على شاشة التليفزيون .. الست مش « مكسورة الجناح »

دراما المرأة المصرية
دراما المرأة المصرية

سارة الفارسي

غالبا ما ظلمت السينما المرأة المصرية، حيث أهتمت أكثر بقضايا الرجال، وتصدر الرجل لبطولة الأعمال الأفلام وجاءت المرأة بمشاكلها وحياتها على الهامش، إلا فيما ندر، لكن العكس على شاشة التليفزيون، حيث تتربع المرأة على قمة العديد من البطولات، بل أصبحت قضايا المرأة محور أعمال كثيرة خاصة في السنوات الأخيرة، حيث نرى أعمال مثل «إلا أنا» و«زي القمر» وغيرها تتناول قضايا نسائية خالصة.. في السطور التالية نلقي الضوء على تطور صورة المرأة في الدراما المصرية، وأهم الفوارق بين الحاضر والماضي في تناول القضايا الخاصة بها من خلال الأعمال الدرامية التي يتم تقديمها بكثرة خلال هذه الفترة.

النساء من الزهرة

في البداية علقت الناقدة د. عزة هيكل بأن صورة المرأة في الدراما المصرية مرت بمراحل عديدة، وكل مرحلة تعبرعن الحالة الإجتماعية والسياسية التي تمر بها، على سبيل المثال شهدت فترة الستينيات والسبعينيات التحديات التي تواجه المرأة من أهمية التعليم وأهمية العمل وذلك من خلال مسلسل «القاهرة والناس»، والذي كان يقدم صورة المرأة الجديدة التي ترغب في إثبات ذاتها على صعيد العمل والتعليم والحب وكيفية مواجهة مشاكلها في هذه المرحلة، وذلك كان من خلال مجموعة من الشخصيات التي قدمت بشكل مختلف كالأم والجدة والزوجة وغيرها، وأيضا مسلسل «هي والمستحيل» التي قدمت من خلاله المؤلفة فتحية العسال عن فتاة تحارب الظروف التي تواجهها من فقر وجهل لتصل إلى تحقيق أحلامها حيث تحلم بإستكمال تعليمها الجامعي وتحقق هذا الحلم على الرغم من إضطهاد زوجها المستمر لها.


وتستكمل عزة: «تأتي في فترة الثمانينيات والتسعينيات بظهور مؤلفين جدد منهم أسامة أنور عكاشة ومحمد جلال عبد  القوي ووحيد حامد الذين قاموا بتقديم صور متعددة للمرأة وأنها جزء أساسي من المجتمع.. أما بداية 2000 لم تنصف الدراما المرأة في كثير من الأحيان، حيث قدمت نماذج سيئة ومشوهة عن المرأة المصرية، منها أنها ضعيفة ومستسلمة، وأرى أنها كانت  مرحلة ضد المرأة.. لكن هناك استثناءات، منها مسلسل (ذات)، الذي يعد من الأعمال الجيدة التي تناولت صورة المرأة بشكل إيجابي، وكيف تأثرت بالتغيرات السياسية والاقتصادية والإجتماعية».


وتابعت عزة: «حدث تغيير حقيقي في تقديم صورة المرأة منذ عامين فقط، حيث بدأ بعض المؤلفين الشباب بكتابة أعمال عن قضايا المرأة والمشاكل التي تواجهها بشكل طبيعي ويليق بها لذلك أتمنى أن نبتعد عن تقديم نماذج سيئة وتقديم أعمال أكثر قوة وموضوعية واحتراما لها».
أتفقت معها الناقدة ماجدة خيرالله وقالت: «ركزت الدرما التلفزيونية في الفترة الأخيرة عن دور المرأة بشكل إيجابي وواضح، حيث قامت بتقديم نماذج جيدة  ظهرت من خلالها المرأة بأنها سيدة القرار وتتحمل نتائج هذه القرارات بسلبيتها وإيجابيتها، فأصبحت تظهر في صورة أكثر واقعية وإيجابية مهما كان مستواها الأقتصادي، وذلك على عكس المسلسلات في الماضي التي كانت تظهر شخصية المرأة بالضعف وأنها دائما (مكسورة الجناح)».


وقالت الناقدة ماجدة موريس: «تناول الدراما حاليا لقضايا المرأة تصحيح لما سبق، حيث أصبحت هي القصة الرئيسية في الحدث، بعد أن كان يتم تجاهلها في إطار قصص عمومية، وفي مسلسل (إلا أنا) ناقشت منة شلبي قضية مهمة، وهي كفالة اليتيم، وذلك وفقا لقواعد الشريعة وقواعد المجتمع، وكانت رسالة هامة لكل من لديه القدرة على كفالة طفل، كما شاهدت مؤخرا حكاية (بنات موسى) لوفاء عامر، ومناقشة قضية مهمة جدا، وهي حرمان المرأة من الميراث في الصعيد، فهو من أروع أجزاء هذا العمل، وأيضا حكاية (أمل حياتي) التي قامت ببطولتها حنان مطاوع، عن الفتاة التي تعول أخواتها وتضحي بحياتها الشخصية».


وأضافت ماجدة: «هذا النوع من المسلسلات بمثابة أسلوب جديد في تعامل الدراما مع المرأة، لأنني أراها الجزء المظلوم في مجتمعنا لأنها دائما مقيدة تحت مسمى العادات والتقاليد والتصوير الخطأ لبعض رجال الدين تجاهها، طالما يوجد كتابة جيدة وتركيز على قضايا المرأة بشكل واضح، وهي لديها قضايا متعددة منذ طفولتها مروا بالكبر».
وأستكملت ماجدة: «نحن في مجتمع به تفرقة حقيقية نمت مع الكثير من أفراده بسبب توارث أفكار تفرق بين المرأة والرجل، لذلك نحن نحتاج الكثير من الدراما التي تطالب بالمساواة بينهم، وتلقي الضوء أكثر على مشاكل المرأة».

الرجال من المريخ

وعن النظرة الذكورية علق الناقد طارق الشناوي: «ترجع تناول القضايا التي تتعلق بالمرأة في الدراما إلى أنها الشخصية المحورية للعمل، ويرجع ذلك الأمر إلى الجانب المادي والتسويقي، لذلك (لماذا لم تناقش قضايا المرأة في السينما؟)، لأن المرأة غير موجودة في السينما كبطلة أساسية». 
بينما كان تعليق الناقد عصام زكريا: «لم تقوم الدراما حتى الآن بإلقاء الضوء على أهم وأجرأ قضايا المرأة التي يجب أن تتناولها في أسرع وقت، وذلك  يرجع إلى الخوف من ردود أفعال المجتمع، والذي يعد وسيلة ضغط على معظم مؤلفين ومخرجين الأعمال الدرامية». 


وأستكمل زكريا: «يجب أن تتناول الأعمال الدرامية رسائل مباشرة وصريحة، وتتوقف عن بث صور سلبية للمرأة التي تظل (كسيرة الجناح)، في الواقع وايضا الدراما ، لذلك يجب أن تقدم قضايا المرأةمن خلال أعمال مكثفة وتكون بشكل واضح وصريح، وتكون الرسالة من  العمل هو رفض هذه التصرفات وذلك مثل قضايا العنف والتحرش والتنمر والعنوسة وغيرها من قضايا المرأة التي لم تنتهي بعد».


بينما كان رأي الناقد محمود القاسم مختلف عن من سبقوه حيث قال: «المرأة أصبحت أقوى وتستطيع فعل ما لم كانت تستطيع فعله في الماضي من وأصبح الرجل أمامها هو (الجناح المكسور)».


وعن تطور صورتها في الدراما علق القاسم بأنه يرجع إلى «شعار المرحلة»، فهي بمثابة «المرايا» لكل ما يحدث بالمجتمع في هذا الوقت، وأكبر مثال على ذلك منذ أيام جلست قاضية منصة المحكمة الإدارية، وهي بمثابة المرة الأولى في تاريخ مصر، وذلك بعد عقود من المطالبات والدعاوى القضائية لتمكين السيدات من العمل القضائي، لذلك سوف تشهد الدراما عمل يناقش تلك الظاهرة قريباً.