عدة حقائق فرضتها الحرب الجارية حاليا على الأراضى الأوكرانية، رغم ضبابية الصورة الخارجة من هناك، فى ظل التناقض والتضارب الشديد والمتعمد، فى التصريحات والبيانات الكثيرة الصادرة عن الطرفين الروسى والأوكرانى، بخصوص ما جرى وما يجرى منذ بدء القتال فجر الثامن عشر من فبراير الماضى.
أولى هذه الحقائق التى يؤكدها الواقع القائم على الأرض هناك، هى أن أحدا لا يستطيع تحديد موعد متوقع لوضع نهاية للحرب، فى ظل التطورات والتداعيات الجارية هناك خلال الأيام الماضية وحتى الآن.
وقد فرضت هذه الحقيقة نفسها وتأكدت، بعد ثبوت عدم صحة الاستنتاجات التى توقعت نهاية سريعة للحرب، وأنها لن تستغرق أكثر من أيام قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة، تقوم خلالها القوات الروسية بالاجتياح الكامل للأراضى الأوكرانية، والاستيلاء والسيطرة على العاصمة «كييف» وفرض شروطها وتحقيق أهدافها،...، وهو ما لم يحدث.
والحقيقة التالية التى باتت واضحة للكل، هى أنه على الرغم من غيبة التكافؤ فى ميزان القوى بين طرفى النزاع، بل ميله ميلا شديدا ناحية روسيا، فإن الحرب لن تكون نزهة للجانب الروسى، بل سيناله منها أضرار كبيرة وعميقة على المستويين المادى والمعنوى،..، وهو ما بات ظاهراً وواضحاً بشدة فى ظل العقوبات المفروضة عليه الآن.
أما الحقيقة الثالثة التى نراها الآن ماثلة أمام كل المتابعين لما يجرى، فهى أن ما نشاهده الآن ليس مجرد حرب محدودة بين دولتين، ولكننا نشاهد ونتابع صراعاً هائلاً بين القوى العظمى أمريكا والغرب فى الجانب الأوكرانى وروسيا فى الجانب الآخر،..، وهذا الصراع يدور حول وجود هذه القوى وموقعها على رقعة وخريطة العالم، وتأثيرها فى وقائعه وأحداثه وما يمكن أن يطرأ على النظام الدولى القائم الآن من متغيرات باتت تلوح فى الأفق، وتشير إلى احتمالية ولادة نظام دولى جديد.