم، وفجأة ودون أي مقدمات ماتت عبير في ظروف غامضة.

 

أقاويل

بمجرد أن انتشر خبر وفاة العروس عبير، أصبح لا حديث للأهالي ومواقع التواصل الاجتماعي سوى عنها، الكل يردد أن الزوج ووالدته وشقيقته هم من قتلوا العروس الجميلة وادعوا انتحارها، الكل نصب نفسه قاضيًا ليصدر أحكاما قبل حتى أن يقول الطب الشرعي كلمته، قبل حتى أن توجه النيابة الاتهام لأشخاص بعينهم.

 

تواصلنا مع والدة عبير لتحكي لنا تفاصيل أكثر، فقالت: اتلقيت اتصالا من والد عبير يخبرني فيه أن ابنتي ماتت، ذهبت مسرعة لمنزل زوجها، وهناك أخبروني أنها ماتت نتيجة سكتة قلبية، وكانوا مجهزين كل شيء لغسلها وتكفينها.

 

صمتت الأم قليلا وكأنها تتذكر ذلك المشهد المأساوي، ثم استكملت بنبرة صوت يعتليها الحزن والدموع تتساقط من عينيها؛ اأنا وقتها استعوضتها عند ربنا، لكن عندما كشفت وجهها وجدت آثارًا حول رقبتها، وشعرها امنكوشب هنا بدأ القلق يساور قلبي وعقلي وتأكدت أن هناك شيئا ما خطأ يحدث، فناديت والدها وعندما شاهدها كان في ذهول، فلم يكن أمامنا من حل سوى إبلاغ مركز الشرطة.

 

فسألتها عن الكلام المتداول بين الناس أن الزوج وراء قتلها؟، فقالت: الأنه هو الذي يعيش معها في البيت الذي تعيش فيه والدته وأسرته، غير أنهم كذبوا عندما قالوا إنها ماتت بسكتة قلبية، وعندما جاءت الشرطة لتحقق معهم، قالوا إنها انتحرت، وأحضر شقيق الزوج الحبل المستخدم، لذلك أنا وجهت اتهامًا للزوج بقتلها.

فسألناها هل كانت هناك خلافات بينها وزوجها، فقالت: اعبير لم تعتد أن تحكي لنا مشاكلها، ولكني عندما كنت في بيتها قبل الحادث بـ 15 يوما كانت في صحة جيدة، ولم يظهر عليها أي علامات للحزن، لكنها طلبت مني ألا أذهب إليها مرة أخرى بناء على رغبة زوجها.

 

انهارت الأم في البكاء، حاولنا تهدئتها فتمالكت أعصابها قليلا، وقالت: اأنا أم، عبير هي أول فرحتي، فجأة خطفها الموت مني دون سابق إنذار، ماتت وهي عروس لم تكمل عامها العشرين بعد، كل ما أريده هو معرفة الحقيقة، هل قتلوها، أم انتحرت؟!، ولكن لماذا كذبوا علينا وقالوا انها ماتت بسكتة قلبية؟!

كان هذا هو حديث الأم معنا والتي وجهت اتهاما رسميًا للزوج، بينما والد عبير رفض أن يتهم أحدًا حتى يظهر تقرير الطب الشرعي، وودع الجميع العروس لمثواها الأخير في حالة حزن شديد، مطالبين بإظهار الحقيقة والوقوف بجانب الأسرة البسيطة والقصاص العادل لتلك العروس.

 وعلى أي حال يجب أن يصمت الجميع ويكفون عن تداول الشائعات والأقاويل حتى تنتهي النيابة من تحقيقاتها، ونحن على ثقة بأن الحقيقة سيتم كشفها عاجلا أم آجلا، فمازالت التحقيقات مستمرة.