العراق.. غارة طهران على أربيل رسائل للداخل والخارج

صورة للدمار الناتج عن الهجوم الإيرانى على أربيل فى شمال العراق
صورة للدمار الناتج عن الهجوم الإيرانى على أربيل فى شمال العراق

فى ظل انشغال العالم بالأزمة الروسية الأوكرانية، تعرضت مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، فجر الأحد الماضى لهجمات صاروخية باليستية غير مسبوقة وبالقرب من القنصلية الأمريكية، نفذها الحرس الثورى الإيرانى الذى أعلن مسئوليته عن الهجوم بدعوى استهدافه قواعد إسرائيلية سرية.

و لم يسفر الهجوم عن خسائر بالأرواح، فقط اقتصرت على أضرار مادية. التصعيد الجديد من قبل ايران يمثل تحولا خطيرا فى مسار المواجهة بين ايران والولايات المتحدة، فضلا عن كونه ايضا انتهاكاً صارخاً للسيادة العراقية بعدما بدا جلياً وواضحاً بانتقال طهران من مرحلة  التلميح والتهديد إلى التصريح والأفعال العنيفة على الأرض. 


وما يجعل الأمور أكثر تعقيدا على فهم الأسباب التى تقف وراء قيام ايران بتلك الخطوة، ضعف بيان الخارجية الأمريكية نسبياً، وجاء فيه:»ندين الهجوم الصاروخى على أربيل ونؤكد أنه يجب محاسبة إيران على هذا الانتهاك الصارخ لسيادة العراق».

 ومن واقع معطيات هذا المشهد السياسى المعقد والمتقلب ويصعب فهمه فى المنطقة، لاسيما السياسة الايرانية، هناك بعض التفسيرات وضعها مراقبون حول الأسباب من قيام طهران بهذا الهجوم غير المسبوق على هذا النحو:


اولا: أن تنفيذ مثل هذا الهجوم الضخم يندرج فى سياق محاولات ايران استغلال الأوضاع الدولية المضطربة على وقع الحرب فى أوكرانيا، للمضى فى تنفيذ أجنداتها العراقية والإقليمية.
ثانيا: قد أتى هذا الهجوم ردا من ايران على اسرائيل بعد قيامها  بغارة جوية على سوريا، استهدفت  مقتل أربعة أشخاص من بينهم مسئولان فى الحرس الثورى الإيرانى.

وقال سعيد خطيب زاده الناطق باسم الخارجية الإيرانية عقب مقتلهما إن محاسبة إسرائيل عن هذه الهجمات هى «واحد من أهداف المقاومة الأساسية فى المنطقة»، والتالى جاء الهجوم الإيرانى لحفظ ماء وجه طهران.


ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسئولين أمريكيين قولهم إنّ الهجوم الصاروخى قد يكون انتقاماً من الإسرائيليين على الغارة التى شنوها فى ضاحية دمشق، حيث سقط ضابطان فى الحرس الثورى الإيرانى ليبقى الخاسر الوحيد فى ظل هذه الفوضى، هى سيادة الأراضى العراقية التى اتخذتها طهران ساحة لتصفية حساباتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل.


 ثالثا: الهجوم الإيرانى جاء كرسالة موجهة للعراقيين، وكأنها تريد أن تذكرهم  بأنهم يجب ألا يمضوا فى تشكيل حكومة جديدة واختيار رئيس وزراء من دون أخذ مصالح إيران ونفوذها بعين الاعتبار، وتجاهل دورها فى بلاد الرافدين..خاصة فى ظل الانقسام داخل البيت الشيعى نفسه فى العراق.


أما التفسير الرابع: وهو الأبعد من العقل والمنطق كما يرى محللون، فهو ما دفعت به طهران فى بياناتها، من أن قصفها اربيل استهدف موقع تجسس إسرائيلياً ومركزا للموساد هناك وهو ما نفاه مسئولون فى الإقليم. 


ودعونا نتفق على أن العراق تحول فى ظل الأوضاع المضطربة الى ساحة صراع متقدم بين طهران وواشنطن الأولى تتمتع  بنفوذ هائل توفره  فصائل وميليشيات  مسلحة قوية على امتداد أراضيها، كما تملك الولايات المتحدة قوات عسكرية مرابطة هناك.

وقد يكون ذلك وراء التباين فى المواقف العراقية من العراق والذى اتخذ ابعادا متناقضة على المستوى الحكومى، فقد اقتصر على تغريدة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمى قال فيها إن الاعتداء الذى استهدف مدينة أربيل العزيزة وروّع سكانها هو تعد على أمن شعبنا.

وستقوم قواتنا الأمنية بالتحقيق فى هذا الهجوم، ولم يشر الى مكان وموقع الانطلاق وتبع  ذلك تغريدة رئيس الجمهورية برهم صالح فى السياق نفسه بأن استهداف أربيل جريمة إرهابية مدانة وتوقيته المريب مع بوادر الانفراج السياسى يستهدف عرقلة الاستحقاقات الدستورية بتشكيل حكومة مقتدرة، إلا أن حكومة إقليم كردستان أعلنت.

وبشكل صريح أن هذا الهجوم هو من ايران وانه تكرار لهجماتها السابقة داعين المجتمع الدولى لعدم السكوت على هذا الحال. يضاف الى ذلك استدعاء وزارة خارجية العراق السفير الإيرانى لديها، وسلمته مذكرة احتجاج، وفقًا لما أعلنه المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد الصحاف.


وعلى المستوى الثانى فقد انقسمت الطبقة السياسية داخل المكون الشيعى حول الموقف من الغارة حيث اعلنت الميليشات المسلحة فى العراق وبشكل واضح عن ترحيبها بالقصف الصاروخى وفى مقدمتها كتائب «حزب الله» العراقى.

واضعة الشأن العراقى خلف ظهرها إذ وجدت فى حادثة القصف الصاروخى استهدافاً لقاعدة ما وصفته بـ«الكيان الصهيونى فى أربيل»، . وجددت كتائب «حزب الله» سعيها إلى إفراغ القواعد العسكرية ومقرات المخابرات الأجنبية فى العراق.

أما ميليشيا «النجباء»  برئاسة أمينها العام أكرم الكعبى فأعلنت بوضوح ان هذه المواقع ستكون هدفاً مشروعاً لما سمته «المقاومة العراقية» بينما الموقف الواضح والصريح الرافض جاء على لسان زعيم التيار الصدرى مقتدى الصدر الذى طالب برفع مذكرة احتجاج الى الأمم المتحدة والسفير الإيرانى ببغداد بشأن الهجوم وأخذ الضمانات بعدم تكرارها.

وألا تستخدم الأراضى العراقية ساحة للصراع السياسى والعسكرى وأن على الجهات المختصة فتح تحقيق بالمزاعم بوجود مواقع إسرائيلية.

اقرأ ايضا | بينيت: قلقون بشأن نية شطب الحرس الثوري الإيراني من القائمة الأمريكية للإ رهاب