محطات في حياة النفاثة الشربينى.. والقطار التوربينى

ميمى الشربينى
ميمى الشربينى

شوقى حامد

ونحن صبية كان يحلو لنا الذهاب إلى النادى الأهلى لمتابعة تدريبات لاعبيه مثل المايســـترو صـــالح والمهنــدس الفنــــــاجيـــلى والشــــيخ طـــه والدينامو الجوهرى والنفاثة الشـــــربينى.. ولـــــم يــــدر بذهنى أننى سأزامل أحد هؤلاء العمالقة للفوارق العمرية بينى وبينهم.. لكن فى عام ١٩٦٤ وبعد وصولى السنة النهائية بالكلية الحربية وبدرجة رقيب أول أوصانى أحد الزملاء من الكلية الفنية بشقيقه الأكبر ميمى الشربينى وكان ضمن  دفعة الجامعيين التى التحقت بالكلية فى هذا العام وضمت بعض الموهوبين أمثال الكابتن كمال عتمان لاعب السكة الحديد ومنتخب مصر.. وكان بمقدورى أن أخفف من العنت الذى يواجه الطالب المستجد خاصة أن هذا التخفيف يتوافق مع عواطفى، فلطالما أحببت هذا الموهوب  وأعجبت به غير أننى عندما اقتربت منه وجدته هادئ الطباع حلو المعشر باسم الوجه متفتح الذهن.

 

 وكان فى هذه الأيام يتعرض للكثير من الأحمال النفسية والضغوط البدنية من الزملاء الأقدم، فكنت غالبا ما أتدخل لأفض الجمهرة التى حوله وآمره بالانصراف من وسطهم فيذهب إلى غرفتى التى منحته مفتاحا خاصا به ليمكث فيها وحتى مواعيد الطوابير التالية.. وأصبحت خلال فترة وجوده بمصنع الأبطال كفيله وداعمه.. وكان الشربينى يبدى دائما امتنانه بابتسامة رقيقة دون أن يستفيض فى التعبير عن شكره لأنه كان خجولا إلى جانب علمه بعشقى له كموهوب فذ ظل نحو ١٢ عاما يمثل الأهلى والمنتخب فى البداية كجناح أيسر،  ثم كمدافع أوسط عندما خلا هذا المركز من الأساسيين..

كان الشربينى من مواليد ٢٦ يوليو ١٩٣٨ ومن أسرة ميسورة  ويقطن فى حى المنيل الذى أفرز من بعد بعض الموهوبين أمثال حسن حمدى.. وكمعظم أقرانه لعب الكرة التنسية الصفراء فى شوارع الحى  ثم انضم إلى النادى المصرى القاهرى إلى أن اكتشفه التاريخى عبده البقال فاصطحبه للأهلى وكان ذلك فى موسم ٥7/٥8  من القرن الماضى.. أسهم الشربينى فى تفرد فريق العمالقة بتحقيق العديد والعديد من البطولات منها4 دروع للدورى و3 كأس مصر وشارك فى تحقيق كأس الأمم الأفريقية عام 59 وأحرز هدفه الخالد فى مرمى أثيوبيا فى الدور قبل النهائى وانتهت المباراة برباعية نظيفة لصالح المصريين.. بعد اعتزاله اللعب فى موسم 70/71 اتجه بداية للتدريب فتولى منتخب الإمارات عام ٧٥ ثم تولى تدريب غزل دمياط  وأشرف على تدريب قطاع الناشئين بالأهلى لفترة..

 

واتجه الكابتن الشربينى بعد ذلك للتعليق  على المباريات بالتليفزيون وكان من أشهر المعلقين الذين أدخلوا الأرقام والإحصائيات والمعلومات فى تلك المهنة، ويحسب له أنه ورغم غزارة معلوماته إلا أن دمه الخفيف وسرعته فى التنسيق بين حشو التعليق على ما يجرى باللقاء والمعلومة سابقة التجهيز شفعت له دائما وكان أقرب المعلقين إلى قلوب وأرواح الجماهير الرياضية.. وفى رحلات المنتخب بالخارج ومشاركاته الأفريقية كنت غالبا ألجأ للكابتن الشربينى للاستفادة من خلفياته المجهزة عن اللقاءات التى يشارك فيها أحفاد الفراعنة.. أذكر فى كأس الأمم الذى استضافته العاصمة المالية  باماكو أحتجت معلومة حول أحد اللقاءات.. وهالنى ماشاهدته بغرفة الكابتن الشربينى من معلومات وأوراق ودفاتر ومع كل هذا الزخم كان قادرا على ترتيب وتنظيم مايقوله لجذب المشاهد بقلبه وليس بسمعه فقط.. فى الفترة الأخيرة اعتكف الشربينى بأحد  المصايف ثم عاد أدراجه إلى القاهرة، ولم يفكر فى الارتباط أو يكون له ذرية وأبناء.