الأمم المتحدة تفتح تحقيقًا في معلومات عن مقتل مدنيين في إفريقيا الوسطى

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أعلنت بعثة الأمم المتحدة في جمهورية إفريقيا الوسطى لوكالة فرانس برس، يوم الجمعة 16 مارس، أنها فتحت تحقيقًا في معلومات لم تؤكدها بانجي حول مقتل عشرات المدنيين في عمليات نُسبت إلى جنود محليين وقوات شبه عسكرية روسية.

تراجعت حدة الحرب الأهلية التي بدأت قبل تسع سنوات، بشكل كبير منذ 2018. لكن في مواجهة هجوم للمتمردين قبل أكثر من عام، تلقت السلطات لصدهم تعزيزات من مئات أفراد قوات شبه عسكرية روسية هم "مرتزقة" من شركة فاجنر الخاصة بحسب الأمم المتحدة وفرنسا ومنظمات غير حكومية تتهم الجانبين بارتكاب جرائم ضد المدنيين.

اقرأ أيضًا: الدفاع الأوكرانية: سفن روسيا الحربية تواصل إغلاق ميناء ماريوبول

وقالت مصادر أمنية وإنسانية وإدارية متطابقة لفرانس برس طالبة عدم كشف هويته إن عناصر من "القوات المسلحة لإفريقيا الوسطى وحلفائهم" شنوا في 11 و12 أبريل عملية في قريتي جورديل ونداه على بعد أكثر من ألف كيلومتر شمال شرق بانجي.

وأضافت المصادر نفسها أنهم "قتلوا مدنيين"، موضحة أن عدد القتلى يتراوح بين عشرة و15 مدنيا.

وقال مسؤول الاتصال في بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جمهورية إفريقيا الوسطى (مينوسكا) تشارلز بامبارا لفرانس برس إن بعثة الأمم المتحدة "فتحت تحقيقا في هذا الهجوم ولن تدلي بأي تعليق آخر قبل انتهاء التحقيقات".

وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، قال الناطق باسم رئاسة إفريقيا الوسطى ألبرت يالوك موكبيمي إن "لا علم لديه" بالموضوع.

في هذا البلد الفقير جدا في وسط إفريقيا، أعيد انتخاب الرئيس فوستين أركانج تواديرا في ديسمبر 2020 في انتخابات حظي فيها أقل من واحد من كل ثلاثة ناخبين بفرصة الذهاب إلى صناديق الاقتراع بسبب انعدام الأمن وإن كانت الحرب الأهلية التي بدأت في 2013 تراجعت حدتها بشكل كبير منذ 2018.

وشنت أقوى المجموعات المسلحة العديدة التي كانت تتقاسم ثلثي أراضي البلاد حينذاك هجوما على بانجي قبيل الانتخابات، ودعا السيد تواديرا موسكو إلى إنقاذ جيشه الضعيف.

بعد ذلك انضم مئات من القوات شبه العسكرية الروسية إلى مئات موجودين فعليا منذ2018 مما سمح خلال أشهر، بصد هجوم المتمردين ثم طردهم من جزء كبير من الأراضي والمدن التي يسيطرون عليها.

لكن ذلك لم يسمح بإعادة تثبيت وجود الدولة وسلطتها في كل مكان وبشكل دائم.

ودانت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه في نهاية مارس "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان" في جمهورية إفريقيا الوسطى، بما في ذلك "القتل والعنف الجنسي" ضد المدنيين التي ارتكبتها مجموعات متمردة والجيش وحلفاؤه الروس.

وعلى الأرض، تتواصل العملية العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية لليوم 52، منذ بدايتها في 24 فبراير المنصرم.

واكتسب الصراع الروسي الأوكراني منعطفًا جديدًا فارقًا، في 21 فبراير، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي "دونيتسك" و"لوجانسك" جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوةٍ تصعيديةٍ لقت غضبًا كبيرًا من كييف وحلفائها الغربيين.

وفي أعقاب ذلك، بدأت القوات الروسية، فجر يوم الخميس 24 فبراير، في شن عملية عسكرية على شرق أوكرانيا، ما فتح الباب أمام احتمالية اندلاع حرب عالمية "ثالثة"، ستكون الأولى في القرن الحادي والعشرين.

وقال الاتحاد الأوروبي إن العالم يعيش "أجواءً أكثر سوادًا" منذ الحرب العالمية الثانية، فيما فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزمة عقوبات ضد روسيا، وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها "الأقسى على الإطلاق".

ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو" يصران حتى الآن على عدم الانخراط في أي عملية عسكرية في أوكرانيا، كما ترفض دول الاتحاد فرض منطقة حظر طيران جوي في أوكرانيا، عكس رغبة كييف، التي طالبت دول أوروبية بالإقدام على تلك الخطوة، التي قالت عنها الإدارة الأمريكية إنها ستتسبب في اندلاع "حرب عالمية ثالثة".

وفي غضون ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في وقتٍ سابقٍ، إن اندلاع حرب عالمية ثالثة ستكون "نووية ومدمرة"، حسب وصفه.

وعلى مسرح الأحداث، قالت وزارة الدفاع الروسية، في بداية العملية العسكرية، إنه تم تدمير منظومة الدفاع الجوي الأوكرانية وقواعدها وباتت البنية التحتية لسلاح الطيران خارج الخدمة.

ولاحقًا، أعلنت الدفاع الروسية، يوم السبت 26 فبراير، أنها أصدرت أوامر إلى القوات الروسية بشن عمليات عسكرية على جميع المحاور في أوكرانيا، في أعقاب رفض كييف الدخول في مفاوضات مع موسكو، فيما عزت أوكرانيا ذلك الرفض إلى وضع روسيا شروطًا على الطاولة قبل التفاوض "مرفوضة بالنسبة لأوكرانيا".

إلا أن الطرفين جلسا للتفاوض لأول مرة، يوم الاثنين 28 فبراير، في مدينة جوميل عند الحدود البيلاروسية، كما تم عقد جولة ثانية من المباحثات يوم الخميس 3 مارس، فيما عقد الجانبان جولة محادثات ثالثة في بيلاروسيا، يوم الاثنين 7 مارس. وانتهت جولات المفاوضات الثلاث دون أن يحدث تغيرًا ملحوظًا على الأرض.

وقال رئيس الوفد الروسي إن توقعات بلاده من الجولة الثالثة من المفاوضات "لم تتحقق"، لكنه أشار إلى أن الاجتماعات مع الأوكران ستستمر، فيما تحدث الوفد الأوكراني عن حدوث تقدم طفيف في المفاوضات مع الروس بشأن "الممرات الآمنة".

وقبل ذلك، وقع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، في 28 فبراير، مرسومًا على طلب انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، في خطوةٍ لم تجد معارضة روسية، مثلما تحظى مسألة انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي "الناتو".

وقال المتحدث باسم الكرملين الروسي ديمتري بيسكوف إن الاتحاد الأوروبي ليس كتلة عسكرية سياسية، مشيرًا إلى أن موضوع انضمام كييف للاتحاد لا يندرج في إطار المسائل الأمنية الإستراتيجية، بل يندرج في إطار مختلف.

وعلى الصعيد الدولي، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الأربعاء 2 مارس، على إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا، بموافقة 141 دولة على مشروع القرار، مقابل رفض 5 دول فقط مسألة إدانة روسيا، فيما امتنعت 35 دولة حول العالم عن التصويت.

وأعلنت الأمم المتحدة فرار أكثر من 3 ملايين شخص من أوكرانيا منذ بدء الحرب هناك، فيما كشفت المنظمة الأممية، يوم السبت 19 مارس، عن مقتل ما يقرب من 850 مدنيًا في الحرب حتى الآن. 

وفي الأثناء، تفرض السلطات الأوكرانية الأحكام العرفية في عموم البلاد منذ بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية.

وأعلن الرئيس الأوكراني، يوم الأحد 20 مارس، تمديد فرض الأحكام العرفية في البلاد لمدة 30 يومًا، بدايةً من يوم الأربعاء 23 مارس.

وكانت روسيا، قبل أن تبدأ في شن عملية عسكرية ضد أوكرانيا، ترفض بشكلٍ دائمٍ، اتهامات الغرب بالتحضير لـ"غزو" أوكرانيا، وقالت إنها ليست طرفًا في الصراع الأوكراني الداخلي.

إلا أن ذلك لم يكن مقنعًا لدى دوائر الغرب، التي كانت تبني اتهاماتها لموسكو بالتحضير لغزو أوكرانيا، على قيام روسيا بنشر حوالي 100 ألف عسكري روسي منذ أسابيع على حدودها مع أوكرانيا هذا البلد المقرب من الغرب، متحدثين عن أن "هذا الغزو يمكن أن يحصل في أي وقت".

لكن روسيا عللت ذلك وقتها بأنها تريد فقط ضمان أمنها، في وقت قامت فيه واشنطن بإرسال تعزيزات عسكرية إلى أوروبا الشرقية وأوكرانيا أيضًا.

ومن جهتها، اتهمت موسكو حينها الغرب بتوظيف تلك الاتهامات كذريعة لزيادة التواجد العسكري لحلف "الناتو" بالقرب من حدودها، في وقتٍ كانت روسيا ولا تزال تصر على رفض مسألة توسيع حلف الناتو، أو انضمام أوكرانيا للحلف، في حين تتوق كييف للانضواء تحت لواء حلف شمال الأطلسي.