إبراهيم مدكور يكتب .. الإرهاب الكروي

إبراهيم مدكور
إبراهيم مدكور

بوجوه يملأها التفائل ويعلوها الأمل، ونفوس ذهبت إلى السنغال عازمةً على التأهل للمونديال من داكار، ولسان حالها يقول:  ولما لا ؟!  فلا مستحيل في كرة القدم، طالما العدالة قائمة، واللعب بنزاهة وشرف، وطالما الطمأنينة من انعدام الخيانة، فهناك يقين بحسن استقبال وضيافة، وعلاما يكون غير ذلك، والجزاء من جنس العمل واقع، " فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان " وبالفعل هذا ما لقوه السنغال، هنا بالقاهرة في مباراة الذهاب، ترحاب شديد وحسن ضيافة واستقبال، وبالطبع لاغريب ولا جديد على أم الدنيا بلد الأصالة والكرم. 

لكن وللأسف!! ماحدث لنا في السنغال في مباراة الإياب، كان عكس ذلك تماماً، فمنذ أن وطأت أقدامنا داكار، وهناك حالة من العنف و«الإرهاب الكروي»، والكره والاستنفار، بل أفعال كادت أن تودي بحياة الناس، وكدت أن أكون أول هؤلاء، وأول مَنْ يقطع الأنفاس.


فنحن ذهبنا إلى السنغال، من أجل مؤازة منتخبنا في حلم التأهل للمونديال، ومنذ وصولنا داكار وفور خروجنا من المطار، ونحن مستقلين الحافلات التي ستنقلنا إلى ملعب المباراة، وعلى جنبات الطريق، تصطف جماهير غفيرة، تريد أن تقطع علينا الطريق وتعوق حركة السير. 


فبعيداً عن الإشارات والألفاظ التي فعلوها، كان هناك وابل من الطوب والحجارة التي صوبنا يرموها، بغل وكره، وبلا رحمة ولا هواده، مما أدى إلى إصابات وتهشم لبعض الزجاج. 

وعانينا حتى وصلنا إلى ملعب المباراة، قبل عشرة دقائق من انطلاقها فقط. 


ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل ومع دخولنا الاستاد، وجدنا حشود من الجماهير بآلاف الآلاف، ولا يوجد مكان سوى لنا، نحن القلة العددية المسافرة، وجميع هؤلاء الجماهير، يستقبلون بالسباب وصافرات الاستهجان، والإشارات بأشبع من أي كلام، أو وصف يقال.

وهل هذا فحسب!!! بلى، فمكان جلوسنا لم يكن لنا لوحدنا، بل كانوا بجوارنا، بل إن صح وجاز التعبير، كذلك من فوقنا، فنحن كنا بالأسفل في جانب من المدرجات، وهم يحاوطوننا من كل اتجاه، وبدون أمن أو حراسة.


حينها تطرق للأذهان، أنه من الصعب أن نفوز بالمباراة، أو أن ننجو من الاعتداء، بل وقد ينتهى الحالة لمفارقة الحياة.


ولم تمر سوي لحظات وحدث بالفعل الاعتداء، فبدأت الجماهير بقذفنا بزجاجات من المياه، من كل اتجاه. 

أحدهم ارتطمت بقوة برأسي، وهذا كان آخر وعي، فلم أرى بعدها شئ ولم أدري، إلا بعدما تم علاجي وتمت إفاقتي، بعدما تم للمستشفى نقلي. 
ولكن لم أعد بعد لكامل قوتي، فمازلت أعاني وأتألم من رأسي.


بل واستمرت جميعها تلك الأفعال، على مدار المباراة،  من خلال ما علمته من زملائي، ومن خلال ما شاهدته في آخر دقائق الشوط الثاني. 


علاوةً على ما تم فعله كذلك مع اللاعبين، من صافرات استهجان، وتوجيه ليزر، بشكل مبالغ فيه.


والله دعوني لا أخفيكم القول، بأنني وبرغم مرارة الخسارة، وعدم تخيل فكرة أننا لم نتأهل، إلا أنني مع تلك الأحداث وما رأيته من مشاهد بعيني،  أقول لكم لعل خسارتنا الغير مستحقة، جاءت بتدبير الله، لأننا بهذا الشكل من العنف والشحن، كانت ستحدث كارثة وكنا غالبا سنفارق الحياة.

والسؤال: أين حقنا الآن؟!!! 

ومَنْ يعوض خسارتنا التي كان سبب كبير فيها تلك الاعتداءات ؟!! 

هل ستكون في النهاية مجرد مسكنات؟!!