وش تانى

لغز عودة روقة إلى الحياة .. behind the scenes

ريشة : محمد صبرى
ريشة : محمد صبرى

كتب: عبد الصبور بدر

عادت روقة إلى الحياة قبل أن يتمكن الحانوتي من دفنها مباشرة. هرولت في الشوارع ترفع ذراعها وتنادي على زوجها بصوتها المميز: يا سي كمال.. يا سي كمال.


وشعر كمال بالفزع وهو يراها تدخل عليه بكفنها، وتفتح ذراعيها في محاولة لاحتضانه. بسمل، وحوقل، وتعذبن بالله من الشيطان الرجيم، وحين لم تختف من  أمامه أغمى عليه من الخضة.

 

تركته روقة وذهبت إلى الحمام تغتسل من تراب القبر، وعادت إليه في قميص نوم أحمر شفتشي، والمبخرة في يدها ترقيه من عين شكري، وعادل وكل اللي يشوفه وميصليش ع النبي. رصت له حجر جوزة مغمس يعدل الدماغ، وجلست تحت قدميه حتى ونونت رأسه، وكانت ليلة من ألف ليلة وليلة.

 

وبعد تسعة أشهر بالتمام وضعت روقة  توأم: الدفاس وأبو دهشوم، ومن بعدهما حضر طلبة ليمتلأ البيت بالعيال وتنشغل روقة عن كمال، ويختفي عبير البخور، وتفوح رائحة الحفاضات، ويهرب الهدوء، وتبدأ وصلات الزن والخبط والرزع، ومسابقات تكسير الأطباق التي يتنافس فيها  أبو الدهشوم والدفاس، في حين يفضل عطوة ممارسة هواية شرب الماء من قعدة الحمام وتنظيف يديه في وجه أبيه.

 

فوجئ كمال بـ «روقة» تتحول إلى امرأة أخرى. الست الحنينة الهادية النسمة التي لا تتوقف عن الطبطبة وتموت في جلدها إذا شخط فيها ، أصبحت أخرى شرسة،  تتخانق مع دبان وشها، وإذا تجرأ كمال وطلب منها كوب ماء ، تزغر له زغرة تنتهي بجملة: حس بيا شوية.. هلاقيها منك ولا من عيالك..  فيتراجع الغضنفر، وينقلب إلى قطة سيامي بتنونو، وبعد أن كانت روقة «تكبّس» بيديها الطريتين ظهر كمال، تحول ظهر الجدع إلى «تراك» يجري عليه أبو دهشوم والدفاس، في حين  يفضل طلبه العضعضة في جسد والده ليختبر قوة أسنانه.

 

وفي يوم من الأيام انتهز كمال ليلة نام فيها العيال، وطلب من روقة أن تعد له حجر معسل من بتاع زمان، وارتداء القميص إياه، واستجابت روقة لكمال ولكن القميص لم يستجيب، ورفض الدخول في جسدها، وحين وجدت كمال فوق رأسها يستعجلها قائلا: مش ياللا بقا يا جميل؟.. انفجرت في وجهه قائلة:- 

• ابعد عن وشي الساعة دي!
تعجب كمال وقال لها: فيه أيه.. مالك يا وليه.. هو حد داسلك على طرف؟!

صفقت روقة، وشهقت، قبل أن تميل  بنصف جسدها العلوي  إلى الخلف وتمسح جبهتها بالسبابة، وترقص حاجبيها وتقول:- 

• ده دااااس وعملني مداس وفرج عليا الناس، بقا روقة اللي وسطها كان يتلف في منديل يبقى وزنها قد الفيل.. ست الستات اللي وشها طبق حلويات وشفايفها بلح أمهات،  كل ما تبص في المراية تلاقي لونها مخطوف، وتفاح خدودها مقطوف، وشبابها منسوف، وتاكل زي الحلوف.. وده كله بسبب مين ياسي كمال؟!
ولم تسمح روقة لكمال بالرد على سؤالها واستمرت قائلة:

• مش بسبب عيالك اللي بيوروني الويل، ويهدوا الحيل، نهار وليل.. 
وقبل أن تنتهي من وصلتها، دخل عليهما عطوة يهرش في رأسه، ويتشعبط والده، وقبل أن يأخذه كمال في حضنه لينام، اقتحم الدفاس وأبو دهشوم المكان، ليتحول إلى سيرك، بينما خرجت روقة كالوحش الكاسر من الحجرة إلى الصالة، ومن الصالة إلى المطبخ تلتهم كل ما يقابلها من طعام.