ليلة بكت فيها قنا..عزة وجنى ماتا مختنقين بالغاز وهما يلعبان

الغاز
الغاز

كتبت: أبو المعارف الحفناوي
 

حكاية الطفلتان جنى وعزة، أبكت أهالي قريتهما ليس هذا فحسب ولكن شغلت الرأي العام فى محافظة قنا، فهي مأساة أبكت العيون وأدمت القلوب، الطفلتان فى عمر الزهور، كانتا يلعبان سويا أمام المنزل، لم يعلما أن طائر الموت يحلق فوقهما، لاقتراب الأجل، انتهيتا من لعبهما امام منزلهما وقررتا الاثنتان سويا الصعود لمنزل إحداهما وداخل الشقة جلستا يضحكان وأخرجت جنى عروستها وبعض الألعاب ودار بينهما حديث طفولي، وفجأة قررت عزة الدخول لدورة المياه لإحضار بعض المياه وجلست فترة قصيرة لكنها لم تخرج لتنادي عليها عزة لكنها لا ترد، تسرع ناحيتها لكن يبدو أن حدث تسريب الغاز من السخان وانتشر فى أرجاء الشقة، سقطت جنى وبعدها عزة، فاقدين الوعي، القاتل الصامت واصل ارتكاب جرائمه، لتفارق الطفلتين الحياة فى مشهد مأساوي، لتأتي أسرتا الطفلتين ويكتشفان الجريمة وتبدأ المأساة ومحاولة إنقاذهما لكنهما قد رحلا لخالقهما.
 

هذه مقدمة أخرى كان لابد منها، حادث بشع، هز أرجاء محافظة قنا، بعد العثور على جثتي طفلتين، داخل دورة مياه بقرية الكوم الأحمر التابعة لمركز فرشوط شمالي قنا، والكل تساءل عن ماذا حدث لهما؟، هل السبب صعق كهربائي أم اختناق نتيجة تسريب غاز؟، تساؤلات عدة انتهت إجابتها بتصريح دفن الجثتين بعد المعاينة والتي كشفت أن سبب الوفاة يرجع إلى اختناق نتيجة تسريب غاز داخل دورة المياه.


قصة وفاة الطفلتين، أبكت الجميع، وخيمت بحزنها على الأسرة، التي اكتوت بنار الفراق، وسط صراخ وحزن على مشهد «قطّع القلب»، ودموع لم تجف بعد، المشهد الحزين، لم يكن للأسرة فقط، بل لأهالي القرية والقرى المجاورة، فكل معالم الحزن، تجسدت في مشاهد قاسية، بدأت بمشاهدة الجثتين داخل دورة المياه، ظن البعض وقتها أنه مغشي عليهما، حلم الأسرة بأن الطفلتين على قيد الحياة لم ينته، حاول الأهل إفاقتهما، ولكن دون جدوى، استخدما كل وسائل الإفاقة التقليدية ولكن لم تنفع، هرول الأهل مسرعين إلى مستشفى فرشوط، ومعهما الطفلتين، على أمل انعاشهما، حاول الأطباء إفاقتهما، جميع أفراد أسرتيهما يقفون القلق يسيطر عليهم، الوجوه مرسوم عليها الحزن، أسرتيهما يتوجهان إلى السماء يدعوان بقلب يسكنه الألم والحزن بأن ينقذهما الله، لكن كان القدر له رأي آخر وفارقت أرواحهما الطاهرة الحياة.


هنا صرخ الجميع، صرخات دوت أرجاء المستشفى، حزن وألم الفراق، ظهرت ملامحه بقسوة لا يستطيع أحد أن يصفها، ومع مشهد نقل الطفلتين إلى المشرحة، دار في أذهان الأهل، مشهد الطفلتين عندما كانتا تلعبان، وتمرحان، فلقد كانت ابتسامتهما تعم الفرحة على الجميع، وتبدل مراحل التعب والمشقة إلى فرحة وسعادة، انتظر الجميع أمام المشرحة، وذهب البعض لإنهاء الأوراق اللازمة لتصريح الدفن، ومع كل ورقة وكل إجراء يتم، تبدو على الأسرة ملامح الحزن، وتتساقط الدموع التي بللت الأوراق، حتى يأتي مشهد غسل وكفن الطفلتين، لتزداد ملامح الحزن، حزنا على حزن، ثم يأتي خروج الطفلتين من المشرحة، ليهرول الجميع نحو النعشين، ويبكي الرجال والأطفال، ثم مشهد صلاة الجنازة، وأخيرا دفن الجثتين في المقابر في مشهد سيطرت أحزانه على الجميع.

اليوم الأخير

جنى وعزة، بنات عم، في الأوراق الرسمية، ولكن في المعاملة شقيقتين، تغلب عليهما ملامح الأخوة،  فبالرغم من أن فارق العمر بينهما عامان، إلا أنهما كانتا لا يفترقان في معظم الأوقات، كل أمورهما اليومية تبدو كأنها واحدة، إضافة إلى أنهما طفلتان هادئتان فى الطباع، الابتسامة لا تغادر وجهيهما الملائكي، هما مصدر الفرحة والسعادة داخل منزل أسرتيهما، الطفلة «جنى» هي طفلة لأب يعمل معلم بمدرسة القارة الابتدائية، ومعها شقيقان أحمد وحماد، والدها يعشقها، وأمها لا تستغنى عنها، تحبها لأنها طفلة مطيعة ومتفوقة فى دراستها، أما الطفلة عزة، فهي طفلة لأب يعمل باليومية، ومعها محمود وميار، الطفلة عزة صاحبة الوجه الملائكي مصدر السعادة لوالديها وإخوتها، إضافة إلى أنها تساعدهم فى كل شيء بالمنزل، كتلة مشتعلة من الطاقة والحيوية، هي اليد اليمنى لوالدتها فى أعمال المنزل إضافة إلى أنها فى دراستها لا تتأخر فى استذكار دروسها.


وكعادتهما كانا الوالدان، يكدحان ليل نهار، من أجل توفير لقمة العيش، لأطفالهم، ومع كل ثانية تمر، كانا يحلمان، برؤية الأطفال يكبرن أمامهما، يحلمان بمستقبل أفضل للجميع، ومع كل ابتسامة كانت تدوي من الأطفال بالمنزل، كانت تزيل المشقة والتعب، ومرارة العمل على توفير لقمة العيش، كل هذه المظاهر كانت بشكل يومي، في المنزل، الحلم كان يكبر، إلا أن اليوم الاخير، في حياة جنى وعزة، عاد على الأسرة بكل حزن تحمله القلوب على الذهاب.


جنى وعزة، كانتا تلعبان، في الشارع والمنزل، الذي انصرف منه الجميع،  لقضاء واجب عزاء عند الجيران، وعندما عادوا وجدوا جثة الطفلتين داخل دورة المياه، بعد اصابتهما بحالة اختناق نتيجة الغاز، ففي المنزل عاشتا سويا وماتا سويا، وكأن روحيهما روح واحدة خرجت في وقت واحد، لتعصر القلوب حزنا على الفراق، الذي لم ولن يمر سريعا.

وكان اللواء مسعد أبو سكين، مدير أمن قنا،  إخطارًا، من غرفة العمليات، بمصرع عزة مرسال حماد، 12 عاما، وجنى عفت حماد، 10 أعوام، مقيمان بقرية الكوم الأحمر بفرشوط، بحالة اختناق، وتم نقل الجثتين إلى المستشفى، وتحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة العامة التحقيق.