"اختيار"..عز فاق التوقعات

أحمد عز وكريم عبد العزيز من مسلسل الاختيار
أحمد عز وكريم عبد العزيز من مسلسل الاختيار

 هيثم وحيد 

يابخت من شارك فى عمل مثل (الاختيار)..فكل فنان مصرى وعربى يتمنى ان يشارك ولو بمشهد او حتى بجملة فى مثل هذا العمل الملحمى الذى يوثق لأحداث حقيقية تعد من اخطر ما مر بهذا الوطن وعايشناها جميعا..ولكن لم نعيش كواليسها التى كان يحاول اخوان الشيطاين من خلالها تدمير البلد وشعب هذا البلد من اجل اطماعهم وجشعهم ولهثهم نحو السلطة والحكم حتى ولو على انقاض الوطن..ومن اجل تحقيق هذا الحلم الذى ظل يراودهم منذ نشأتهم باعوا كل شئ يخص الضمير والاخلاق بل والدين الذى استغلوه من اجل تحقيق اغراضهم الجشعة
فجاء (الاختيار) ليكشف ما كان فى الكواليس بشكل توثيقى من خلال عمل فنى درامى بعلاقاته المتشابكة وشخوصه واحداثه المتصاعدة بشكل فنى مبهر يجعل المشاهد دائما فى حالة شغف وترقب مستمر  ليقرأ من خلاله الاحداث التى عاشها ولم يعيش كواليسها وما كان يحاك له من خطط شيطانية ومؤامرات وقتل ودهس وغدر من اجل اغتصاب الوطن وسرقته من اصحابه من الشعب..ويعد هذا اصعب انواع  الدراما التى تمزج مابين التوثيق والفن بخياله ومتعته لانه لو (فلت) من صناع العمل الاتقان فى هذا المزج سيحدث انفصال مابين المشاهد والعمل لان العمل هنا سيتحول الى وثائقى اكثر منه عمل درامى ممتع للمشاهد.
لذلك(الاختيار) بأجزائه الثلاثة يعد من انجح الاعمال الدرامية التلفزيونية التى جذبت المشاهد بمتعتها الفنية وفى نفس الوقت توثيق احداث حقيقية..كشفت من هو حقيقي ومن هو مزيف فضح امر الخونة بشكل توثيقى..وكشف حقيقة الابطال بشكل درامى ممتع اظهر كم التضحيات  التى قدمها هؤلاء الابطال سواء بوقتهم وجهدهم واسرهم بل وحياتهم من اجل انقاذ هذا الوطن وحماية شعبه...لذلك توحد الجمهور مع هذا العمل وتعاطف مع شخصياته ووجد فيها بطولات وابطال تعد رموز وقدوة لأبنائهم..ونجح النجوم الذين جسدوا شخصيات هؤلاء الابطال على الشاشة فى ترسيخ هذا التوحد والتعاطف والحب وتوصيل الرسالة بأمانة   
ومن هؤلاء الابطال النجم احمد عز..الذى ارى انه وصل من خلال دوره فى هذا العمل الى اعلى درجات  سلم النضج الفنى..اصبح عز مبدع فى تناوله لشخصياته الدرامية..فهو لم يكتفى بما يملكه من كاريزما خاصة به تجعله قريب ومحبب لدى المشاهد..وكذلك لم يكتفى بخفة دمه التى نادرا ما يتمتع بها الفتى الوسيم على الشاشة..فالموهبة عنده اصبحت مزيج ودمج بين كل هذا..والغريب ان كل هذا يقدمه عادى فى كل اعماله سواء دراما او حتى اعلانات..ولكنه مع مسلسل الاختيار تشعر انه ليس احمد عز الفنان..بل انت ترى وتتابع شخصية سيف ضابط الامن الوطنى بكل تفاصيلها الحياتية..تحب فيه عشقه وولائه لوطنه وتفانيه فى خدمته وحمايته بكل تركيز وحزم..كما تحب حبه لوالده الذى يتعامل معه باحترام وخفة دم..وخفة دمه هذه تزداد خفة دم مع بعض اللحظات التى يسرقها من وسط اعبائه وهو يلتقى بعروس يقدمها له احد اصحابه..فيتهرب منها ليلتقى صدفة بمن سيحب لنعيش معه بدايات قصة حب بخفة دمه لينساها شهور بسبب شغله الشاغل مصر وحمايتها بكل تركيز وحسم ..ثم يتذكرها للحظات اخرى فيذهب لها  وبخفة دم يلتقيها لتشعر معه انه خليط بشرى نادر وهذا هو حال الابطال الحقيقيين..فهو بطل لانه انسان بكل ماتعنيه الكلمة من تفاصيل ومشاعر وولاء وانتما وتضحية
ووجود عز وسط نجوم كبار بحجم السقا وكريم عبد العزيز والمفاجأة ياسر جلال جعلنا نعيش مباراة فنية متنوعة وممتعة..ابدعوا فيها وامتعونا..واعتقد ان سر نجاح عز الذى فاق كل التوقعات انه قدم شخصية البطل الحقيقي بشكل انسانى قوى بمعنى ان البطل هو فى الاول والاخر انسان يضحك ويبكى..يحب ويعانى..لديه افراحه واحزانه..مشاكله ونجحاته..انسان عادى جدا..ولكن عندما يتعرض وطنه لأزمة تجده ينسى كل تفاصيله الحياتية ويركز فقط فى كيفية انقاذ هذا الوطن وحمايته حتى ولو ضحى بحياته نفسها من اجل هذا الوطن..وهذا هو الولاء والانتماء الذى يصنع الابطال..لذلك فتجسيد عز شخصيته الدرامية فى الاختيار توحد معها الجمهور وعاش معها وشعر انه واحد منه ابنه او اخوه او صديقه او واحد من العيلة بوسامته وكاريزماته .. وخفة دمه..وجدعنته ورجولته وحبه للوطن..
وهذا هو النضج الفنى الذى يصل بالفنان لدرجة تقديم شخصياته الدرامية رغم اختلافها وتنوعها بصبغة ابداعية خاصة به بمفرده..تشعرك بأنه يستحيل غير هذا الممثل ان يجسد مثل هذه الشخصية الدرامية حيث انه يجعلك ترتبط به ذهنيا ووجدانيا..لذلك تحول عز الى حالة خاصة ومتفردة فى ملحمة  الاختيار الدرامية.