أربعة أدباء يسردون حكاياتهم مع الرواية الأولى

أربعة أدباء يسردون  حكاياتهم مع الرواية الأولى
أربعة أدباء يسردون حكاياتهم مع الرواية الأولى

نظمت مكتبة مصر الجديدة الاثنين الماضى ندوة بعنوان «حكاية الرواية الأولى» ، تحدث فيها أربعة أدباء من جيل التسعينيات وهم: منتصر القفاش وميرال الطحاوى ومى التلمسانى وسحر الموجى، وذلك بمناسبة قيام دار الشروق بإعادة طبع روايتهم الأولى، التى صدرت جميعها لأول مرة -عدا رواية سحر- عن دار شرقيات لصاحبها حسنى سليمان، أشهر وأهم ناشر فى هذه الفترة. 

وبدأ منتصر القفاش باستدعاء ذاكرته، قائلًا: «لا زلت أذكر الأجواء التى كتبت فيها روايتى الأولى تصريح بالغياب)، حيث الجدل السائد حول الأشكال الجديدة فى الكتابة، وانجذاب جيلنا فى أول الأمر إلى القصة القصيرة، لهذا لم يكن اتجاهنا لكتابة الرواية بمثابة تطور طبيعى، إنما احتياج، ومن يقرأ روايات جيلنا لن يجدها ذات كعب، فكنا فى ذلك الوقت مسحورين بفكرة التكثيف.

ولا أستطيع القول إننى كنت حينها أملك الوعى الكافى فى كتابة الرواية، إنما كنت أملك ذلك فى القصة القصيرة، خاصة أننى كنت متأثرًا بيحيى الطاهر عبد الله، لأنه كان يقدم نموذج للكتابة شديدة التكثيف، وهذا التأثر انتقل معى إلى الرواية».

أما ميرال الطحاوى فلها حكاية مغايرة مع روايتها الأولى «الخباء»، فهى لم تكن تجرؤ على الإعلان أنها تكتب من الأساس، وكانت تدون كل شىء بشكل سرى فى كشكول، بقلم رصاص، وبخط صغير جدًا، حتى لا يستطيع أحدٌ -فى حال وقوع الكشكول فى يده- أن يقرأ.

وقد كانت وقتها فى بلدتها فى محافظة الشرقية، حيث خجل الفتيات من الإفصاح عن أحلامهن ورغباتهن، ولأن «شرقيات» كانت ذائعة الصيت، قررت ميرال أن تذهب لحسنى سليمان دون موعد، ودون أن يقدمها أحدٌ إليه، لتأخذ رأيه فيما تكتب، وإما أن تواصل فى هذه الطريق أو تتراجع.


تقول: «كنت أعرف أنه لن يجاملنى، لأنه لم يكن مطبعة كحال غالبية دور النشر، إنما ناشر يبحث عن الكتابة الجيدة والجديدة، ويتعامل معك باعتبار أنك مشروعه، وفوجئت أنه أعاد كتابة ما فى الكشكول على الكمبيوتر، وأنه قام بتوزيع نسخ ورقية على من يزور الدار، ويقول له إنها رواية لميرال، صدى كلمة رواية أشعرنى أننى أولد من جديد.

وجعلنى دون إرادة منى وبجرأة أقول للجميع إننى كتبت رواية، وكانت الوجوه من حولى تندهش وتردد: رواية مرة واحدة، طيب اكتبى قصة الأول". تواصل: «أشعر اليوم أننا خذلنا حسنى سليمان، لأننا لم نتعامل معه بالروح الذى تعامل بها هو معنا».


بينما بدأت مى التلمسانى محاولاتها مع الكتابة والنشر بالقصة القصيرة، فقبل روايتها الأولى «دنيا زاد»، صدر لها مجموعة قصصية بعنوان "نحت متكرر"، تحكى: "كُنا متشبعين تمامًا بتراث القصة القصيرة، سواء كان المصرى أو العربى أو العالمى، كما كنا مغرومين بالمصطلح الذى ابتدعه إدوار الخراط وهو متتالية قصصية.

ولم يكن لدينا تصور واضح عن كيفية كتابة الرواية، لكن كان شائعًا أن نكتب نصوصًا قصيرة لكى تتحول إلى رواية، وكان ذلك أشبه بمغامرة لأنه ضد السائد حينها عن طريقة كتابة الرواية، وعما تتبناه من قضايا كبرى، فجميعنا كان يكتب منطلقًا من تجارب ذاتية، ولم تكن أعيننا على القضايا التى تهم الكاتب الرسمى، وساعدنا على ذلك الدعم الذى تلقيناه من ناشرين وصحفيين ونقاد وأدباء كبار".


وعندما ذهبت مى التلمسانى لحسنى سليمان بالنصوص التى كتبتها حول تجربة فقدها لابنتها بعد الولادة مباشرة، قال لها بحسم: هذه رواية، وكان هذا مطمئنًا لها بشكل كبير، لأنها لم تكن معنية سوى بتوثيق هذه القضية، فالأمومة أيضًا قضية كبرى، وقد كتبت "دنيا زاد" تحت وطأة الألم، فبعد خروجها من العمليات لم تكن تفعل سوى أنها تبكى وتكتب وتأخذ المسكنات.

 

وقد حصلت هذه الرواية على جائزة الدولة التشجيعية عام ٢٠٠٢ عن فرع رواية السيرة الذاتية، وحدثت خناقة فى الصحافة حول كونها رواية فعلًا أم سيرة أم شىء آخر، وعندما كانت تخرج مى لتوضح طبيعة العمل، كان الأمر يشتعل أكثر، خاصة لو أكدت أنها سيرة ذاتية، لأن «كتابة المرأة لسيرتها فى ظنهم بمثابة دعوة للتلصص».


واتفقت معها سحر الموجى فى ذلك، فكان أكثر سؤال يواجهها خاصة بعد نشر روايتها الأولى "دارية": "هى دى سيرتك الذاتية؟"، قائلة: "عندما يكتب الرجل سيرته يُمتدح وينتعونه بكل صفات الشجاعة، أما عندما تفعل المرأة ذلك، تكون قد فضحت نفسها.

ويتم التشكيك فى القيمة الفنية لعملها"، لكنها قررت من البداية أن تتحرر من نظرة المجتمع والإدانات التى توجه لأى كاتبة، لأن عليها -حد وصفها- أن تعبر خط النار -ذلك الوقت- بكتابة روايتها، فالكتابة بالنسبة لها تعافى، ورغم خوفها من النقاد إلا أنها بعد كتابتها لـ "دارية" شعرت بسعادة لأنها قد تعافت من آلامها. 


وعن تجربتها فى النشر مع "شرقيات"، قالت إنها لم تنشر معها الرواية، لكنها نشرت معها مجموعتها القصصية الأولى "سيدة المنام"، فقد تبناها حسنى سليمان مثل غيرها، لكنها لم تستجب لمقترحاته الفنية بحذف بعض القصص، بل رفضتها بعنف، وعندما تعود الآن لقراءة المجموعة، تشعر بندم بالغ، لهذا تقول: "على الكاتب أن يصبر على عمله، لأنه فى النهاية لن يقرأ له سوى عدد محدود جدًا".

اقرأ ايضا | «جوائز وشهادات» في مشوار المبدع مصطفى حسين