الأخوات سبايا التنظيم.. سمعًا وطاعة

الأخوات
الأخوات

عمرو فاروق

تعد الروابط الأسرية داخل جماعة الإخوان أحد عوامل البقاء التي ربما تمنحها مرونة الاستمرارية، فطقوس الزواج داخل التنظيم السري، لا تمنح الحرية المطلقة لأفراده بأحقيتهم في اختيار شريكة حياتهم، إلا في ظل ضوابط محددة، يعتليها مصلحة الجماعة وأهدافها.


لا يتم الزواج إلا بموافقة المسؤولين من القيادات المباشرة، ويفضل أن تكون الفتاة من عضوات قسم «الأخوات»، ولا تعتبر تلك الأساليب قيودًا من وجهة نظر القادة، الذين يرونها صمام أمان لحماية التنظيم من الاختراق الأمني والفكري، وبجانب الدور الوظيفي التنظيمي للزواج، كان الممر الآمن لتطوير وتنمية المنظومة المالية، من خلال علاقات المصاهرة التي جمعت بين القيادات ورجال الأعمال المتحكمين في الملفات المالية داخل جماعة الإخوان، والأهم هو النظرة للأخوات على اعتبار أنهن سبايا التنظيم سمعًا وطاعة.


في عمق الكيان التنظيمي السري، لعب قسم «الأخوات»، دورًا بالغ الأهمية في صناعة حالة التشابك وتعضيد القاعدة العريضة وتماسكها، عن طريق إحدى السيدات التي تتولى ملف التوافق بين راغبي الزواج على مستوى القطاعات الجغرافية الكبرى، وتمتلك الكثير من المعلومات عن الحالة الاجتماعية والمادية، مع إتاحة فرصة التقريب والالتقاء بين الطرفين، بما يحقق فكرة الترابط الاجتماعي التي تقوي بناء الجدار وتحميه من الاختراق الأمني، وضمان عدم تفلت الأفراد، بسبب ضغوط الحياة الزوجية وتقلباتها، على حد زعمهم.


حالة الاستعلاء الإيماني والديني التي تهيمن على العقول الإخوانية، دفعتهم للتقوقع داخل الإطار التنظيمي، والإقبال على الزواج من فتيات الجماعة، باعتبارهن الأقدر على مشاركتهم الطريق والالتزام بالمشروع الفكري والتنظيمي للإخوان، لكن ثمة قلة خرجت عن هذا الإطار والقالب المقيد لحريتهم في اختيار زوجاتهم، التمرد على قيود الزواج داخل القبو الإخواني، تتسبب دائمًا في حالة من الغضب الشديد لقيادات التنظيم، التي تترجم ذلك  على أنه خروج عن إطار السمع والطاعة وحالة الجندية التي يتعايشون في ظلها، بناء على شهادات شباب الجماعة أو المنشقين عنها.


ولعل تلك الحالة عبر عنها القيادي الإخواني، صبحي صالح، في تصريحاته: «ميجيش أخ فلوطة يقول لي أتجوز من خارج الجماعة، طيب والأخت الإخوانية، اللي احنا عاملينها دي نعمل بيها إيه؟ نشحتها؟، الأخ لما يتزوج أخت من الإخوان يطلعولنا إخوة بالميراث، أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير».


التمرد على قيود الزواج الإخواني، طالت الفتيات أنفسهن وسط سعيهن لإيجاد شريك حياتهن خارج الإطار التنظيمي، بعد ارتباطهن بعناصر من التيار السلفي، لكن المفأجاة التي لم يتوقعهن، صدور قرار بتجميد عضويتهن من الإخوان، حفاظا على عدم اختراق المؤسسات الداخلية للجماعة، والتي ترتدي ثوب السرية المطلقة، وفقاً لما روته عفاف سيد محمد، عن تجريتها داخل الإخوان.


ربما يدعم هذه الرواية ما تناولته الكاتبة المصرية ناهد إمام، متحدثة عن تجربتها مع جماعة الإخوان في كتابها، «صندوقي الأسود»، «داخل هذا العالم يكون الزواج وفق ترشيحات الجماعة، فالإخواني يتزوج إخوانية، والمسموح به فقط اختيار المواصفات الجسدية، وهنا تبدأ المأساة، فطريقة تفكير الشباب الإخواني، لا تختلف عن طريقة تفكير الشباب غير المتدين، من وجود نظرة عنصرية للفتاة السمراء، فأغلبهم يريد البيضاء، ولا يسأل عن الانسجام العقلي أو توافق الطباع».


اعترف أحمد شعراوي، المسؤول السابق عن قسم «الأخوات»، بدورهن الفاعل في عملية توثيق الروابط بين قواعد الجماعة، معتبراً أن «دور القسم هو تأهيل المقبلات على الزواج بالتعارف، واختيار زوج مناسب من كل النواحي، ولابد أن يكون هناك توافق فكري وهي أهم نقطة فيه،لأنها لو كانت مؤمنة بفكرة محددة وكان زوجها ليس على نفس النهج، ستشتعل بينهما الخلافات، خاصة أن التباين في الجانب الفكري بين الزوجين يؤدي إلى عدم الاستقرار».


ومن أشهر نماذج المصاهرة التي دعمت الهيكل التنظيمي للإخوان، زواج محمد بديع مرشد الجماعة (مسجون حالياً)، من سمية، ابنة محمد الشناوي، أحد رموز الجيل الأول للإخوان، وتزوج مهدي عاكف، المرشد السابع، من وفاء شقيقة، الدكتور محمود عزت،نائب المرشد، (مسجون حالياً)، بينما تزوجت شقيقة محمود عزت الثانية، من الدكتور محمود عامر، مسئول الإخوان في محافظة البحيرة.


وتزوج الدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشوري الإخواني السابق، من شقيقة الرئيس المعزول محمد مرسي، وتزوجت سارة ابنة محمود حسين، مسئول «جبهة الإخوان» فى تركيا حاليًا، من نجل محمد علي بشر عضو مكتب الإرشاد، (محبوس حالياً).


كذلك تزوج عضو مكتب الإرشاد، محمود غزلان، من شقيقة خيرت الشاطر، نائب المرشد، والرجل الأقوى داخل التنظيم(مسجون حاليًا)، وتدعم عائلة الشاطر هذا التشابك التنظيمي، نظرًا لارتباطها بالعديد من علاقات المصاهرة مع قيادات الجماعة، حيث تزوجت زهراء الشاطر، من أيمن عبدالغني،أحد مسؤولي قسم الطلبة (توفى نهاية عام 2020 في تركيا)،وكان شقيقه محمد عبدالغني، مسئولاً عن القسم السياسي داخل التنظيم.
وتزوجت عائشة الشاطر، من محمد الحديدي، المسئول السابق عن ملف الإخوان في ألمانيا، بينما تزوجت سمية الشاطر، من خالد أبو شادي،أحد مسؤولي لجنة «التربية»، وله إسهامات كبيرة في صناعة المحتوى الفكري والثقافي والتربوي داخل الجماعة.


في حين تزوج رجل الأعمال حسن مالك، من جيهان عليوة، شقيقة رجل الأعمال، محمد سعد عليوة، عضو مجلس شورى التنظيم، ويمثل مالك، حلقة وصل بين كبرى العائلات الإخوانية، فشقيقته الأولى، تزوجت من خالد الزعفراني، ابن عم إبراهيم الزعفراني أحد قيادات الجماعة بالإسكندرية، والمتزوج من جيهان الحلفاوي، مرشحة الإخوان في برلمان 2000، وتزوجت شقيقة مالك الثانية من أحمد أبو الفتوح،الشقيق الأصغر للدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، عضو مكتب الإرشاد السابق، (محبوس حالياً)،وتزوج المتحدث السابق لجماعة الإخوان، جهاد الحداد، نجل عضو مكتب الإرشاد، عصام الحداد،من ابنة محمود أبو زيد، عضو مكتب الإرشاد، ويرتبط بعلاقة نسب ثالثة مع عضو مكتب الإرشاد، محمد أحمد إبراهيم (مسجون حاليًا)، كونه زوج خالته.


كما تزوجت مكارم الديري(مرشحة الإخوان في برلمان 2005)، من إبراهيم شرف، أمين عام الجماعة الأسبق، بفضل علاقته الوثيقة بعمها ممدوح الديري، الذي كان أحد منظري تنظيم سيد قطب عام 1965، بينما تزوجت شقيقتها من القيادي إمام غيث، أحد المتهمين في تنظيم 65.
وتزوجت وفاء مصطفى مشهور، ابنة المرشد الخامس، من محمد عبد الجواد، أحد قيادات التنظيم الدولي، وتزوج عصام سلطان، من عائلة المرشد الثاني حسن الهضيبي، بينما خرج عن معادلة المصاهرة التنظيمية، عصام العريان، عضو مكتب الإرشاد (توفي في أغسطس 2020)، الذي كان قد تزوج ابنة أحد المتهمين في تنظيم الفنية العسكرية 1974.