شركات ألمانية تلجأ لمصر لإنتاج الهيدروجين الأخضر للاستغناء عن الوقود الروسي

وزير الكهرباء
وزير الكهرباء

تسعى ألمانيا حاليا خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية نحو خلق سوق أوروبية جديدة للطاقة الجديدة والهيدروجين الأخضر، لتعود بأوروبا إلى أساسيات تشكيل الاتحاد الأوروبي وهو التكامل الاقتصادي والسوق المشتركة.

وتخطط ألمانيا لتكون أوروبا اتحاد حقيقي للكهرباء الخضراء والهيدروجين، للوقوف على أرض الواقع في عالم تنافسي ينتقل إلى الحياد المناخي.

لذلك قامت الشركات الألمانية بالبحث عن بديل في منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسهم مصر والإمارات.

وفي هذا السياق شهد نهاية شهر مارس الماضي اجتماع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء مع الدكتور "مارتن هيرنكنيشت"، رئيس مجلس إدارة منظمة أعمال الشرق الأدنى والأوسط الألمانية Numov، والوفد التجاري والاستثماري الألماني المرافق له، الذي ضم ممثلي 16 شركة ألمانية في مختلف المجالات، وذلك في إطار زيارة الوفد الألماني إلي مصر لعقد سلسلة من اللقاءات مع كبار المسئولين لدفع مجالات التعاون الاقتصادي المشترك، وبحث سبل زيادة الاستثمارات الألمانية بالسوق المصرية.

وخلال اللقاء، قدمت الشركات الألمانية عرضاً عن أنشطتها، مبدية رغبة جادة في الاستثمار في السوق المصرية سواء من خلال توسعات لمشروعات قائمة، أو ضخ استثمارات في مشروعات جديدة، تعزز من العلاقات الاقتصادية المشتركة، لاسيما في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة، وإنتاج الهيدروجين الأخضر، والنقل الذكي، وبناء القدرات، والتصنيع، والتكنولوجيا، وإدارة المخلفات، وتحلية المياه، فضلاً عن تأهيل وتدريب بعض من العمالة المصرية للعمل بالسوق الألمانية خلال السنوات المقبلة.

كما استقبل الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الدكتورمارتن هيرنكنيشت رئيس مجلس إدارة مجموعة هيرنكنيشت الألمانية نهاية مارس الماضي ايضا ووفد كبير يضم عدد من الشركات الألمانية، وذلك لبحث سبل دعم وتعزيز التعاون مع قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة المصرى.

وأكد الجانبان على تعزيز التعاون وتبادل الخبرات فى كل المجالات وخاصة مشروعات الطاقة المتجددة من شمس ورياح والهيدروجين الأخضر والمجالات الاستشارية وزيادة مشاركة القطاع الخاص في المشروعات المختلفة في قطاع الكهرباء.

ومن ناحية اخري وكشف شاتزي ماركاس ، المدير التنفيذي لشركة Hydrogen Europe، في اجتماع بالوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، أنه “لتلبية متطلبات الاتحاد الأوروبي البالغة 20 مليون طن من الهيدروجين بحلول عام 2030، سيتعين زيادة قدرة المحلل الكهربائي 100 ضعف في السنوات الثماني المقبلة إلى حوالي 320-400 جيجاوات، وسيتم تركيب جزء كبير منها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.

بينما أكدت محللة الطاقة كيرستن ويستفال، التي تعمل لصالح مبادرة الحكومة الألمانية لاستيراد الهيدروجين H2 Global ، في حوار مع Clean energy wire، إن القارة يجب أن تنشئ ممرات هيدروجين إلى المناطق المجاورة ذات الموارد المتجددة الغنية. كما دعت الحكومات الأوروبية إلى بناء “شراكات تحول” مع منتجي الوقود الحفري الحاليين في جميع أنحاء العالم لتحديد مسارات للتحول التدريجي من النفط والغاز والفحم إلى أنواع الوقود الصديقة للمناخ مثل الهيدروجين.

وأضافت ويستفال إنه بينما لا يمكن للهيدروجين أن يحل مشكلة نقص إمدادات الطاقة التي سببتها الحرب الروسية ضد أوكرانيا على الفور، فإنه سيلعب دورًا أكبر في وقت أبكر بكثير مما كان يُعتقد سابقًا في تغيير اقتصاديات أوروبا.

وحسب شاتزي ماركاس، سيحتاج إلى 40 مليون طن من الهيدروجين بحلول 2030 إذا كان سيحل محل الغاز الروسي بالكامل لكنه استقر على استيراد 50 % والحصول على النصف المتبقي محليًا، إلا أنه يؤكد أن “التحدي ضخم ، ونحن بحاجة إلى الاتفاق على مشاريع ملموسة وإنشاء إطار عمل يكون من خلاله لهذه المشاريع قاسم مشترك واضح.

بينما أوضح فرانك ووترز، رئيس تحالف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للهيدروجين أن: "عشرون مليون طن تزيد أربعة أضعاف عما رأيناه قبل شهر، إذا كنا جادين حقًا بشأن إزالة الكربون، وبدأنا التفكير في نظام للطاقة من نقطة الفعالية من حيث التكلفة، وإزالة الكربون، وسهولة النقل، وتكلفة النقل، وتكلفة تخزين الطاقة، فسيكون هناك الكثير من الهيدروجين في المستقبل أكثر من كانوا يفكرون".

نظرًا لتوفر الأراضي، فضلاً عن البنية التحتية المادية ورأس المال الفكري في منطقة مجلس التعاون الخليجي.

وقال رئيس تحالف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للهيدروجين إنه يجب على المنطقة اغتنام الفرصة لتصبح أحد الموردين الرئيسيين في البداية إلى أوروبا ثم إلى ما بعد ذلك.

وأكد، أن أوروبا في حاجة إلى إعادة تنظيم علاقاتها مع جيرانها، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) ،فيجب أن نعمل معًا لأن عالم الطاقة الجديد سيكون أكثر إقليميًا وتنافسية.

وحول الطريق لإيجاد ممرات للهيدروجين الأخضر، أكد أن الهيدروجين عنصر حاسم في اقتصاد المستقبل الصديق للمناخ، مشيرة إلى أن مبادرة ألمانيا لاستيراد الهيدروجين H2Global، هي أداة يمكن استخدامها في خلق سوق الهيدروجين ومشتقاته، والتي يمكن أن تؤدي إلى تنويع واسع لمصادر الطاقة.

وأوضح أنه يمكن تصميم أداة H2Global، نحو أهداف أو شراكات محددة حاليًا، ويتم إعداد المزادات الأولى التي تتناول استيراد الهيدروجين ومشتقاته إلى أوروبا.

واشار إلي، أهمية توقيع اتفاقيات شراء طويلة الأجل، مدتها عشر سنوات، مع منتجي الأمونيا والميثانول ووقود الطائرات، مما يوفر للمستثمرين دراسة الجدوى لفتح الاستثمارات.

وأضاف ، أن مبادرة ألمانيا تمثل فرصة ممتازة لأوروبا،فيما يتعلق بسياسة الطاقة، وستكون الخطوة نحو "أوروبية H2Global"، لتطوير سوق الاتحاد الأوروبي، موضحة أنه من الأهمية بمكان أن يتم جمع أوروبا معًا كاتحاد أخضر للكهرباء والهيدروجين.

ومن جانبه، قال مدير شركة Hydrogen Europe، أن أهداف شراكة الهيدروجين الأخضر المتوسطية ستعرض في 16 مايو المقبل في أثينا من قبل نائب رئيس المفوضية الأوروبية ، إلى جانب رئيس الوزراء اليوناني والجانب المصري.

موضحا أنه من الممكن ان تكون منظمة البلدان المستوردة والمصدرة للهيدروجين مع فكرة وجود معايير مشتركة نقطة البداية للشراكة المتوسطية حيث يكون للشركات والصناعة مرساة للسلامة. يجب أن تكون هناك سكرتارية تراقب ثلاثة إلى ستة مشاريع تجريبية كبيرة يمكن أن يكون لها تأثير فعال على المشاريع الأخرى.

وأضاف أن التحديات التي تواجه أوروبا كإتحاد أخضر، تشير إلى أنه لا يزال هناك افتقار إلى نماذج الأعمال، وبالتالي هناك حاجة لوضع آليات الاستثمار الآمن، والذي يرجع جزئيًا إلى عدم وجود إطار تنظيمي واضح ومناسب.

وتتفاقم هذه المشكلة بسبب ضرورة أن يتم التعامل وبدء العرض والطلب في وقت واحد، وكما يجب أن يكون هناك البنية التحتية لنقل الهيدروجين.

وعبرت المسئولة في المبادرة الألمانية عن قلقها من تأخر أوروبا في اعتماد اللوائح، وتوفير الأموال، خاصة أن آخرين، مثل اليابان أو كوريا الجنوبية، يفعلون ذلك بسرعة، فهم قد أسسوا سلاسل التوريد واللوجستيات، مشيرة إلى أن H2Global تهدف إلى سد الفجوة بين العرض والطلب.

إقرأ أيضا :المفوضية الأوروبية تبدأ مشاورات خبراء بشأن قانون يهدف لتحقيق الحياد المناخي