المرأة لا تعرف المستحيل.. حكايات مثيرة لسيدات قادرات على التحدي

المرأة لا تعرف المستحيل
المرأة لا تعرف المستحيل

هيا فرج الله - دينا الماهر

المرأة لا تعرف المستحيل، فعلى مر العصور أثبتت على أرض الواقع أنها تستطيع النجاح فى أى مهنة، وتعاملت مع كافة الطوائف فى المجتمع بعد أن نجحت في عديد من المهن التى يقال عنها «للرجال فقط»، لكنها كسرت القاعدة وأثبتت كفاءتها في المهن الصعبة.. التقينا نماذج مشرفة رفعت شعار «ليه لأ»..

«حنان» قررت اقتحام مهنة النجارة كباب رزق لها ولأسرتها ووصفت كم رأت من علامات التعجب على وجوه من تعاملوا معها للمرة الأولى، ‎فسمعت تعليقات في البداية كانت صعبة عليها وكان عملها غير مقبول من الجميع لكنها لم تبال وصنعت لذاتها مكانة وسط كافة الورش المجاورة، وأصبحت معروفة بمنطقة عابدين.


تقول: «فى رأيى مفيش مهنة للرجالة بس ومهنة للستات ده حاجز إتكسر من زمان، أتعامل مع مصانع وعمال وأدوات ومعدات تقيلة، وحاجات تبان إنها صعبة لكن بالممارسة أصبحت عادية بالنسبة لى، وتأكدت أنى في مكانى الصح وكمان بقيت مميزة فى شغلى وإتقدمت بشكل كبير أصل اللى بيسعي لطلب الرزق مش بيهمه نظرة أو كلمة لكنه بيشتغل ويتكيف على طبيعية الشغل أيا كان».


فيما ‎اضطرت منى للعمل بعد وفاة زوجها وذلك من أجل استمرار المعيشة لأسرتها فهي من وقتها أصبحت أما وأبا لستة أطفال ولم يكن هناك حل غير الوقوف مكان زوجها في ورشة الأحذية لتعمل على إصلاح الأحذية والشنط بمقابل مادي بسيط على الرغم من جلوسها طوال اليوم أمام ماكينة الخياطة ممسكة بالإبرة التي على حد قولها «بتهلك إيديها» لكنها في النهاية ترضي بما هي عليه وتصف المهنة بأنها لم تكن من السهل تعلمها وقالت: «هناك طرق معينة لإصلاح الأحذية وإلا حاتتقطع تانى، وأتحمل أنا التكلفة واللى ساعدنى شوية إنى كنت بلاحظ جوزى وهو بيشتغل لكن بعد ما توفي بدأت أتعلم مع نفسى وأجرب لغاية مابقيت شاطرة وبيجيلى زباين دايما بحكم سمعة جوزى الطيبة وشطارتى وانخفاض أسعارى فكل اللى أتمناه أن ولادى يكملوا تعليمهم وأجوز بنتى».


‎الأسطي «أم يوسف» من السهل أن تلتقى بها فى موقف ميكروباص منطقة فيصل فالكل يعرفها ويحترمها «ويعمل لها ألف حساب» لكنها بالطبع تواجه العديد من المواقف يوميا خاصة من بنات جنسها اللاتى يندهشن من أمرها والغريب أنهن ينصحنها بترك هذه المهنة والعمل بأي شيء آخر على الرغم من أن الأصوات فى مجتمعنا دائما ما تنادى بمساواة المرأة مع الرجل وأنه لم يعد هناك أى مهنة حكرا على الرجال.. لكن أم يوسف تحب ما تعمل وتعرف كيف تتعامل مع الجميع فنجدها في الموقف تعمل بشكل يومى وأيضا لا تمانع بأن تقوم بعمل مشاوير خاصة للأفراح أو لبنات الجامعة.


‎لا تندهش عندما تذهب للسوق التونسي المعروف بسوق الجمعة وتلتقى بالمعلمة عسلية وتجدها ترتدى جلبابًا صعيدياً وتلفيحة والجميع يناديها بـ»المعلمة» حتي كبار التجار والرجال والشباب فالجميع معترف بأنها معلمة السوق التي تمد يوم العون للجميع ولذلك يحترمونها ويحبونها..


تزوجت وكان عمرها 12 عامًا فقط وانفصلت عن زوجها بعد مرور 3 سنوات وعانت كثيرا فلم يكن سهلًا ما مرت به من النوم في الشوارع وهى لا تملك أي أموال لتشترى «حتى اللقمة».. وبدأت بالعمل في البداية ببيع الفراخ في الأسواق ولم يكن لها مكان ثابت فكانت تتجول في السوق وعملت بجد شديد واجتهدت إلى أن أصبحت لها مكانة في السوق والكل يحب التعامل معها.


 وعلى الرغم من أن كلمة معلم ذكورية لكن جاءت الست عسلية لتزود التاء المربوطة وتعلن وجودها وسط الرجال الجميع واعترفوا جميعا أنها بالفعل معلمة السوق فهي امرأة صاحبة كلمة موزونة وحكمة وقامت بحل كثير من المشاكل وليس فى السوق فقط وإنما حتى فى الخلافات الزوجية فى منطقتها يتصلون بها على الفور لحل المشكلة، وإذا حدث مشكلة في السوق بكلمة منها الأمر ينتهي فالجميع يحترمها وذلك ما أكدت عليه أن الإحترام والمحبة لا يتطلبان المال وذلك ما تحصده المعلمة من داخل السوق التي كانت تدافع عنه وتذكر أنه يتنافي تمامًا مع الصورة التي عرضت علي الشاشات أنه مليء بالبلطجية والمخدرات فالجميع بالداخل يسعي للرزق فقط.


في واحدة من إحدي محاولة لتشجيع مزيد من النساء للعمل بالمهن الصعبة قررت «أم باسم» خوض معركة دفاعية أمام المجتمع سبب ممارستها لمهنة السباكة التي احترفت فيها وتميزت بدقتها.


أوضحت أنها واجهت في بداية ممارستها لمهنة السباكة تحديات مجتمعية يتمثل معظمها في أنه لا يحق للمرأة أن تتعايش مع هذه العمل بأسلوبها وطريقتها صنعت نهجًا لذاتها وسط رجال تلك المهنة، وبالفعل تقبلها الكثير والآخر سخروا منها لكن زبائنها يفتخرون بها وأبهرت الجميع بما تستطيع فعله وأكدت أن السعي وراء الرزق واجباً حتي، وإن كان من أصعب طريق.


شجاعة المرأة لا توصف وقدرتها على التخطي عالية وجاءت هبة أو كما ينادونها «أم ولاء» في العقد الرابع من عمرها لتثبت كل ذلك على أرض الواقع من خلال ممارسة مهنة النقاشة، فالوقوف على السلالم واستخدام سكاكين وفراشة وزيوت ومحاسبة عمال و تجار كل ذلك قد يجد فيه بعض الرجال عناء لكن هى على عكس كل ذلك وحققت نجاحا كبيرا.


تبدأ يومها من مدينة نصر لقربها من مسكنها وتقوم بتنظيف الأسقف والجدران ثم تعالجها بالمعجون وتستمع بكل ذلك وصولاً للدهان التي أصبحت تحترفه به وتعلم أيضا كيفية دهان الشبابيك والنوافذ ولا تقوم بتسليم الشقة إلا بعد تشطيبها تماماً، وعملها في هذه المهنة جاء بالصدفة، فمنذ ٩ سنوات تقريبا كانت تعمل سكرتيرة في عيادة وقررت الطبيبة دهان العيادة وبالطبع طلب منها النقاش مبلغا كبيرا، فقامت أم ولاء بطلب أن تقوم هي بالدهان وبالفعل قامت بتغيير منظر المكان كلياً، وتلك لم تكن المرة الأولى لها فكانت تقوم بدهان كل شقة تسكنها فيها هي وبناتها حيث لا تمتلك مكانًا ثابت للمعيشة.


المهن الذكورية ليست في الأعمال الحرفية البسيطة ولكنها أيضا امتدت للتصوير الفوتوغرافي خاصة ما يتعلق بالأكشن والمشاهد الخطيرة لكن إنچى الشاذلى كان لها رأيا آخر بناء على تجربتها كمصورة متخصصة في الخطورة فقالت: «طبعا من زمان وأنا أحب التصوير لأن والدي كمان كان يحبه وهو الذى علمني بالرغم من أنه ظابط شرطه وعمله لم يمنعه من هوايته واهتمامه بها، و هو من أشتري لى أول كاميرا لأصور بها وكنت أقوم بتصوير جميع أصدقائى في المدرسة و أنا صغيره إلى أن كبرت و أنا أعشق التصوير و بدأت أتخذه كعمل».


وتابعت: «كانت بداية عملى في الدراما هو مشاركتى فى مسلسل (الاكسلانس) بطولة الفنان أحمد عز و كنت أقوم بتصوير الكواليس و حقيقي لم يكن الأمر سهلا علي لأنها كانت المرة الأولى التى احضر في موقع تصوير وممثلين في الحقيقه وكان كل ما يهمني هو أن أثبت نفسى  و أتعلم وبتوفيق الله استطعت أن أفعل ذلك، وقررت وقتها ان  يكون لي دور أكبر من تصوير الكواليس فقط وخاصة أن الكل كان يتعجب من انني فتاه و أعمل في (الميكينج)».


وأضافت: «البنات لازم تعرف قدرات نفسها وماتحسش أبدا إنها أقل من حد أو الظروف أقوى منها لمجرد أنها بنت، فكرة أن البنت هي الكائن الضعيف اللي مايقدرش يعمل أي حاجه في حياتها دي فكرة غلط نفسي أقول لاي بنت ماتسمحيش لاي شخص يقلل منك ومن طموحك ولا يقلل من اي حاجه بتعمليها في حياتك كوني قويه مهما حصل و اوعي تنسي أبدا انك ست قويه وشجاعة ومضحية ومسئولة، ومتخليش اي حد مهما كان أنه يقلل منك ومن قدراتك.. خليكي (قويه .. سعيدة ... ناجحة)».