التكفير والهجرة

م. علي سعده
م. علي سعده

لست من هواة المسلسلات الرمضانية التي تتحدث عمدا عن كل الموبقات من الخيانة والزنا وشرب الخمر والقتل والسرقه و.. و.. في شهر رمضان الفضيل.. لكن لفت نظري مسلسل "الاختيار ٣"، فوجدت نفسي تلقائيا أتابعه وأترقب حلقاته بشغف.


ورغم امتلاء المسلسل بالوجوه الإخوانية القبيحة التي لفظها الشعب إلا أن هنالك عملاً عبقريًا أرفع له القبعة وهو الاختيار المتقن (بمساعدة الماكيير) لشخصيات الممثلين لتتماثل تمامًا مع الشخصيات الحقيقية في الطبيعة.. فجعلنا نعيش الأحداث بحلوها ومرها ونتابع التسريبات الحقيقية للحوارات التي أوضحت لنا بالصوت والصورة ما كان مخفيًا عننا لتكتمل الصورة ويتضح لنا الدور البطولي للمخابرات والشرطه والجيش.. شكرًا لكل من شارك في هذا العمل الفني البديع.

قام المسلسل بتعرية كل أكاذيب وروايات الإخوان وفضحهم أمام ٢٠٠ مليون مشاهد مصري وعربي حول العالم.. وأتمنى في العام القادم أن نشاهد مسلسلاً بمثل هذا الإتقان يبرز دور الجيش والمخابرات والشرطة أيضا في جيل السبعينيات ومحاربتهم لجماعه التكفير والهجرة.


نشأت تلك الجماعه في احدي السجون المصريه ودعنا نحلل المعني من الاسم المكون من عنصرين .. العنصر الاول وهو التكفير هو عنصر أساسي في أفكار ومعتقدات هذه الجماعة. فهم يكفرون الجميع بلا استثناء .. يكفرون كل من إرتكب كبيرة وأصر عليها ولم يتب منها وكذلك يكفرون الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله بإطلاق ودون تفصيل وتابعوهم ايضا ويكفرون المحكومين لأنهم رضوا بذلك.. أما العلماء فيكفرونهم لأنهم لم يكفروا هؤلاء ولا أولئك كما يكفرون كل من عرضوا عليه فكرهم فلم يقبله أو قبله ولم ينضم إلى جماعتهم ويبايع إمامهم.


أما من انضم إلى جماعتهم ثم تركها فهو مرتد حلال الدم وعلى ذلك فالجماعات الإسلامية إذا بلغتها دعوتهم ولم تبايع إمامهم فهي كافرة مارقة من الدين وكل من أخذ بأقوال الأئمة أو بالإجماع حتى ولو كان إجماع الصحابة أو بالقياس أو بالمصلحة المرسلة أو بالاستحسان ونحوها فهو في نظرهم مشرك كافر.

من نظرياتهم أن العصور الإسلامية بعد القرن الرابع الهجري كلها عصور كفر وجاهلية لتقديسها لصنم التقليد المعبود من دون الله تعالى فعلى المسلم أن يعرف الأحكام بأدلتها ولا يجوز لديهم التقليد في أي أمر من أمور الدين. وقول الصحابي وفعله ليس بحجة ولو كان من الخلفاء الراشدين.

العنصر الثاني وهو الهجره.. لا تظن عزيزي القارئ انهم يدعون للهجره خارج البلاد فالمعني والهدف ليس كذلك، فالمقصود هنا هو العزلة عن المجتمع الجاهلي وعندهم أن كل المجتمعات الحالية مجتمعات جاهلية. والعزلة المعنية عندهم عزلة مكانية وعزلة شعورية بحيث تعيش الجماعة في بيئة تتحقق فيها الحياة الإسلامية الحقيقة في نظرهم  كما عاش الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في الفترة المكية. ويجب على المسلمين في هذه المرحلة الحالية من عهد الاستضعاف الإسلامي ( كما يرونه ) ان يؤمنوا بأنه لا قيمة  لأقوال العلماء وأمهات كتب التفسير والعقائد لأن كبار علماء الأمة في القديم والحديث ـ بزعمهم ـ مرتدون عن الإسلام. قالوا بحجية الكتاب والسنة فقط  فما وافق أقوالهم من السنة قبلوه وما خالفها تحايلوا في رده أو رد دلالته. كما دعوا إلى الأمية لتأويلهم الخاطئ لحديث (نحن أمة أمية …) فدعوا إلى ترك الكليات ومنع الانتساب للجامعات والمعاهد (إسلامية أو غير إسلامية ) لأنها مؤسسات الطاغوت وأطلقوا أن الدعوة لمحو الأمية دعوة يهودية لشغل الناس بعلوم الكفر عن تعلم الإسلام فما العلم إلا ما يتلقونه في حلقاتهم الخاصة.

نادوا بترك صلاة الجمعة والجماعة بالمساجد لأن المساجد أئمتها كفار إلا أربعة مساجد .. المسجد الحرام والمسجد النبوي وقباء والمسجد الأقصى ولا يصلون فيها أيضاً إلا إذا كان الإمام منهم. 

ويزعمون أن أميرهم شكري مصطفى هو مهدي هذه الأمة المنتظر وأن الله تعالى سيحقق على يد جماعته ما لم يحقق علي يد محمد صلى الله عليه وسلم من ظهور الإسلام على جميع الأديان وعليه فإن دور الجماعة يبدأ بعد أن تدمّر الأرض بمن عليها بحرب كونية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي تنقرض بسببها الأسلحة الحديثة كالصواريخ والطائرات وغيرها ويعود القتال كما كان في السابق رجل لرجل بالسلاح القديم من سيوف ورماح وحراب.

الموضوع ثري باحداثه وافكاره ليدرك الجيل الحالي ما عانته مصر في جيلنا نحن وليعرف قدر جيشه ومخابراته في حمايه الوطن .