زواج القاصرات.. الجريمة المبكرة والقانون المنتظر

زواج القاصرات
زواج القاصرات

هبة عبد الرحمن ــ حبيبة جمال

في العدد رقم ١٥١٠من جريدة أخبار الحوادث الورقية، نشرنا تحقيقًا بعنوان «زفاف بكفن أبيض» ناقشنا فيه ظاهرة زواج القاصرات، عرضنا مأساة أربع فتيات تزوجن في سن صغيرة، ودفعن ثمن ذلك من حياتهن عندما وجدن أنفسهن معلقات لا هن متزوجات ولا هن مطلقات، ليس وحدهن دفع الثمن بل أيضا أطفالهن الذين وجدوا أنفسهم في الدنيا بلا أوراق رسمية تثبت وجودهم على قيد الحياة، ظلوا يجوبون أروقة المحاكم لإثبات نسبهم، ورغم المشاكل التي تنتج عن زواج القاصرات إلا أنه مسلسل مازالت حلقاته عرضا مستمرا، اليوم نفتح الملف مجددًا بعدما كنت شاهدة على واقعة مأساوية حدثت لطفلة لم يتعد عمرها الـ١٧عاما.


كنت في زيارة لصديقتي التي تعمل ممرضة في إحدى مستشفيات الأطفال بالقاهرة، جلست في غرفة التمريض حتى تنتهي من عملها، بعد دقائق دخلت علي طفلة تحمل بين يديها طفلا، كانت ملامح القلق والخوف تسيطر عليها، ولم تستطع السيطرة على دموعها، كأن أحدا ما أخذ لعبتها أو عاقبها على فعل ما قامت به، كانت في حالة انهيار تام، للوهلة الأولى اعتقدت أنها تحمل شقيقها الذي يعاني من آلام لا أعرف سببها حتى الآن، ولكن لماذا تأتي وحدها؟!، أين والدها أو والدتها؟، لم انتظر الإجابة وأسرعت نحوها وأخذته منها، حتى خرجت صديقتي، وبالكشف على الطفل وجدت حرارته مرتفعة، بدأت تسأل الفتاة ماذا حدث، فكانت الصدمة ما قالته تلك الطفلة؛هذا ابني يبلغ من العمر تسعة أشهر، فجأة وجدته يعاني من السخونية، وأنا هنا وحدي بعدما سافر زوجي وتركنا، ولا أعرف شيئًا ولا أعرف كيف أتعامل معه»، أخذته صديقتي للطبيب لفحصه، بينما جلست مع الفتاة ودفعني فضولي الصحفي لمعرفة الحكاية، فملامحها الطفولية تشير إلى أن عمرها لا يتخطى الـ ١٥ عاما، وكانت الحقيقة أنها لم تكمل عامها الـ ١٧ بعد، كانت تعيش في إحدى قرى محافظة الشرقية، قبل أن يجبرها والدها على ترك المدرسة، لتعمل في إحدى مزارع الفاكهة مع أحد مقاولي الأنفار باليومية - صاحب والدها- لتساعده في شراء «جهاز جوازها»، بالفعل لم تكمل ٤ أشهر حتى أخبرها بأن هناك عريسا من القاهرة يطلب زواجها، ولم ينتظر حتى ردها ووافق على تلك الزيجة، وفي يوم وليلة تبدلت أحوال الطفلة، هي بالفعل طفلة في عقلها وجسدها وسلوكها، طفلة لا تعرف معنى الزواج، أو معنى تحمل المسئولية، بالأمس كانت تلعب بالعروس اللعبة وتتقمص دور الأم، لكن سرعان ما تحول اللعب إلى واقع وأصبحت أما، فهي اليوم داخل المستشفى بصحبة طفلها المريض ولا تعرف كيف تتعامل معه.. الطفل يعاني من ميكروب في الدم وهذا تسبب في ارتفاع درجة حرارته، ومن المفترض أن تضع كمدات على جسده، لكنها لم تع ذلك، فجلست صديقتي معها وبدأت تشرح لها كيف تتعامل معه حتى تنخفض الحرارة، وكيف تعطيه الدواء، ثم أخذته وذهبت.


مهما كتبت فلن تعبر كلماتي عن حجم المأساة التي تعيش فيها تلك الطفلة، فهي مثلها مثل غيرها ممن كانوا ضحية لآبائهن وأمهاتهن. 
وجوه ملائكية انتهكت عذريتهن واغتصبت طفولتهن وهن لا حول لهن ولا قوة، هناك من سلبهن البراءة والحياة الطبيعية فكانت النتيجة إما جرائم قتل أو تشوهات نفسية أو التنقل داخل ساحات المحكمة لإثبات زواجهن وإثبات نسب أطفالهن.. فزواج القاصرات جريمة مبكرة لا تزال مستمرة، والحل في سرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو اصدار قانون بمنع زواج القاصرات، والنص صراحة على السن القانوني للزواج.

 نهاية عروس حلوان.. 6 طعنات

..ما زالت الوقائع مستمرة فيما يخص زواج القاصرات، واقعة مأساوية شهدتها منطقة حلوان، وأصبحت حديث الأهالي ومواقع التواصل الاجتماعي، بعدما أقدم عاطل على قتل زوجته القاصر بـ ٦ طعنات، والمأساة الأكبر أنها حامل في الشهر الخامس، فهو لم يقتلها وحدها بل قتل جنينها الذي لم يأت للدنيا بعد ولم ير النور. 


تفاصيل تلك الجريمة المؤلمة بدأت في مساكن الياسمين التابعة لمنطقة عرب غنيم، في حلوان، حيث نشأت نادية، طفلة ذات ملامح رقيقة، البراءة تملأ عينيها، في الوقت الذي كانت تتحدث فيه نادية مع أقرانها عن أحلامها المتمثلة في اللعب، كان هناك شاب من أقاربها يكبرها بعشر سنوات يتقدم لخطبتها، ورغم صغر سنها إلا أن أسرتها وافقت على تلك الزيجة دون أن يأخذوا حتى رأيها، وحتى إذا أخذوا رأيها ووافقت فهي لا تعي معنى الموافقة ولا تعي حتى الحياة المقبلة عليها، ومع ذلك وجدت نادية نفسها ترتدي الفستان الأبيض وزفت لعريسها، مرت الأيام الأولى في سعادة، وفجأة انقلبت حياة الزوج رأسًا على عقب، أصبح شخصا آخر، بدأت تدب المشاكل والخلافات بينهما، وفي كل مرة تترك فيها نادية البيت، تعيدها أسرتها خوفُا من أن تصبح الطفلة مطلقة وهي لم تبدأ حياتها بعد، سرعان ما زف الخبر السعيد للأسرة وهي أن نادية تحمل بين أحشائها جنينًا، الكل اعتقد أن هذا الطفل هو من سيعيد الحياة السعيدة بين الزوجين، الكل بدأ ينسج أحلامه الوردية بالمستقبل، الجنين يكبر يومًا بعد يوم داخل بطنها، ولكن فجأة استيقظوا جميعهم من أحلامهم على كابوس مفزع ونهاية دامية للطفلة العروس التي كانت تنتظر مولودها، فزوجها قتلها بـ٦ طعنات هي وجنينها حتى فارقت الحياة.


ما كشفته جهات التحقيق كان صادمًا للجميع؛ فالزوج يعاني من مرض الوسواس القهري منذ فترة زمنية وكان يخضع للعلاج داخل مصحة للعلاج النفسي، وقبل أن يرتكب جريمته كان يهذي بكلمات غير مفهومة، غير أنه نشبت مشاجرة بينه وزوجته قبل الجريمة بأيام، النيابة أمرت بحبسه وعرضه على الطب النفسي لبيان سلامة قواه العقلية. 


من هنا بدأت تنتشر الأقاويل، وهي أن الطفلة وافقت على الزواج حتى تهرب من مشاكل أسرتها، وهناك من يقول أن أسرتها وافقت على هذا الشاب لأنه تكفل بكافة مصاريف الزواج، وهناك من يقول أنهم يعلمون جيدا أنه مريض نفسي وكان يعالج، كلها أقاويل لا نعلم مدى حقيقتها ولكن في النهاية نادية هي ضحية أسرتها التي أخذتها من عالم الطفولة وألقت بها داخل مصيدة الزواج المبكر لشخص يكبرها بسنوات بالإضافة لمرضه النفسي. 

أكبر منها بـ 23 سنة!

وجدت نفسها في حياة جديدة لم تعتد عليها، رجل في سن والدها أصبح زوجًا لها، تركت تعليمها من أجل تلك الزيجة، شعرت باليأس من حياتها بعدما رفضت أسرتها أن تنصاع لها ولعدم رغبتها في تلك الزيجة، فلم تجد حلا أمامها سوى الانتحار،هذا باختصار ما حدث لبطلة حكايتنا. 


البداية كانت في إحدى قرى البدرشين بمحافظة الجيزة، حيث نشأت بطلة قصتنا، طفلة جميلة، تكبر يومًا بعد يوم أمام عين والديها، حتى اشتد عودها ووصلت لسن الـ١٦ عاما، في الوقت الذي كانت تريد فيه أن تكمل دراستها وتعيش سنها، كان هناك من يخطط ليخطفها من عالمها البريء، وهو رجل يبلغ من العمر ٣٩ عامًا، تقدم للزواج منها، والصدمة رغم فارق السن الكبير إلا أن والدها وافق، ولم يفكر ولو للحظة هل ابنته الطفلة مستعدة لتحمل المسئولية أم لا، اعترضت الطفلة ولكنها أجبرت على الزواج من هذا الرجل، وانتقلت للعيش معه في شقته، ولكنها لم تشعر بالسعادة ولو لدقائق، سيطرت عليها فكرة الانتحار من الوهلة الأولى داخل عش الزوجية أو بمعنى أدق قفص الاغتصاب الزوجي، مر يومان ومازالت فكرة الانتحار مسيطرة عليها.

 

قررت أسرتها زيارتها للاطمئنان عليها، وفي الوقت الذي كانت تجلس فيه الأسرة مع الزوج، وجدت الطفلة أنه الوقت المناسب لتنفيذ ما يدور داخل عقلها، فانتفضت من مكانها واتجهت نحو شباك غرفتها الموجود بالطابق الثالث، نظرت من علو لتعرف هل تلك المسافة كافية لإنهاء حياتها أم لا، كانت ترتعش قبل أن تنفذ خططتها، تتمنى أن تتراجع عنها، ولكن حتى إذا تراجعت لن تستجيب لها أسرتها بالانفصال، وفي لحظة اتخذت القرار؛ وألقت بنفسها من الطابق الثالث، سمعت الأسرة صوت الارتطام، فأسرعوا لمعرفة ماذا يحدث، فكانت الصدمة والدهشة التي عقدت ألسنتهم، ابنتهم العروس غارقة في بركة من الدماء أسفل العقار في وسط الشارع، تم نقلها سريعًا للمستشفى في محاولة لإنقاذها، بالفعل أنقذتها العناية الإلهية من الموت، فكانت تعاني من كسر بالساق، وارتجاج بالمخ بالإضافة إلى إصابتها بكدمات متفرقة بالجسم، وتم وضعها في العناية المركزة ولكن حالتها حرجة، من الجائز أن تعيش ولكن هذا الكابوس الذي عاشت فيه ستظل آثاره تخنقها حتى الموت. 


مآسي القاصرات أمام محاكم الأسرة 

الشيء المؤكد والذي لا جدال فيه أن الزواج هو الوسيلة الشرعية والقانونية لحماية الفتيات وحفظ حقوقهن، ولكن في اللحظة التي يغيب فيها القانون عن مراسم الزواج هنا تكون الفتاة في مهب الريح، وفي المقابل هو وسيلة مثالية لهروب الرجل الذي هنا هو الزوج من مسؤولياته تاركًا ضحيته تواجه التي هي هنا زوجة تحت السن- طفلة وجدت نفسها فجأة مطلوب منها أن تؤدي أدورًا لا تدرك مفهومها؛ لتجد العروس الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها 15 أو 16 عامًا نفسها في النهاية تحمل طفلة على يديها تجوب بها ساحات المحاكم بحثًا عن إثبات نسبها أولًا ثم إثبات الزواج ثانيًا، رحلة مضنية كانت في غنى عنها لولا أسرتها التي باسم المثل الدارج الذي للأسف قلل من شأن المرأة، «زواج البنت سترة»، والحقيقة بدلًا من أن يكون هذا الزواج سترًا وطوق نجاة خوفا من العنوسة صار جريمة ترتكبها الأسرة في حق ابنتهم الصغيرة دفعت فيها الثمن إنسانيتها.


طلبت أسرتها منها أن تترك اللهو مع اقرانها، وتنسى الكتب ودراستها، وتفك ضفائرها، حتى تضع مساحيق التجميل والحناء على يديها وترتدى الفستان الابيض الذى كان أطول منها، وقرروا قتل براءتها وانتهاك طفولتها بتزويجها وعمرها لم يصل بعد إلى السن القانونى للزواج، بل وربما لم يتخط الرابعة عشر عاما؛ فجأة وجدت البنت الصغيرة نفسها تتحمل مشقة ومسئولية بيت وزوج، وبين ليلة وضحاها تصبح الطفلة امًا لطفل صغير، وهى لا تعرف عن الدنيا شيئًا.


وبعد شهور قليلة يتحول الفرح والزغاريد التى علت فى يوم زفافها، إلى كابوس مفزع والطفلة الصغيرة تهرول فى محاكم الاسرة تحمل على يديها رضيعها، تطلب إثبات نسب ابنها وحصولها على حقوقها الضائعة، وهى المشاكل التى أكد عليها الخبراء القانونيون بأن الفتاه تواجهها عند زواجها وهى فى سن صغيرة، داخل مكتب المحامى عصام مصطفى عامر المحامى المتخصص في قضايا الأسرةوقفت «ن.ع» وعمرها لم يصل بعد إلى السابعة عشر عاما، تبكى وتطلب منه الوقوف بجانبها فى مأساتها والتى يرويها لنا قائلا:تقدم للزواج منها شاب يكبرها بعشرين عاما وعمرها وقتها 16 سنة، ووافقت اسرتها على تزويجها له قبل بلوغها السن القانونى، ورغم أن الظروف كانت ستكتب نجاتها حين أرسلت لأسرتها جرس إنذار إلا انهم لم ينتبهوا واصروا على فعلتهم، حيث أن الخلاف وقع بين والدها والعريس يوم زفافها بسبب قائمة المنقولات، وتم تأجيل الفرح وانتهت الجلسة بمعركة بينهما، لكن تدخل المعارف والاقارب وتم الصلح بينهما، ليتم الزواج العرفي بعدها بشهر ونصف.


وأنجبت الزوجة الصغيرة «ن» ابنها بعد الزواج مباشرة، وكان ايضًا قبل وصولها إلى سن «18عاما»، وفى فترة حملها وقعت المشاجرات بينها و زوجها فتركها ورفض الاعتراف بزواجهما أو الطفل الذى لم يزل داخل أحشائها، وحين انجبت رفض الاعتراف به، و»داخت» الفتاة الصغيرة خلف زوجها تتوسل إليه لتسجيل ابنهما، لكنه استمر في عناده، ولم يقبل إلا بعد ان توسلت اليه و»قبلت» قدمه امام الجميع وأن تفعل اى شيء يطلبه منها مقابل أن يسجل زواجهما والطفل، وبالفعل قام بعمل تصادق على عقد الزواج ومن ثم إثبات الطفل واستخراج شهادة ميلاد له.


وينهى المحامى عصام عامر كلامه قائلا: وبدموع عينيها حضرت لى «ن» وقالت لى انها تحملت منه قسوته وسوء معاملته عاما آخر من حياتها وانتظرت حتى تكمل سن ثمانية عشر السن القانونى للزواج، حيث قام بتسجيل الزواج زواجًا شرعيًا، وقررت بعدها ان تتقدم بدعوى طلاق للضرر وحصولها على نفقة للصغير وكل مستحقاتها، والقضايا منظورة الآن امام المحكمة، لتصبح «ن» زوجة وأما بل ومطلقة ايضًا بوصولها للسن القانونى للزواج، وهى تبكى ضاعت اجمل سنوات حياتى.


لعب عيال

ومن مكتب المحامى أشرف صابر محامى الاحوال الشخصية، كانت اغرب دعوى قضائية شهدتها محكمة اسرة أبو حماد بالشرقية، يروى تفاصيلها قائلا: للاسف المحافظات مليئة بحالات زواج قاصرات احداثها مؤلمة، ليس لسبب فقر الاب او سوء احوالهم الاجتماعية، ولكن للاسف خوفًا من أن تحمل ابنتهم لقب «عانس» ولن يتزوجها أحد، فيقررون تزويجها مبكرًا؛ بطلة هذه القضية طفلة، لم تكمل عامها السادس عشر بعد عندما زوجها والداها لشاب صغير عمره 22عاما، يعمل فى محل «بقاله» فى نفس شارعهم احبته الفتاة ووافقت اسرتها على زواجها منه، وبعد الزواج حملت البنت فى مولودتها، والكارثة انه بمجرد ان كبرت بطن الزوجة الصغيرة وتغيرت ملامحها كأى زوجة فى وضعها، صرخ الزوج الشاب معترضًا على شكلها وشعر باشمئزاز من تغير ملامحها، قائلا؛ «مش ديه اللى انا اتجوزتها واتمنيت اعيش معاها»، وقرر أن ينتهز فرصة انه لم يكتب عقد زواج رسمى ليهرب من مسئوليته لها، وكأنه «لعب عيال».


وبأسى بالغ اكمل المحامى اشرف صابر كلامه قائلا:أنجبت الزوجة «ع» بعد أن مرت بفترة حمل صعبة للغاية كادت أن تفقد حياتها بعد أن تعبت بشدة وواجهت الموت اكثر من مرة بسبب سنها الصغير، وبعد معاناتها مع الحمل والولادة، لاقت معاناة جديدة مع زوجها المراهق الذى رفض استخراج شهادة ميلاد لابنته، ورغم محاولات إقناعه بطريقة وديه إلا إنه رفض؛ فتقدمنا بدعوى اثبات نسب للطفلة بناءً على عقد زواج عرفى وذلك لان الزوجة لا زالت قاصرا حتى بعد الإنجاب، وتم اثبات النسب بعدما وصل عمر المولودة شهور قليلة، كما تقدمت الزوجة «ع» بدعوى خلع ضده،عندما وصل عمرها 18 سنة، فحملت لقب مطلقة بعد أن حصلت على الخلع من زوجها، وبالطبع خسرت معه كل حقوقها.


وفى دعوى أخرى بطلتها زوجة طفلة عمرها لم يتعد السادسة عشرة ربيعًا، وجدت نفسها زوجة لشاب يكبرها سنًا بأكثر من 20عامًا، وبعد الزواج بأشهر حملت الزوجة الصغيرة فى طفلها، وبدأت المشاكل تطاردها؛ فالزوج يشعر بأن هناك فجوة فكرية بينه وزوجته بسبب أنها تعليم متوسط بينما هو تعليم عالى، وقبل ولادتها كانت الزوجة فى منزل اسرتها «غضبانه» ووصل العند بينهما لإصرار الزوج على عدم تسجيل المولود الصغير.


ولجأ والد الزوجة إلى المحامى أشرف صابر يطلب منه مساعدته لاستخراج شهادة ميلاد للطفل على اسمه «الجد من الام»، حتى لا يبقى الطفل دون شهادة ميلاد، لكن المحامى رفض وحاول التواصل مع زوجها للصلح بينهما لكنه رفض وهنا يقول المحامى: فى معظم حالات زواج القاصرات تقوم اسرة الفتاة بكتابة ايصالات امانة على الزوج ووالده، كضمان لهم فى حالة وقوع مشاكل بين الطرفين، وبالفعل اخبرنى والد الزوجة بأن هناك ايصالات امانة، وبدأت اهدد الزوج بدعوى بايصال الامانة لكنه اصر على عناده، فتقدمت بدعوى تبديد ايصال امانة ضده وضد والده، وفى هذا الوقت وصلت الفتاة إلى السن القانونى للزواج، وشعر والد الزوج بالخوف على نفسه وابنه من السجن، فنصحه بالصلح، وتم التصالح بينهما وقام بتوثيق عقد الزواج العرفي، ليتم التنازل عن قضايا ايصالات الامانة مقابل تطليق الزوجة الصغيرة وتسجيل الطفل، بعد سلسلة من المتاعب بسبب إثبات ولادة الطفل و»تسنينه» وغيرها من الاجراءات، لتنتهى حياة الزوجة الصغيرة قبل أن تبدأ.

تأثير سلبي نهايته الاكتئاب              

تواصلنا مع الدكتورة هبة علي، مستشار نفسي وأسري وتربوي، لكي نتعرف مدى التأثير السلبي الذي يقع على القاصر وانعكاسه على شخصيتها نفسيًا، فقالت: «رغم أن القانون يعاقب على زواج القاصرات، إلا أنها ظاهرة مستمرة، فالأهالي يسلكون طرقا ملتوية لإتمام تلك الزيجة، بالتأكيد هناك تأثير سلبي على الفتاة، وهو الحرمان العاطفي من والديها، مما يؤدى إلى تعرض الفتاة إلى ضغوط نفسية وأمراض نفسية، لأن الفتاة تواجه الحياة الزوجية بضغوطها في سن لم تستوعب معنى الزواج، ولا تفهم أي شيء عن العلاقة الزوجية، مما يحدث اضطراب في العلاقة  الجنسية، ثم الولادة، باختصار طفل يربي طفلا، فبأي حق نقتل طفولة فتاة بولادة طفل آخر». 


واستكملت قائلة: «كل ما يحدث يجعلها عرضة للاكتئاب والقلق المستمر، وأيضًا لن تستطيع القيام بواجباتها، ولن تقدر على إشباع أولادها بشكل سليم، ولا تربيتهم تربية نفسية سليمة»، وعن كيفية التخلص من تلك العادات السيئة قالت:»هذه أسر لهم عادات وتقاليد يسيرون عليها بدون نقاش، وأيضا عندهم ضعف ثقافي، فالدور الأكبر يقع على الدولة، هي التي تعاقب بالقانون، أيضا رجال الدين لهم دور كبير في توعية المجتمع ضد الزواج المبكر، والإعلام له دور كبير في توعية وتثقيف هؤلاء الأسر، وعلى المرشدين النفسيين والاجتماعيين عمل برامج توعية للفتيات القاصرات، وايضا لتلك الأسر وإخبارهم بالأضرار التي يمكن أن تلحق ببناتهم».