سياحة الصيد.. هواية وأكل عيش

العرب الأكثر إقبالاً على سياحة صيد الطيور
العرب الأكثر إقبالاً على سياحة صيد الطيور

مع حلول مواسم هجرة الطيور يبرزُ نشاط الصيد الذى يجتذب شرائح متعددة من الهواة والمحترفين، الذين يخرجون فى رحلات تُنظم خصيصًا لصيد الطيور فى مناطق محددة، فضلاً عن سكان المناطق المُطلة على السواحل الشمالية والقريبة من مسارات الهجرة السنوية، حيث يرتبط الصيد بثقافتهم المحلية ويُعد من المصادر التى تُوفر لهم دخلاً إضافيًا.
 

وصيد الطيور نشاط تنظمه وتحكمه العديد من القوانين واللوائح التنفيذية، حيث تضع له الدولة ضوابط واشتراطات ومعايير بيئية، تُسهم فى إدارة نشاط الصيد بشكل مُستدام، بما لا يؤثر فى التوازن البيئى وأعداد الطيور فى الطبيعة، وذلك لمواجهة الصيد الجائر وخروقات الصيد غير المشروع والاتجار فى الحياة البرية.


أشكال عدة يتخذها نشاط صيد الطيور خلال مواسم الهجرة، تضع ضوابطه القرارات التى تُصدرها وزارة البيئة والمحافظات، سعيًا للوصول إلى أنماط مستدامة للصيد لا تؤثر سلبًا على وجود الطيور فى الطبيعة، فضلاً عن حماية الأنواع المُهددة بالانقراض بحظر وتجريم صيدها والاتجار بها كليّة. هذه القرارات تُحدد المحافظات والأماكن التى يُسمح فيها بممارسة النشاط، والاشتراطات البيئية الخاصة بطٌرق وأنواع الصيد، وأنواع الطيور التى يُسمح بصيدها ويُحظر صيد ما دونها، بينما يحظر القانون بشكل حاسم الصيد داخل المحميات الطبيعية، لصون مسارات هجرة الطيور وأماكن استراحتها، حيث تسعى وزارة البيئة والجهات الأمنية لمجابهة الخروقات التى تحدث فى الاتجار بالحياة البرية وتهديد التنوع البيولوجى.


وبخلاف الصيد التجارى للطيور الذى ينتشر على طول ساحل البحر المتوسط باستخدام الشِباك المُخصصة لهذا النوع من الصيد، تشهد مواسم الهجرة إقبالاً على نشاط الصيد الرياضى أو السياحى الذى يتم ممارسته فى برك مُخصصة لهذا النشاط، يقع أغلبها بمحافظات الفيوم وبنى سويف بخلاف محافظة الشرقية التى تشتهر ببركتى العمياء وأكياد.. منذ ما يقرب من عشرة أعوام يعمل خيرى العوامى فى تنظيم رحلات صيد الطيور بمحافظة الفيوم، يرى أن هذا النشاط يُعد من الأنشطة الجاذبة للسياحة العربية على وجه الخصوص، حيث إن هواة ومُحترفى الصيد من دول الخليج هم الأكثر إقبالاً، بينما يأتى أغلب الأجانب المهتمين بهذا النشاط من دولة مالطا، نظرًا لارتباط دول البحر المتوسط بالطيور المُهاجرة.


يتابع: نحن لا ننظم رحلاتنا بشكل عشوائى لكننا نحصل على تراخيص من وزارة البيئة، لإجازة ممارسة الصيد فى البرك التى نُعدها لذلك. بركة الصيد تتخذ موقعًا نائيًا عن العمران، وهى عبارة عن قطعة أرض فارغة نقوم بملئها بالمياه قبل موسم الهجرة بثلاثة أشهر، هذه البرك تجذب أعدادًا من الطيور، بما لا يؤثر صيدها على مسارات الهجرة الرئيسية بالمحميات الطبيعية. كما نحصل على ترخيص من وزارة الداخلية لبنادق الخرطوش التى نستخدمها يتم تجديده كل ثلاثة أعوام، بخلاف التصريح الذى يتيح لنا الحصول على ألف طلقة شهريًا خلال موسم الصيد.


ويوضح العوامى أن هناك أنواعًا محددة من الطيور يتم صيدها أغلبها أنواع البط الخضارى والشرشير والبلبول والغر وأنواع من السمان. مشيرًا إلى أن رحلة الصيد تعد من الرحلات ذات الطابع الخاص ولها زبائن محددون، فهى تعد من الرحلات  المكلفة، التى تسهم فى توفير مصدر رزق للعاملين فى السياحة من السائقين والعاملين فى الفنادق، متوسط مدة الرحلة بين ثلاثة أيام إلى أسبوع، نوفّر خلالها للسائح السلاح المخصص للصيد، والعربات التى تقله من مقر إقامته إلى منطقة الصيد التى يقضى بها اليوم.. إلا أن هناك تحديات تواجه نشاط رحلات صيد الطيور، فالتكلفة زادت علينا بشكل كبير، خاصة فى أسعار طلقات الخرطوش التى زادت، فسعر العبوة ذات 25 طلقة، تضاعف من 150 جنيها إلى 600 جنيه. غير الصعوبات التى تُحيط بعملية ترخيص البنادق الجديدة، وطول المدة التى يمكن أن تصل إلى 3 سنوات، بخلاف أسعارها التى تجاوز بعض أنواعها 300 ألف جنيه. 


ويؤكد الدكتور محمد سالم، رئيس قطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة، أن عملية صيد الطيور ينظمها عدد  من القوانين من بينها قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994، الذى يحظر صيد أى كائن برى إلا بعد الحصول على تصريح من الجهات المعنية وهو ما تحدده اللوائح التنفيذية، سواء للصيد التجارى المرتبط بثقافة بعض المجتمعات المحلية أو الصيد السياحى. مشيرًا إلى أنه لا يتم منع الصيد كليّة فى أى دولة فى العالم، لكن ما نعمل عليه فى إطار الحفاظ على التنوع البيولوجى، هو تطبيق منظومة مُستدامة لهذا النشاط، تحكمها أسس علمية واشتراطات تضمن عدم الإضرار بهذا المورد الطبيعى، وهناك مؤشرات علمية يتم قياسها لضمان عدم الجور على الموارد الطبيعية. يتابع: نسعى لمكافحة كافة الخروقات التى تحدث سواء بالصيد الجــائر، أو صـــيد وحـــيازة الأنــواع المهــددة بالانقراض، فاللوائح التى نصدرها تتسق مع الاتجاهات العالمية لصون الحياة البرية والتى تحدد قوائم الأنواع المهددة بخطر الانقراض، فمصر ملتزمة باتفاقيات دولية لصون التنوع البيولوجى.


ويوضح الدكتور محمد سامح، مدير عام محميات المنطقة المركزية بوزارة البيئة، أن توفير الملاذات الآمنة للطيور المهاجرة يعد هدفًا أساسيًا لإجراءات صون التنوع البيولوجى، لذا يحظر الصيد بشكل تام داخل المحميات الطبيعية، وهو ما يُحدده قانون المحميات الطبيعية رقــــــم 102 لســـنة 1982، الــذى يجــرم الصــيد داخــل حــدودها، حيث تصل عقوبة هذا الفعل إلى الحبـس. تنفــيذ القــانون والحمــلات الرقــابيــة الـتى نقوم بها بالتعاون مع شرطة البيئــــــة والمسطــحـــــات، حـــدت بشكل كبير من هــذه الخروقات وأسهمت بالتالى فى زيادة أعداد الطيور المهاجرة بشكل ملحوظ بمحميات الفيوم، فالطيور ذكية جدًا وتلجأ إلى الملاذات الآمنة التى لا تستشعر فيها بالخطر أو التهديد.


يضيف: نكثف دوريات الرقابة والمتابعة بصفة خاصة فى موسم هجرة الصقور، والذى يبدأ من شهر سبتمبر وحتى شهر نوفمبر، للأسف يسعى البعض لتحقيق الكسب السريع بالاتجار فى الطيور مرتفعة القيمة ومنها قصر الشاهين الذى يتم صيده فى عدد من المناطق، منها ساحل البحر الأحمر ومناطق بالفيوم، هذه الممارسات لا نتهاون معها ويتم إنفاذ القانون بشكل حاسم، إلا أننا بصورة موازية نجرى برامج لتدعيم السياحة البيئية، وتوعية السكان المحليين بأهمية سياحة مشاهدة الطيور عوضًا عن صيدها، وفرص العمل التى يمكن أن توفرها من خلال برنامج تأهيل المُرشد البيئى، دربنا عددا كبيرا من السكان المحليين على مراقبة الطيور، ووفرنا فى محميات الفيوم مالا يقل عن 10 آلاف فرصة عمل بمختلف قطاعات السياحة البيئية.