هروب مالك تشيلسي وتهريب طائرته خارج أوروبا

هروب مالك تشيلسي
هروب مالك تشيلسي

دينا جلال

طالت الحرب الروسية الاوكرانية وامتدت الأزمة لتصبح سببًا في الكشف عن أسرار الأثرياء الروس ممن تميزت حياتهم بالمكاسب والصفقات الرابحة وحرية التنقل بين دول العالم بطائراتهم الخاصة والاستمتاع بيخوتهم الفاخرة التي ترسو على بعد امتار قليلة من قصورهم المميزة، بدأت الحرب وانقلبت الامور لتتوقف مظاهر حياتهم وانهالت عليهم القرارات بمصادرة أموالهم وتجميد حسابهم وتحديد إقامتهم وتصاعدت العقوبات ضدهم بشكل لم يتوقعه احد.

تصدر رجال الاعمال الروس عناوين الصحف العالمية واقتصرت اتهامات الغرب لهم على علاقاتهم الوطيدة بالحكومة الروسية حيث يطلق الغرب عليهم لقب «الاوليجارشية» وهم رجال الاعمال الروس ممن نجحوا في تكوين ثرواتهم بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وتحوله إلى الرأسمالية، وتحولت أسرار ممتلكاتهم وثرواتهم وأنشطتهم التجارية إلى الأخبار الاكثر قراءة وتعليقًا لدى الصحافة الغربية التي تنافس بعضها البعض بالانفراد بنشر تفاصيل ثروات الاوليجارشية مصحوبة بخرائط ومخططات تكشف حجم ممتلكاتهم وخطوات الحكومة الامريكية والاتحاد الاوروبي لمصادرتها، ويصحب تلك الحالة تعليق وتساؤل البعض حول ديمقراطية الغرب وكيف امتدت العقوبات الغربية السياسية والاقتصادية إلى عقوبات ومطاردات شخصية لرجال الاعمال ومصادرات لأموالهم دون محاكمات أو اتهامات محددة وتأثير تلك العقوبات على قطاع الاستثمار فى اوروبا وامريكا.

تهديدات وتبريرات

كشفت الصحف الانجليزية التفاصيل الاخيرة لمطاردة الاثرياء الروس ممن قضوا سنوات فى بريطانيا وغيرها من اجل الاستثمار والاستقرار ليفاجئوا بمصادرة اموالهم وتجميد أرصدتهم وتصل أعدادهم إلى حوالي مائة رجل اعمال، وأرفق رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إجراءات عقوبات حكومته للمستثمرين الروس بتهديد شديد اللهجة يؤكد فيه انهم اصبحوا بلا ملاذ آمن، محذرًا من اتباع القسوة فى عقابهم بسبب علاقتهم بالحكومة الروسية، وبرر تلك الإجراءات باعتبارها نوع من الضغط على روسيا لوقف الحرب.
منذ اندلاع الحرب وحتى الآن تصدر الثري الروسي رومان ابراموفيتش -55 سنة- عناوين الصحف البريطانية بثروة تصل إلى 12 مليار جنيه استرليني تبعًا لمجلة فوربس العالمية وغيرها، وتصدر رجل الاعمال الذي يمتلك حصصا ضخمة فى شركات الصلب الروسية العملاقة قائمة رجال الأعمال الممنوعين من التصرف فى اموالهم بعد أن لاحقته اتهامات بتمويل الحرب الروسية والمساهمة فى إمداد حكومته بالمعدات الثقيلة، لفتت العقوبات الأنظار سريعًا نحو نادي تشيلسي الانجليزي الذي يمتلكه ابراموفيتش وتصل قيمته إلى ثلاث مليارات جنيه استرليني تم تجميدها كجزء من العقوبات المفروضة عليه بالرغم من وعوده ببيعه والتبرع بالأموال لمساعدة ضحايا الحرب في أوكرانيا.

خسارة وهروب

 وضع عقوبات نادي تشيلسي الحكومة البريطانية في مأزق لتتعرض إلى اتهامات بالتسبب فى انهيار احد عمالقة أندية الدوري الانجليزي على مستوى العالم بسبب ثروة ابراموفيتش وتمويله الدائم للصفقات الضخمة، واصبح النادي مهددًا بالافلاس إلى أن تتم صفقة بيعه، ووصل الامر إلى صعوبة توافر سيولة مالية لتنقل اللاعبين إلى المباريات مما دفع الحكومة البريطانية إلى التراجع قليلا لتصدر تراخيص لدفع رواتب الموظفين واشترطت تنقل اللاعبين لحضور المباريات بميزانية لا تزيد عن 20 ألف جنيه استرليني، وقصر حضور المباريات لحاملى التذاكر المباعة دون السماح للنادي ببيع أى تذاكر جديدة بالاضافة إلى وقف أى انشطة تجارية أو مبيعات للنادي، وامتدت العقوبات لمنع ابراموفيتش من التصرف فى  ممتلكاته دون ترخيص خاص بالإضافة إلى تجميد أي نقود يحتفظ بها في المملكة المتحدة كما لا يمكنه بيع أسهمه في بورصة لندن أو التكسب من أرباحها.
لم تتوقف الصحف عند نادي تشيلسي، أغلى اصول ابراموفيتش الذي رجحت الصحف هروبه واختفائه فى بيلاروسيا اثناء محاولة وساطاته للتفاوض على إنهاء الحرب في ايامها الاولى، ثم رصد المصورون لقطات له فى قاعة كبار الزوار فى  مطار «بن جوريون» بتل ابيب حيث يحمل الجنسية الإسرائيلية منذ عام 2018 وهو يستقل طائرته لترجح وصوله إلى موسكو بعد أن اعلنت إسرائيل رفض اقامة رجال الاعمال الهاربين على أراضيها.

 حصرت الصحف باقي اصول وعقارات ابراموفيتش ومنها قصر كنسينجتون وقيمته 150 مليون جنيه إسترليني، وشقة بنتهاوس في غرب لندن بقيمة 22 مليون جنيه إسترليني، وما يزيد عن مليار ونصف جنيه إسترليني من اليخوت والطائرات الخاصة واسطول من احدث السيارات الفارهة لموديلات بورش وفيراري وغيرها تقدر قيمتها لأكثر من 16 مليون جنيه إسترليني.

خارج الحدود

 كشفت مجلة فوربس؛ ان ابراموفيتش يمتلك أغلى طائرة خاصة في العالم من طراز بوينج بقيمة 264 مليون جنيه إسترليني تتسع لخمسين مقعدًا صممت خصيصًا تبعًا لذوقه الخاص، وتتبع الحكومة البريطانية حاليًا باقي ممتلكاته لتكتشف انه نجا ببعض ممتلكاته خارج حدود بريطانيا ومنها طائرته الخاصة «ذا بانديت» وتصل قيمتها إلى 80 مليون جنيه استرليني وغادرت بريطانيا في 25 فبراير.

وصلت إجراءات مصادرة بريطانيا لممتلكات ابراموفيتش إلى حد شعور الحكومة البريطانية بالخسارة بسبب مغادرة يخوته الفارهة للاراضي البريطانية وهى يخوت يعرفها الانجليز جيدا بسبب أسعارها الخيالية ومنها يخت «ايكليبس» أو «خسوف» ثاني اغلى يخت في العالم، يصل ثمنه إلى نصف مليار دولار لاحتوائه على مهبطين للطائرات وغواصة وكل وسائل الرفاهية، وتم تحديد موقعه بالقرب من سواحل جزر فيرجن البريطانية في منطقة البحر الكاريبي، وتحرك يخته الثاني «سولاريس» ويصل ثمنه إلى 430 مليون جنيه استرليني نحو برشلونة عبر المياه الدولية حيث يعتقد أن اليختين سيستقران فى المياه التركية بعيدا عن حدود دول الاتحاد الأوروبي، وعن حياته الشخصية لدى ابراموفيتش سبعة ابناء تتراوح اعمارهم ما بين 29 عامًا و7 سنوات من ثلاث زيجات متعاقبات ويستقرون بين امريكا وبريطانيا.

اتحاد امريكي أوروبي

 تضم قائمة الاوليجارشية اسماء العديد من رجال الاعمال الروس ومنهم «أوليج ديريباسكا» الذي خرج من حالة الصمت التي اتبعها رجال الاعمال الروس في محاولة لإنقاذ مصيره حين دعا في تغريدة له إلى ضرورة الوصول إى حالة السلام في أسرع وقت ممكن في محاولة لحماية نفسه والظهور بشكل محايد إلا أنه يوصف برجل أعمال صناعي بارز وأحد أغنى الرجال المرتبطين بالرئيس بوتين، وجنى المليارات من حصته في صناعة الألومنيوم الروسية، ولديه مجموعة عقارية هائلة بملايين الجنيهات الاسترلينية في بريطانيا، وتقدر ثروته بملياري جنيه إسترليني بالرغم من خضوعه لعقوبات أمريكية منذ عام 2018.


أما رجل الاعمال «إيجور سيشين» فيشتهر بعلاقاته الوثيقة بالرئيس بوتين اثناء حكمه لمدينة سان بطرسبرج في التسعينيات وهو الرئيس التنفيذي لشركة روسنفت الحكومية الروسية للنفط، فرضت عليها عقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فوجئ إيجور سيشين بمطاردة املاكه ومصادرة يخته الشهير «أموري فيرو» قبل فراره من قبل ضباط الجمارك الفرنسيون بالقرب من مرسيليا بفرنسا بناءً على قرارات تجميد امواله من قبل حكومات امريكا والاتحاد الأوروبي.

قوائم المطاردين

نفس الامر يجري في ألمانيا؛ حيث سيطرت السلطات الالمانية على يخت فاخر تصل قيمته إلى 600 مليون دولار في ميناء هامبورج الشمالي ويمتلكه الملياردير الروسي أليشر عثمانوف الذي وصف العقوبات بقرارات غير عادلة تحمل تبريرات مليئة بالتشهير والاساءة لسمعة رجال الاعمال، واتبعت السلطات الايطالية نفس الإجراءات حين احتجزت الشرطة المالية الإيطالية يخت يملكه أليكسي ألكساندروفيتش مورداشوف أحد أثرياء روسيا في ميناء إمبيريا بشمال إيطاليا بالإضافة إلى مصادرة فيلا يملكها رجل الأعمال الروسي أوليج سافتشينكو  في مقاطعة لوكا وتبلغ قيمتها 3 ملايين يورو، وكشفت الصحف الامريكية عن تجول اليخوت الفارهة حول جزر المالديف بعيدًا عن حدود القرارات الأمريكية والاوروبية لمصادرة ممتلكات رجال الاعمال الروس.
وتحمل قائمة رجال الاعمال المصادرة اموالهم «أندري كوستين» رئيس مجلس إدارة احد اشهر البنوك فى بريطانيا و»أليكسي ميللر» الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة غازبروم وكذلك «نيكولاي توكاريف» رئيس شركة خطوط الأنابيب الروسية «ترانسنفت»، و»دميتري ليبيديف» رئيس مجلس إدارة بنك روسيا.