فى مواجهة بوتين.. أوروبا تتحول لقوة جيوسياسية

 وصول شحنة من صواريخ «ستينجر» إلى مطار قرب كييف
وصول شحنة من صواريخ «ستينجر» إلى مطار قرب كييف

كتبت : سميحة شتا

مهما كانت النتيجة النهائية للغزو الروسى لأوكرانيا، فقد نجح الرئيس فلاديمير بوتين فى تغيير الخريطة الأمنية لأوروبا بشكل أساسى ولن تعود الأمور إلى ما كانت عليه من قبل.


ففى جميع أنحاء القارة، وعلى الأخص داخل دول الاتحاد الأوروبى، تم اتخاذ قرارات لم يكن من الممكن تصورها قبل أسابيع قليلة فقط، حيث ذهبت بروكسل إلى أبعد من ذلك فى سعيها لتصبح قوة جيوسياسية فى حد ذاتها أكثر مما كانت عليه منذ عقود.


صدمة عودة الحرب إلى القارة أدت لتوحيد الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى البالغ عددها 27 دولة، لأن الكتلة لم توافق فقط على أقوى حزمة من العقوبات التى فرضتها على الإطلاق، ولكنها وافقت أيضًا على شراء وتوريد الأسلحة إلى الأوكرانيين.


ولقد اتحدت القارة التى أمضت معظم الألفية الماضية فى حالة حرب مع نفسها ضد الغزو الروسى لأوكرانيا، حيث عكست ألمانيا سياستها التاريخية ضد إرسال الأسلحة إلى مناطق الصراع وحتى سويسرا المحايدة انضمت إلى بقية أوروبا ضد موسكو.


حيث أعلنت الدولة العضو الأكثر ثراءً والأقوى فى الاتحاد الأوروبى أنها ستضاعف إنفاقها الدفاعى، مع توقع أن تصل ميزانيتها العسكرية لعام 2022 إلى 100 مليار دولار.


كانت ألمانيا تقيم منذ سنوات علاقات أكثر ودية مع موسكو ورفضت بيع الأسلحة إلى الدول المتورطة فى صراعات مسلحة كجزء من عقيدة ما بعد الحرب العالمية الثانية للسلام. وفى الآونة الأخيرة، لم ترفض ألمانيا فقط إرسال أسلحتها إلى أوكرانيا، ولكنها منعت دولًا أخرى مثل هولندا من إرسال أسلحتها الألمانية الصنع إلى كييف.


لكن برلين عكست مسارها بشكل كبير خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث أعلنت عن خطط لإرسال ما لا يقل عن ألف سلاح مضاد للدبابات و500 من أنظمة الدفاع المضادة للطائرات من طراز Stinger إلى أوكرانيا، مما مهد الطريق أمام القارة بأكملها تقريبًا للانضمام إلى القتال.


التحول الملحوظ الآخر الذى حدث خلف الكواليس فى بروكسل هو موقف ما يسمى بـ»الدول المحايدة» فى الاتحاد الأوروبى «النمسا وأيرلندا وفنلندا والسويد». هذه دول تعتبر نفسها غير حليفة عسكريًا، حتى لو كانت متحالفة سياسيًا مع الاتحاد الأوروبى وحلفائه العالميين.

ولأول مرة على الإطلاق يوافق الاتحاد الأوروبى، على تمويل مباشر لشراء وتسليم الأسلحة، مع خطط لإرسال أكثر من نصف مليار دولار من المساعدات العسكرية لأوكرانيا.


كما أعلنت السويد، التى ليست جزءًا من الناتو والتى حافظت على سياسة الحياد خلال الحربين العالميتين والحرب الباردة، يوم الاثنين الماضى، أنها سترسل ٥ آلاف سلاح مضاد للدبابات إلى أوكرانيا.

وقالت الحكومة السويدية إن هذه هى المرة الأولى التى ترسل فيها الدولة الاسكندنافية أسلحة إلى بلد فى حالة حرب منذ عام 1939، عندما ساعدت جارتها فنلندا ضد الغزو السوفيتى.


كما أعلنت الحكومة السويسرية يوم الاثنين الماضى أنها ستنضم إلى عقوبات الاتحاد الأوروبى ضد روسيا، مما يمنع دخول بعض الروس رفيعى المستوى الذين لديهم اتصالات سويسرية وإغلاق المجال الجوى السويسرى أمام الرحلات الجوية الروسية.

هذه الخطوة مهمة ليس فقط من الناحية الرمزية، ولكن لأن البنوك السويسرية السرية سيئة السمعة هى المفضلة لدى الأوليجارشية الروسية.


ما زال هناك العديد من الأشهر المؤلمة، بغض النظر عن كيفية انتهاء هذه الأزمة. وإذا أرادت أوروبا الخروج منها أقوى وأكثر أمانًا، فعليها أن تبنى على التقدم الذى تم إحرازه فى الأسابيع القليلة الماضية.


إذا فشلت فى القيام بذلك وعادت إلى تفكير الماضى، فقد تجد أن الأزمة التالية التى ستحل بالقارة لا يمكن حلها عن طريق وضع عقوبات سريعة وإلقاء الأموال على طرف ثالث كما حدث مع أوكرانيا. وعلى وجه الخصوص، إذا حدثت تلك الأزمة داخل حدود الكتلة نفسها.

اقرأ ايضا | الاتحاد الأوروبي ومجلس دول البلطيق يُعلقون عضوية روسيا وبيلاروسيا