فى الصميم

لو أدرك «زيلنسكى»!!

جلال عارف
جلال عارف

بلهجة حادة.. أدان الرئيس الأوكرانى "زيلنسكى" موقف حلفائه الغربيين فى حلف "الناتو" بعد تجديدهم رفض مطلبه بفرض منطقة حظر جوى فوق أوكرانيا. وصف زيلنسكى قرار الحلف بهذا الشأن بأن إدارة الحلف أعطت الضوء الأخضر لمواصلة الضربات على المدن والقرى الأوكرانية. وانتقد "زيلنسكى" ما يقوله الحلفاء من أن مثل هذه الخطوة ستثير عدوانا روسيا مباشرا ضد "الناتو" واصفا ذلك بأنه "عملية تنويم مغناطيسى للضعفاء الذين يفتقدون الأمن الداخلى فى حين أنهم يملكون أسلحة أقوى بكثير مما لدى الأوكرانيين"!!


طبيعى أن يطلب الرئيس الأوكرانى أقصى الحماية من الحلفاء، لكن الحرب لها حساباتها التى يدفع من يتجاهلها أثمانا فادحة. وقد كان على "زيلنسكى" منذ البداية أن يعرف حدود مواقف كل الأطراف.


صحيح أن أمريكا كانت تشجعه على التصلب فى موقفه، وأن "الناتو" كان يكرر - قبل الغزو - رفضه القاطع لأى قيود على رغبة أوكرانيا أو غيرها فى الانضمام إليه. لكن الخطاب السائد منذ بداية الأزمة أنه لا أمريكا ولا دول أوروبا ستحارب فى أوكرانيا. ستدعم بالمال وبعض السلاح والموقف السياسى والعقوبات القاسية. لكنها لن تذهب لمواجهة عسكرية مع روسيا يمكن أن تكون البداية لحرب عالمية شاملة بأى حال من الأحوال.
ومع بداية الغزو كانت إجراءات الرد الغربى تتصاعد، ولكن كانت القاعدة الأساسية هى أنه  لا تدخل عسكريا مباشرا من دول "الناتو". الرئيس الفرنسى قال بوضوح إن الرئيس الأوكرانى اختار المقاومة وسنساعده، لكننا لسنا فى حرب مع روسيا. وتحركت قوات من دول "الناتو"، إلى داخل الدول الأعضاء القريبة من مناطق الحرب ولكن دون أى مشاركة مباشرة فى القتال الدائر فى أوكرانيا. الموقف واضح من البداية وازداد التمسك به بعد تصاعد المخاوف من صدام أكبر مع إجراءات الاستنفار النووى من الجانبين الروس والغربي، والتى استلزمت أن تعود القناة السرية للتواصل بين مخابرات أمريكا وروسيا للنشاط من أجل تجنب أى خطأ فى هذا الملف الخطير.


اللهجة المريرة التى يتحدث بها "زيلنسكى" عن رفض "الناتو" فرض منطقة حظر جوى فوق أوكرانيا لا تدل إلا على خطأ فى الحسابات"!!"
ولاشك أن كل أطراف الصراع قد أخطأت بعض حساباتها بشكل أو بآخر فكانت هذه الحرب المدمرة. يدفع شعب أوكرانيا الفواتير، الأكبر لهذه المأساة. غريب ألا يدرك الرئيس الأوكرانى حتى الآن أن أوكرانيا ليست إلا ساحة للحرب وضحية لها، وغريب ألا يدرك المغزى من أن مجلس الأمن الذى بدأ التحرك مبكرا لإنهاء الحرب وفشل سوف يناقش غدا وسائل تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الأوكرانى. وهو مسار رأيناه كثيرا فى دول دفعت -ومازالت- فواتير صراع الأقوياء وكانوا ضحاياهم.