بدون تردد

حقائق‭ ‬لافتة

محمد بركات
محمد بركات

عدة‭ ‬حقائق‭ ‬فرضتها‭ ‬الحرب‭ ‬الجارية‭ ‬حاليا‭ ‬على‭ ‬الأراضى‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬رغم‭ ‬ضبابية‭ ‬الصورة‭ ‬الخارجة‭ ‬من‭ ‬هناك،‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬التناقض‭ ‬والتضارب‭ ‬الشديد‭ ‬والمتعمد،‭ ‬فى‭ ‬التصريحات‭ ‬والبيانات‭ ‬الكثيرة‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬الطرفين‭ ‬الروسى‭ ‬والأوكرانى،‭ ‬بخصوص‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬وما‭ ‬يجرى‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬القتال‭ ‬فجر‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬فبراير‭ ‬الماضى‭.‬
أولى‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬التى‭ ‬يؤكدها‭ ‬الواقع‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬هناك،‭ ‬هى‭ ‬أن‭ ‬أحدا‭ ‬لا يستطيع‭ ‬تحديد‭ ‬موعد‭ ‬متوقع‭ ‬لوضع‭ ‬نهاية‭ ‬للحرب،‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬التطورات‭ ‬والتداعيات‭ ‬الجارية‭ ‬هناك‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬وحتى‭ ‬الآن‭.‬
وقد‭ ‬فرضت‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬نفسها‭ ‬وتأكدت،‭ ‬بعد‭ ‬ثبوت‭ ‬عدم‭ ‬صحة‭ ‬الاستنتاجات‭ ‬التى‭ ‬توقعت‭ ‬نهاية‭ ‬سريعة‭ ‬للحرب،‭ ‬وأنها‭ ‬لن‭ ‬تستغرق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬تعد‭ ‬على‭ ‬أصابع‭ ‬اليد‭ ‬الواحدة،‭ ‬تقوم‭ ‬خلالها‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬بالاجتياح‭ ‬الكامل‭ ‬للأراضى‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬والاستيلاء‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬العاصمة‭ ‬‮«‬كييف» ‬وفرض‭ ‬شروطها‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهدافها،‭...‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭.‬
والحقيقة‭ ‬التالية‭ ‬التى‭ ‬باتت‭ ‬واضحة‭ ‬للكل،‭ ‬هى‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬غيبة‭ ‬التكافؤ‭ ‬فى‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬بين‭ ‬طرفى‭ ‬النزاع،‭ ‬بل‭ ‬ميله‭ ‬ميلا‭ ‬شديدا‭ ‬ناحية‭ ‬روسيا، ‬‭ ‬فإن‭ ‬الحرب‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬نزهة‭ ‬للجانب‭ ‬الروسى،‭ ‬بل‭ ‬سيناله‭ ‬منها‭ ‬أضرار‭ ‬كبيرة‭ ‬وعميقة‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬المادى‭ ‬والمعنوى،‭..‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬بات‭ ‬ظاهراً‭ ‬وواضحاً‭ ‬بشدة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬عليه‭ ‬الآن‭.‬
أما‭ ‬الحقيقة‭ ‬الثالثة‭ ‬التى‭ ‬نراها‭ ‬الآن‭ ‬ماثلة‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬المتابعين‭ ‬لما‭ ‬يجرى،‭ ‬فهى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬نشاهده‭ ‬الآن‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬حرب‭ ‬محدودة‭ ‬بين‭ ‬دولتين،‭ ‬ولكننا‭ ‬نشاهد‭ ‬ونتابع‭  ‬صراعاً‭ ‬هائلاً‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬فى‭ ‬الجانب‭ ‬الأوكرانى‭ ‬وروسيا‭ ‬فى‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭..‬،‭ ‬ وهذا‭ ‬الصراع‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬وموقعها ‬على‭ ‬رقعة‭ ‬وخريطة‭ ‬العالم،‭ ‬وتأثيرها‭ ‬فى‭ ‬وقائعه‭ ‬وأحداثه‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يطرأ‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬الدولى‭ ‬القائم‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬متغيرات‭ ‬باتت‭ ‬تلوح‭ ‬فى‭ ‬الأفق،‭ ‬وتشير‭ ‬إلى‭ ‬احتمالية‭ ‬ولادة‭ ‬نظام‭ ‬دولى‭ ‬جديد‭.‬