بعد العقوبات .. الاقتصاد الروسي يقترب من «نقطة اللاعودة»

الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
الرئيس الروسى فلاديمير بوتين

كتبت :  مرام عماد المصرى

شهد الاقتصاد الروسى هزة كبيرة بعد الإجراءات الدولية التى طالته بسبب الهجوم على أوكرانيا منذ أيام.
فبعد العقوبات التى فُرضت على البنك المركزى الروسى والمؤسسات المالية الكبرى، أوقفت بورصة موسكو، أكبر سوق للأوراق المالية فى البلاد، تداولاتها وأعلن البنك المركزي»بعد تجميد احتياطياته»، أنه سيضاعف أسعار الفائدة الرئيسية إلى 20%، وهى أعلى نسبة خلال هذا القرن، وسيجبر كبرى شركات التصدير الروسي.

مثل غازبروم وروزنفت، على بيع 80% من إيرادات عملاتها الأجنبية عن طريق شراء الروبل لدعم سعر العملة.
لكن هذا لن يفعل الكثير لتهدئة الأعصاب المشدودة فى مركز تسوق متروبوليس فى موسكو، حيث ظهرت دلائل على اندفاع الروس لتحويل أموالهم إلى سلع استهلاكية قبل أن ترتفع الأسعار رغم أن الأسعار لا تزال كما هى فى الوقت الحالي» لكنها قد تتغير فى أى لحظة». 


كما قال العديد من مُلاّك الشركات متوسطة الحجم إن الهجوم والعزلة التى أعقبته، تسببا فى كساد تجارتهم بين عشية وضحاها.. وقال أحدهم: «إننا نمر بأزمة لم نشهدها من قبل».


فى حين ساد شعور بأن هذه الأزمة وصلت إلى مرحلة اللاعودة، حيث بدأت القاذفات الروسية فى التحليق فوق أوكرانيا وبدأت قذائف المدفعية الصاروخية فى قصف مناطق مأهولة بالسكان فى مدينة خاركيف.


حتى كبار رجال الأعمال الروس، ومن ضمنهم من يتمتعون بنفوذ سياسى قوي، بدوا متأثرين بالاضطراب الذى أحدثه الهجوم، وكذلك التدابير الاستثنائية المُتخذة لدعم الروبل..

ورد الغرب على الغزو الروسى لأوكرانيا بجولة بعد جولة من العقوبات القاسية، لإشعال أزمة مصرفية، والتغلب على الدفاعات المالية لموسكو، ودفع اقتصادها إلى ركود عميق.. ولم يسبق من قبل أن استُهدف اقتصاد ذو أهمية عالمية لروسيا بفرض عقوبات على هذا المستوى، ووفقًا للمحللين، الذين يقولون إن هناك الآن خطرًا كبيرًا من أن تواجه روسيا أزمة مالية تدفع أكبر بنوكها إلى حافة الانهيار..

ووصف المسؤولون الغربيون حملتهم بأنها حرب اقتصادية تهدف إلى معاقبة الرئيس فلاديمير بوتين وتحويل الدولة التى يقودها إلى دولة منبوذة دوليًا - حتى لو استغرقت العقوبات سنوات لتدمير دفاعات «الاقتصاد المحصن» لروسيا.. حيث قال وزير المالية الفرنسى برونو لومير «سنثير انهيار الاقتصاد الروسي».. إلا إن مكانة روسيا كمورد عالمى للطاقة سيجعل هذه المهمة أكثر صعوبة.

حيث تحصل أوروبا على ما يقرب من 40٪ من غازها الطبيعى و25٪ من نفطها من روسيا، وأى اضطراب فى هذه الصادرات سيؤدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية المرتفعة بالفعل..

وقوبل غزو بوتين لأوكرانيا برد غير مسبوق من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبى وكندا واليابان وأستراليا ودول أخرى. حتى سويسرا، المشهورة بحيادها وسريتها المصرفية، تعهدت بفرض عقوبات على روسيا.


وقاطع الغرب أكبر بنكين فى روسيا، «سبيربنك» و»فى تى بى»، من الوصول المباشر إلى الدولار الأمريكى. كما اتخذت خطوات لإزالة بعض البنوك الروسية من «سويفت»، وهى خدمة مراسلة عالمية تربط المؤسسات المالية وتسهل المدفوعات السريعة والآمنة.. كما يحاول التحالف منع البنك المركزى الروسى من بيع الدولار والعملات الأجنبية الأخرى للدفاع عن الروبل واقتصاده.. فى المجموع، تم تجميد الأصول الروسية بما يقرب من 1 تريليون دولار بسبب العقوبات..

واستبعدت الدول الغربية إرسال قوات للقتال فى أوكرانيا، وتركت العقوبات هى الوسيلة الأساسية لتحدى روسيا. 
لكن منذ عام 2014، عندما فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون عقوبات على موسكو بعد ضم شبه جزيرة القرم، كان الرئيس الروسى يحاول بناء اقتصاد قادر على تحمل عقوبات أكثر صرامة. فحاولت موسكو فصل اقتصادها المعتمد على النفط عن الدولار. وحدت من الإنفاق الحكومى. وقامت بتخزين العملات الأجنبية. ويحتل الاقتصاد الروسى الذى تبلغ قيمته 1.5 تريليون دولار المرتبة 11 فى العالم.


كما سعى المخططون الاقتصاديون لبوتين أيضًا إلى تعزيز الإنتاج المحلى لسلع معينة عن طريق منع المنتجات المماثلة من الخارج.. وقام البنك المركزى الروسى بإنشاء صندوق حرب بقيمة 630 مليار دولار من الاحتياطيات بما فى ذلك العملات الأجنبية والذهب «وهو مبلغ ضخم مقارنة بمعظم البلدان الأخرى».

ويتم الآن اختبار هذه الدفاعات بشدة..  ويخطط الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لإصدار مرسوم يحظر مؤقتًا على الشركات الأجنبية والمستثمرين الأجانب بيع الأصول الروسية»..

وكانت هناك تقارير خلال عطلة نهاية الأسبوع تفيد بأن الروس كانوا يقفون فى طوابير طويلة لسحب الأموال من أجهزة الصراف الآلى..

وقال ليام بيتش، خبير اقتصاديات الأسواق الناشئة فى كابيتال إيكونوميكس: إن البنوك الروسية قد تضطر إلى الرد ببيع الأصول «ربما بثمن بخس». يمكن أن يصبح الائتمان نادراً، مما يزيد من حدة الألم الاقتصادى الناجم عن العقوبات.. وقال بيتش: «إن تصعيد العقوبات الغربية جعل البنوك الروسية على حافة الأزمة».

اقرأ ايضا | هل تلجأ روسيا لاستخدام «النووي» في حرب أوكرانيا؟