«أرجوك لا تفهمني بسرعة» جمع بين «عندليب الغناء» و«عندليب الصحافة»

محمود عوض يتابع «حليم» ونجلاء فتحى قبل التسجيل
محمود عوض يتابع «حليم» ونجلاء فتحى قبل التسجيل

ارتبط «عندليب الصحافة» محمود عوض بصداقة حميمية مع «عندليب الغناء» عبد الحليم حافظ، محمود عوض ألف عن أم كلثوم كتابا بعنوان «أم كلثوم التي لا يعرفها أحد».

وألف بنفس العنوان كتابا عن الموسيقارمحمد عبد الوهاب، واعتذر لفريد الأطرش عن كتابة مذكراته، ولم يؤلف كتابا عن صديقه عندليب الغناء الذى استقطبه ليكتب له المسلسل الوحيد الذى قدمه فى الإذاعة بعنوان «أرجوك لا تفهمنى بسرعة» وشاركه البطولة: عادل إمام، نجلاء فتحى، عماد حمدى، سمير صبرى، نظيم شعراوى، زوزو ماضى، وأخرجه محمد علوان.

كان المسلسل، يذاع فى رمضان 1973، ويروى محمود عوض فى مقال بعنوان «عزيزى عبد الحليم .. وحشتنا» قصة التحضير لهذا المسلسل وما حدث اثناء التسجيل فى رمضان، قائلا: «كانت الكتابة لعبد الحليم مسئولية كبرى، وضعنى فى الامتحان بعفوية وطيب خاطر، وثقة أصبحت سيفا على رقبتى .


ذهب محمود عوض للقاء عبد الحليم، وكان مجدى العمروسى حاضرا، ويستطرد محمود عوض قائلا: «مجدى هو عين عبد الحليم وآذنه على الجمهور خصوصا إذا تعلق الأمر بفيلم أو مشروع جديد، وبمجرد أن قلت إن عنوان القصة هو «أرجوك.. لا تفهمنى بسرعة» طلب مجدى التوقف مرة ومرتين قبل الدخول فى الموضوع، كان لديه مشروع فيلم لعبد الحليم من إخراج يوسف شاهين بعنوان مؤقت «وتمضى الأيام»، الآن يريد مجدى العمروسى بصفته مدير «صوت الفن» أن يقترض منى عنوان القصة ليعطيه الى الفيلم والثمن ألف جنيه، وقال: «طبعا أنت مندمج الآن فى جو القصة وتقدر تختار لها عنوانا آخر جديدا وبنفس الجاذبية» قلت إيه؟»، وقال مكررا: «آخذ منك أربع كلمات وأعطيك ألف جنيه»!، كانت ألف جنيه من مجدى العمروسى خصوصا معجزة فى حد ذاتها، والمعجزة الأكبر أن ألف جنيه فى ذلك الزمن تعنى أن أصبح والمليونير أوناسيس فى كفة واحدة، فكلانا يتحدث بالآلاف، غايته.. سيبقى بيننا فارق العملة!.

وبصعوبة شديدة قبل مجدى العمروسى اعتذارى قبل أن ينصرف، وبصعوبة أقل بدأنا نفكر فى الأبطال المناسبين للقصة، عبد الحليم كان معتادا وهذا من حقه على قصة البطل الواحد.

لكنه فى هذه المرة قبل فى سماحة أن يكون الأول بين متساوين، لأن القصة تعبر عن قضية جيل بكامله، وكان عادل إمام ونجلاء فتحى شديدى الانبهار فى تقمصهما لشخصيات المسلسل، وفى واحدة من الأغانى الخمس اشترك الجميع فى الأداء مع عبد الحليم فى لحن خفيف الدم لمنير مراد، يعبر عن الطموحات المختلفة لهؤلاء الطلبة الذين تخرجوا فى الجامعة ليبدأوا ملاطمة الواقع والحلم بتغييره».


ويستطرد محمود عوض قائلا: «كانت التجربة جزءا من نفوسنا وقلوبنا، وأصبحنا نعيشها على مدار الليل والنهار، فى توقيت الإفطار نحن على مائدة عبد الحليم، وبعدها فى ستوديوهات الإذاعة حتى السحور، وبعدها نعود الى بيت عبد الحليم أو إلى بيتى، فى الصباح، صيام وعمل منفرد، وعلى الإفطار نتجمع من جديد، ثم جاءت المفاجأة الكبرى ظهر يوم العاشر من رمضان، أنها حرب أكتوبر.

أصبحنا نعيش عالمين، هناك عالمنا الصغير فى استوديوهات الإذاعة مع المسلسل، وبرغم أن الإذاعة غيرت برامجها جميعا لتصبح فى خدمة الحرب إلا أن تسجيل الحلقات كان لابد أن يستمر ليتم شحنها فورا إلى جميع إذاعات العالم العربى التى اشترتها مسبقا ومستمرة فى إذاعتها، ثم هناك عالمنا الكبير، عالم الحرب التى أصبحنا نعيشها بكل ذرة فى كياننا بعد ست سنوات من التمزق، كنا نتلقى كل خبر.

ونحلل كل برقية، ونناقش كل تطور وكأن كل منا هو قائد الجيش شخصيا، فى الشوارع اختفت العصبية والغربة فجأة من أحاديث الناس، فجأة أصبحوا منضبطين فى سلوكهم، فبرغم حالة الإظلام الليلى التام فى القاهرة لم نشهد حادث مرور.

وبرغم تقنين السلع الأساسية سكر وأرز وزيت وغيرها - بالبطاقة التموينية - لم يتزاحم أحد على السوق السوداء للشراء أو التخزين، واكتشفنا فى سياق الحرب أن مصر تصبح أكبر أو أصغر بكل واحد فى شعبها، وفى دائرتنا الصغيرة يريد عبد الحليم أن يسهم بصوته وبليغ حمدى اسبق الجميع إلى عوده وموسيقاه.

حتى كمال الطويل الذى كان اختار منذ سنوات التوقف عن التلحين جاءته فجأة حالة جلوس الى البيانو لكى يلحن، وفى ليلة واحدة كان عبد الحليم يبحث عن كلمات، وأنا أعود الى بيتى لإعادة قراءة أى قصيدة شعرية مطبوعة لعل بعضها يناسب انفعالات كمال الطويل.

وفجأة جاء إلينا كمال بلحن كطلقة مدفع، إنه مجرد دقيقتين أو ثلاثة لكن الطلقة فى كلماته الأولى: «خلى السلاح صاحى»، وفى الصباح التالى اتصل بى عبد الحليم ليقول «لقد نمت الليلة سعيدا مرتين، مرة لأن كمال عاد يلحن لى، ومرة لأننى بموسيقاه سأشارك فيما يجرى من أحداث».

وأصبحنا نعيش بآذاننا مع إذاعة القاهرة، نقفز متعانقين مع كل بلاغ جديد، نحتضن بعضنا مع كل انتصار يتحقق، نذهب الى الاستوديو لنسجل المسلسل بينما أحدنا يذهب إلى قسم الأخبار فى الإذاعة كل ربع ساعة.

نعود إلى المنزل لنطارد فى الراديو كل محطات العالم، نفترق إلى بيوتنا لكى ننقل إلى بعضنا البعض بالتليفون كل خبر جديد، نصوم ونفطر ونتسحر وكل عقولنا على الجبهة.

وفجأة اكتشفنا أننا أصبحنا نحتسى كميات من القهوة والشاى عشرين ضعف ما اعتدناه، بعد قليل نفد السكر من عندى، بعده نفد أيضا من بيت عبد الحليم، وجاء عبد الرحيم السفرجى ليقول لنا محذرًا: «من هنا ورايح مفيش سكر .. تشربوا القهوة والشاى سادة»، وبعفوية جاءه الرد منا جميعا: «سادة سادة يا عبد الرحيم .. بس نحارب».
كنوز: انشغال عبد الحليم بمسلسل «أرجوك لا تفهمنى بسرعة» لم يمنعه من لعب دوره الوطنى فغنى بجواره أغنية «خلى السلاح صاحى» أغنية «عاش اللى قال «لبليغ حمدى» ولفى البلاد يا صبية «لمحمد الموجى، وغنى عام 74 «صباح الخير يا سيناء» لكمال الطويل، و«النجمة مالت ع القمر» لمحمد الموجى، و«المركبة عدت» لمحمد عبد الوهاب.


 

اقرأ أيضا

فى الذكرى 44 لرحيل «العندليب».. رسالة «عندليب الصحافة» لـ«حليم»: وحشتنا