فتوى جدلية.. «لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

من هم المقصود بالطائفة فى حديث: «لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق»؟
يجيب عليه د. شوقى علام مفتى الجمهورية .

أخرج الإمامان: مسلم فى «صحيحه»، وأحمد فى «مسنده» عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».  

اقرأ أيضاً

هل الكشف على «المريضة» في نهار رمضان مفطر؟.. الإفتاء تُجيب  

وقد اختلف العلماء فى المراد بالطائفة المذكورة فى هذا الحديث الشريف؛ فذهب الإمام البخارى إلى أنهم أهل العلم؛ فقال فى «صحيحه» بعد أن ساق الحديث: «وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ» اهـ.   وذهب الإمامان: أحمد وعلى بْنُ المَدِينِيِّ إلى أنهم أهل الحديث؛ لأنهم أهل التقوى والصلاح الذين تصدوا بهدى السنة المطهرة لأهل البدع الضلال. ينظر: «سنن الترمذي»، و»معرفة علوم الحديث» للحاكم النيسابورى .

والحق أن هذه الطائفة المباركة يمثلها قطاعٌ عريضٌ من خيار أمة الإسلام؛ كالجيوش التى تقاتل بإذن وليِّ الأمر تحت راية حق معلومة، والعلماءِ المخلصين فى شتى علوم الدين والدنيا، وأهل الصلاحِ والتقوى الساعين بالخير فى صلاح العباد والبلاد؛ قال العلامة المُنَاوِى الحنفى فى «فيض القدير»: «ويحتمل أن هذه الطائفة مؤلفة من أنواع المؤمنين؛ منهم شجعان، ومنهم فقهاء، ومنهم مُحدِّثون، ومنهم زُهَّاد، وغير ذلك» اهـ.

وقال العلامة الإمام النووى الشافعى فى «المنهاج» ، ومنهم فقهاء، ومنهم محدِّثون، ومنهم زهاد وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين، بل قد يكونون متفرقين فى أقطار الأرض اهـ.

وكلمة «يُقَاتِلُونَ» فى الحديث الشريف وردت على معنى المفاعلة التى تدل على المشاركة فى الفعل بين طرفين: أحدهما: المبدوء بالقتال، ويُسمى (مُقَاتِلًا) لدى نهوضه للمقاومة والدفاع. والآخر: البادئ بالعدوان ويُسمى (قاتلًا).  

وعلى هذا: فهناك فرق كبير فى المعنى بين التعبير بكلمة «يُقَاتِلُونَ» التى تشير إلى الدفاع والمقاومة ردًّا للعدوان، وبين لفظة (يقتلون) التى تعنى البدء بالعدوان والمبادرة بالهجوم بقصد القتل؛ لذلك عَدَلَ البيان النبوى الشريف عن التعبير بها.

وهناك فرقٌ شاسعٌ بين القتال الذى يشير إلى الدفاع وردّ العدوان، ويكون بالسِّنان وباللسان؛ وهو ما جاء به الشرع الشريف، ودلّت عليه نصوص الدين الحنيف، وجعل له شروطًا وقيودًا وضوابط صارمة، وبين القتل الذى يشير إلى البدء بالعدوان والمبادرة بالبغي؛ وهو ما نهى عنه الشارع الحكيم، وتوعد صاحبه بالعذاب الأليم.