رمضان قديما في مصر.. مجالس لمصالحة المتخاصمين

ارشيفية
ارشيفية
 
 
 
 
عند اقتراب شهر رمضان الكريم يتطلع المسلمون بجميع أنحاء العالم إلى هلال رمضان متوسمين في مطالع أقماره الآمال التي تحياها الأمم، فاعتنوا برؤية الهلال عناية فائقة.
 
ولم تكن تلك الحفاوة مقصورة على عامة المسلمين، بل كان الخلفاء والأمراء والملوك في طليعة المهتمين بالصعود إلى الأماكن العالية بصحبة القضاة والشهود لرؤية هلال الشهر الكريم بالعين المجردة .
 
وبمثابة إعلان رؤية الهلال يكون المسلمون فى شتى بقاع الأرض قد اعدوا لأنفسهم برنامجا دينيا اجتماعيا حافلا بالعلم والتقوى وحب الدين والاحتفال بليلة الرؤية له تاريخ جميل عند المسلمين، بحسب ما نشرته جريدة أخبار اليوم في 7 أكتوبر 1972.
 
وقد بلغت أقصى درجات الاحتفال بها فى العصر الفاطمي فى مصر بصفة خاصة، حيث كان الفاطميون في غاية البراعة بالاحتفال بمختلف الأعياد الدينية لزج مبادئهم من خلال هذه المناسبات ومنذ عهد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والاحتفال بليلة الرؤية قائم بشكل أساسي بالرغم من أنه قد تدرج بشكل مختلف.
 
فكان الاحتفالات في العصر الأول تتركز فى غسل النفوس من الأحقاد والضغائن وكان من عادة السلف الصالح أن يذهبوا إلى المتخاصمين معهم ويقوموا بالصلح حتى لا يتركوا أي آثار سيئة في النفوس مع بداية الشهر الكريم، وكانوا كثيري الاعتكاف والصلاة والتعبد وقراءة القرآن طوال أيام الشهر الكريم.
أما في العصر الأموي فقد اتسعت دائرة الاحتفالات بشكل مختلف فمع زيادة المسلمون وبمثابة إعلان رؤية الهلال فإذا بالمواكب تسير فى الطرقات لتوزيع الصدقات وتبدأ السرادق الضخمة فى تلاوة القران والسيرة النبوية وتضيء جميع المساجد ابتهاجا بقدوم الشهر الكريم.
 
وفي العصر العباسي، اتسعت الاحتفالات بشكل أكبر حيث تشهد بيوت أغنياء المسلمين حفلات تستمر حتى الصباح تمتزج فيها أمور الدين مع مباهج الدنيا فكان سماع القران وتجويده ودعوة العلماء للحديث عن السيرة النبوية وسيرة الرسل من أهم جلسات المساء بعد صلاة التراويح.
 
وكان القاضي أبو عبدالرحمن عبد الله بن لهيعة في مصر سنة 771 م من أوائل الذين خرجوا في موكب للاحتفال برؤية هلال رمضان من فوق جبل المقطم وكان تحت المقطم جامع وبجواره مجلس كبير كان يعرف باسم "دكه القضاة".
 
وعندما يشاهدون الهلال تطلق الزغاريد وتضاء المشاعل ويبتهج الناس ويعم السرور كل مكان ويعلن قاضى القضاة ببدء الصوم
لذلك فان ليلة الرؤية تعد من أهم المناسبات لدى المسلمين وكانت لها تاريخ جميل ارتبطت فيه الحياة الدينية بالحياة الفكرية والدنيوية على مر العصور.