الأثر الطيب

مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف
مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف

بقلم: كريمة عودة سالم - مجمع البحوث الإسلامية

كلٌّ منَّا يمضى فى حياته ما بين علم وعمل، ما بين جدٍّ ولهو، نؤدى الأعمال ونربى الأبناء، نسعد يومًا وآخر قد يكون فيه كدر، ولكن هل فكَّرنا فى أعمارنا التى قد تطول وقد تقصر؟ فعلينا أن نستثمر كل لحظة فى عمل صالح نافع، ونترك أثرًا طيبًا يُخَلِّدُ لنا الذكر حتى بعد الموت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمُ ‌انْقَطَعَ ‌عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لَا يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلَّا خَيْرًا»، وقال عليه الصلاة والسلام: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».

الأثرُ الطيبُ قد يكون تربيةً إيجابيةً لأولاد يستطيعون التعايش مع المجتمع بنفسيَّة سويَّة وشخصيَّة معطاءة، وهذه التنشئة للأجيال توجِب علينا أن نوليهم من الرعاية والمتابعة ما تستقيم به حياتهم، ليس فقط فى مجال التعليم بل فى كل تفاصيلهم، كُنْ مع أبنائك فى كل حالاتهم؛ حتى تتعرَّف مهاراتهم فتنميها، ونقاط ضعفهم فتقوِّمها، وبهذا تحقِّق لبنيك التوازن والتكامل اللازم لهم.

كما قد يكون الأثر الطيب عِلمًا نافعًا فى مجاله، تضع به لبنة فى صرح يكتمل جيلًا بعد جيل، ولا يكون ذلك إلا بإيجابية فى التعامل، وتنمية فى المهارات، ومقصد صالح يسمو بصاحبه ويجعله يرتقى بذاته وينفع غيره بعلمه، وإن لم يكن هذا ولا ذاك، فلا يفوتنا حُسن الخُلق وصالح العمل؛ نغرسُ بهما فى القلوبِ أثرًا أقوى، فشغل النفس بالطاعات حصن يحمى من فراغ الأوقات، وهدف للوصول إلى أسمى درجات التعبُّد بالعلم والعمل الصالح.  

والعملُ على ترك الأثر الطيب الذى يدوم النفع به بعد الموت؛ ليرجح موازين صالح الأعمال، يحتِّم علينا ألا نقضى زمنًا من أعمارنا المحدودة بلا هدف فيما يُلهى من مستحدثات قد تشغل وقتًا من عمرنا نُسأل عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ ‌عُمُرِهِ فِيمَ ‌أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ فيه، وَعَنْ ‌مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ»؛ لأننا إن لم نستثمر هذه المستحدثات والتقنيات بشكل صحيح، دُمِّرَت العقول وهُدِمَت البيوت وأحالت كِيان المجتمع فوضى وعبثًا، خاصةً أن سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعى الحديثة تأخذ من عمرنا دون أن نشعر.