«الموت والوجود».. تصورات الفناء الإنساني

بدر الديب
بدر الديب

نلاحظ هنا أن أهم تجارب الإنسان وأشدها خصوصية وفردانية وهى الموت، هى تجربة عصيّة على الوصف والشرح، والسبب كما أدركتُ مؤخرًا أنها تجربة اليقين

للقارىء أن ينظر إلى السطور التالية على أنها كلمات فى محبة بدر الديب. ربما يكون تاريخ صدور الكتاب قديمًا نسبيًا لكن ثراء مادته وروح مُترجمه سيغفران التعليق على عمل مهم كهذا بعد صدوره بسنوات. الكتاب هو الموت والوجود: دراسة لتصورات الفناء فى التراث الدينى والفلسفى العالمى للمفكر الأميركى جيمس كارس.
عند بدر الديب، مثله كمثل عبدالرحمن بدوى وعبدالغفار مكاوى ومحمد عنانى وغيرهم، المتُرجم كاتب ومبدع لأنه يصوغ فكر غيره بلغته. فى المقدمة يأسى الرجل على ما فاته من تدوين تعليقاته وأفكاره التى كانت تنثال على ذهنه فى أثناء الترجمة لانشغاله بمهمة إنجاز العمل عن تدوين ملاحظاته، ويعتذر عن تقصير كلمته فى تغطية كل ما يودّ تسجيله عن تجربة الموت، ثم يعوّل على القارىء فى أن يُقدِمَ على تدوين أفكاره أو تصوراته الشخصية بنفسِه ولنفسه معتمدًا على مادة العمل ليحقق المرجوّ، وهو توسيع نطاق التفكير فى الحياة وقيمتها، والموت أيضًا بوصفه امتدادًا للحياة التى لا تنتهى بوفاة صاحبها كما سنرى فى السطور التالية، وفى النهاية يعترف بتواضعٍ جمّ أنه لاقى صعوبات أكبر من قدراته فى ترجمة فصلى هيجل وهايديجير. وهنا نقطة جديرة بالتسجيل؛ أن الرجل يعى دورَه جيدًا، يعى أن ما يكتبه ويترجمه ينبغى أن يكون مما يمكث فى الأرض، أن يكون عمله إضافة حقيقية تمتع وتنفع، ألا يرى نفسه مجرد نبطشى فى فرح أو تبّاع يجمع الأجرة للسائق (حد ما دفعش ورا؟)، بغض النظر عما يقذفه فى عقول الناس. نلمس ذلك فى روحه النقدية للعمل وهو يعلّق على افتقار الكتاب إلى عرض تصوّرات الموت فى الحضارة الفرعونية والفكر الإسلامى. 

الكتاب كما يقول عنوانه تصوّرات، بمعنى أنه يعرض رؤى الفلاسفة على مدار التاريخ بداية من سقراط وصولًا إلى سارتر إلى مسألة الموت، وهو لا يتبع ترتيبًا تاريخيًا معينًا. فى مقدمة المؤلف نلمس العلاقة الوطيدة التى نشأتْ بين المؤلف وعملِه، حيث يقول المؤلف إنه فى أثناء التأمل والبحث والتأليف تُوفى والداه وعدد من المقرّبين من بينهم أطفال فى حوادث مأساوية، وعلى هذا فهو – على دقته العلمية- عمل شخصى (أو حديث شخصى لو اقتبسنا عنوان عمل د. بدر الديب الممتع)، فتشكّل الكتاب من بحثه وألمه الروحى فى بنيته الرصينة البعيدة عن الميلودراما الرخيصة.

وعدد من المناقشات مع تلامذته وأصدقائه المقرّبين. ولئن كان الناس لا يعلمون حقيقة الموت، فقد حدا المؤلف أمل عظيم فى أن يقول كتابه الكثير عن الحياة. 
كتاب كارس منشور منذ فترة ومُتاح فى صيغة إلكترونية، وهو ليس من طينة الكتب القابلة للعرض فى سطور وأكبر من أن يُحتوى فى مقالة من نوعية فلان قال كذا وعلان قال كذا. من المهم أن يخلق المرء علاقة مباشرة مع نصوص الكتاب، لذلك سأمرُّ على أفكار بعينها انطلاقًا من وجهة نظر شخصية تتبنى تصورًا يرى أن الموت ولئن كان نهاية الحياة لكنه جزء من تيار الوجود والفقرة الختامية من البروڤة. أن تعيش معناه أن تصير إلى موت، ففى اللحظة التى نبدأ فيها حياتنا نبدأ فيها مماتنا. كل قسط من النوم هو موت صغير.

والناس نيام فإذا ماتوا استيقظوا، ولا أحد منا يعرف حقيقة الموت حتى يبلغ نهاية حياته، ومن ثمَّ فأى شخص يعجز عن أن يكلم الناس عن الموت إلا رمزًا. 

سأبدأ من تصوّر إبيقور للموت حيث يقول:» الموت وهـو أفظع البلايا، لا يمثّل شيئاً بالنسبة إلينا. ليس للموت وجود ما دمنا على قيد الحياة، وليس لنا وجود حين يدركنا الموت. ومن ثمَّ، فالأمر لا يتعلق بالأحياء والأموات، إذ لا وجود للموت بالنسبة إلى الأحياء، ولا وجود للموت لمن ماتوا». 


المفارقة الإيجابية التى يكشفها الموت أننا نجرّب الموت فى الغير، ولأننا مرتبطون بغيرنا فحدث الموت معناه تقطّع هذا النسيج فى العلاقات بين الأشخاص، وعلى هذا فإن الموت يكشف عن حقيقة أننا نحصل على حياتنا من حياة الآخرين ونجرّب موتنا فى موتهم.

فى معظم الحضارات يلبس أهل المتوفّى اللون الأسود تمييزًا لأنفسهم لأنه لون الموت، ولا يحلّ لهم الاستحمام أو قصّ شعورهم مما يعكس عزلتهم عن مسار الحياة الطبيعى وكأنهم هم صاروا موتَى. يلاحظ المؤلف أن اختيار الحياة فى مواجهة الموت ليس بالأمر اليسير، فالموت صاحب قوة ونفوذ لا يمكن مساومته أو التفاوض معه (أتذكر الآن عنوان كتاب مارجريت آتوود مفاوضات مع الموتى وكيف اتخذت من فعل الكتابة سبيلًا لمحايلة فعل الموت لا الوقوف أمامه)، مؤكِدًا أن مضمون الكتاب فى النظر إلى الموت بوصفه توقفًا للاتصال من عدمه لا ينزع عن الحياة معناها، بل إنه المغزى الذى يجعل امتلاء الحياة بالمعنى ممكنًا.

عند سقراط الموت هو نقيض الحياة ومن ثمّ فلابد أن كلًا منهما يتولّد عن الآخر. يسأل سقراط فى الحوار:» ماذا يخرُج إذن من الحي؟ يجيب «سيبس» : الميّت، فيسأل سقراط: وماذا يخرج من الميّت فيجيب «سيبس»: الحيّ، إذن فإن أرواحنا ستظهر فى العالم الآخر، مستخلصًا أن الروح خالدة.


أحيانًا تأخذ المؤلفَ الجلالة فيندمج فى شروح وإحالات مسهبة حول جذور الصوفية المسيحية ومؤسسها الراهب السورى المجهول الذى ألّف مجموعة من المقالات الروحية تحت اسم مستعار «ديونيزيوس الأريوباجي» (وفى قول آخر ديونيزيوس الزائف)، وهو قول مردود عليه لأن القديس أوغسطين سبقَه.

عند الصوفية على اختلاف مذاهبهم رغبة لا إلى الخلود كما ذهب سقراط وأفلاطون، فهم لا يتشوقون إلى مواصلة أى شىء وعلى الأخص حياتهم الحاضرة، بل يتوقون إلى التحوّل إلى شىء مختلف جذريًا عن الحدود المألوفة للوجود الأرضى، وهى حالة لا يعرفون عنها شيئًا، ومن ثم فالموت البيولوجى يكاد أن يكون عديم الدلالة للصوفى، الصوفى فى تجربته لا يسعى للفرار من الفناء، بل من التناقض داخل نفسه، فيقتبس عبارة أبى القاسم الجنيد: «أن أكون كما كنت قبل أن أكون».

وهو ما يذكرنا أيضًا بعبارة بايزيد البسطامى: (أشرفتُ على ميدان الليسية فما زلت أطيرُ فيه عشر سنين حتى صرت من ليس فى ليس بليس، ثم أشرفت على التضييع حتى ضعتُ فى الضياع ضياعًا).

يمكننا تأويل عبارة الضياع بالفناء فى الذات الإلهية. أما الهندوس فبدلًا من تأكيد خلود الروح كما فعل أفلاطون والصوفية، قالوا بذهنٍ كلى شامل فى كل شخص يرونه مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالروح الكلية (يُسمّى الأتمان) الذى هو جماع الأشياء، أما الأفلاطونيون المحدثون من أمثال ك.ج. يونج وتيارد دى شاردان فإنهم يرَون أن الموت وإن كان حادثة واقعية فإنه ليس نهاية الحكاية، بل مجرد عتبة فى رحلة الروح إلى الاكتمال. 



نلاحظ هنا أن أهم تجارب الإنسان وأشدها خصوصية وفردانية وهى الموت، هى تجربة عصيّة على الوصف والشرح، والسبب كما أدركتُ مؤخرًا أنها تجربة اليقين. يصف النص القرآنى الموتَ بأنه اليقين: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر:99).

ومِن المفسّرين مَـن يذهب إلى أن المقصود من آية (إلا ليعبدون) فى سورة الذاريات هو «إلا ليعرفون»، ومن جملة ما يُنسب إلى الأحاديث القدسية حديث يقول: «كنتُ كنزًا مخفيًا لم أُعرف، فأحببت أن أُعرف فخلقت الخلق فتعرّفتُ إليهم فعرفوني». وهو الحديث الذى صدّر به الفيسلوف والشاعر الأميركى الكبير رالف والدو إيمرسون إحدى مقالاته العظيمة عن الحـب.

ومما وردَ فى الأثر: «من عرف نفسه فقد عرف ربّه». العبادة، إذن، مرادف المعرفة ومن ثمَّ فالغاية لو مشينا وراء هذه التأويلات – التى لا تخلو من وجاهة- هى المعرفة، وهى معرفة ظنيّة دائمًا وأبدًا، وهنا المفارقة: أن اليقين لا يُدرَك إلا فى لحظة واحدة خاطفة، وكأن الحياة هى العمى والشك والموت هو البصيرة واليقين، هو لحظة كشف الغطاء لـيُـرى كل شىء وينتهى كل شىء، وبحسب الإنسان أن يظلّ «حيًا حتى الموت»، ولا أقصد هنا حياة الأكل والشرب والنوم والمضاجعة، بل أن يظل حيًا فى فضوله وبحثه وإيمانه بما يعمل حتى يأتيه اليقين. 


فى مقدورى أن أسوق بسهولة عناوين عشرات الكتب وبلغات عدة حول الثيمة ذاتها، لكن أصالة الكتاب فى ارتباط مؤلفه ومترجمه ارتباطًا شخصيًا بالأفكار عبر وضع النصوص فى مواجهة التجارب الذاتية لتضىء إشارات مواسية، صحيح أنها لن تطيل العُمر ثانية ولن تلوّن الحياة «بمبى بمبي»، لكنها ستجعلها أكثر احتمالًا، نلمس ذلك فى المقدمة حيث قال المؤلف: «الذين رحلوا، أصوات كل هؤلاء جزء من هذا الحوار، وإنى لأحسّ بالجميل لحياة كل منهم بقدْرٍ لا يستطيعون هم أن يقدّروه»، وفى كلمة المترجم أن هذه الترجمة تجعل «حياة المرء أثرى ومواجهته للموت أغنى وأعلى».


الملاحظة الثانية التى جذبتنى فى عرض كارس هى ارتباط فكرة الموت بالحب وفكرة الفناء الوجودى بالعثور على المحبوب أيًا كانت صورته (حبّ المرأة، الحب الإلهى، حبّ الحكمة، إلخ)، لا تكاد قصص/روايات الحب العظيمة تخلو من فاجعة موت قوية. فى كتاب عبدالرحمن بدوى «الموت والعبقرية» تلميح سريع فى سطر واحد إلى أن حبّه الوحيد خطفه الموت، وربما كانت طريقة حياة بدوى الفاوستية الصارمة إجابته الحاسمة والنهائية عن سؤال الموت.

كانت تجربة (الموت فى الغير) بتعبير كارس باعثًا قويًا وراء شرارة إبداع لم تنطفأ جذوتها، مثلما أثار موت بياتريس شرارة كتابة الكوميديا الإلهية ليستعيد فَتاتَه عبر حكاية. أفكّر أن الموت مظلوم لأنه لا يفهم بأى ذنب يُلعن برغم أنه مجرد ترس دوّار فى عجلة الأبدية، العبدالمأمور، ربما يستحق أحيانًا أن ندافع عنه، لأن الموت سيموت أيضًا، أو سيُبتَـلَع وفق مقولة الرسول بولس.


 تفسير ارتباط الموت بالحب عن «كارس» و»بدوي» واحد تقريبًا. للموضوع تفسيران: الأول صوفى خالص يقوم على أساس فكرة الاتحاد بين المُحب والمحبوب، والثانى إنسانى يقوم على فكر أن المُحب أنانى غيور، يريد المزيد والمزيد من محبوبه لكنه يخشى أن يصدّه المحبوب فيتكتم على مشاعره، يضحى بحياته شريطة ألا يراه غيره ولا يكلمه غيره ولا يحبّه غيره. (وإن بقيتُ أحبّك فما دخلك أنت بذلك؟ – جوته، فيلهلم مايستر). 


المحبُّ لا يقف عند صورة بعينها فيضطر إلى محو الصورة الأولى لكى يضع مكانها صورة جديدة، وهذا المحو هو الموت، وكأن الحياة تعشق الموتَ. يعطينا العهد الجديد صورة عظيمة حول فكرة تجاوز الموت، فكرة الجسر أو العتبة التى تكلّم عنها يونج. نقرأ فى سفر يوحنا اللاهوتى – إصحاح 21»:وسيمسح الله كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون فيما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع فيما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت». (رؤ 21: 4).


كان يراقب جثةً حية تناضل بمشقة لعبور الجـسر ولا تنقصها سوى دفعة قوية أو اثنتان، وهربًا من قسوة الموقف، وهى القسوة التى تفرد قلوعها الآن، لكنه سيدرمغ أنفها – كعادته- لاحقًا، غادر المكان بعد زيارة خاطفة، قاطعًا الطريق سيرًا على الأقدام، ومستقبلًا بصدره عاصفة الهواء الباردة. للصمود وضع السماعات فى أذنيه وسمع مقطوعة Verdi Requiem Dies Irae e Tuba Mirum. سافر بمفرده. فى أقسى لحظات حياته يغمره برود عجيب ويتملكه تماسك أعجب صار جزءًا من شخصيته، وكأن الحزن هارب إلى مكان خفى مثل طفل خائف من عقوبة، يتذكر جملة: «والآن تبدأ العقوبة» (ألفريد دوبلن، ميدان ألكسندر- برلين). 


قى آخر جُملة فى كتاب كارس يتكلّم المؤلف عن تصوّر كيركجارد للموت. كانت فكرته أننا نتغلب على اليأس الذى هو أعلى صور الحزن على الموتى لا عن طريق بلوغ حالة الخلود التى لا تغيير فيها، بل بأن نحمِلَ الموت إلى تاريخنا الشخصى وذلك بنقل معنى حياتنا إلى الآخرين عبر استدعائهم فى عمل فنى. يقول المؤلف:» فى الحقيقة فإننا بمثل هذا الموت فقط نستطيع أن نحيا على الإطلاق».


 ألا نلاحظ أن أغلب الأشياء فى حياتنا نعملها مع آخرين أو لأجل آخرين أو ضـد آخرين، ما عدا الموت؟ يعيش الإنسان وسط جماعة ويموت وحيدًا منفصلًا عمن حَولَه، يمارس تجربته الأكثر خصوصية وذاتية بمفرده، بل أقول ربما حتى أغلب المخلوقات تحذو الحذو نفسه.

يسافر كل نجم عبر ظلام الفضاء اللامتناهى وسط غِمار عـزلة مهيبة وتنمو كل شجرة وكل وردة وتموت وَفق قانونها الخاص. أن تكون على قيد الحياة يعنى أن تكون فى جسدٍ يتحتم عليه مشاركة الآخرين (عمل/حياة/صداقة/حب/جنس، إلخ)، أما الانفصال = الموت يعنى أن تكون وحيدًا. 


ولو نظرنا إلى الأمر نظرة أشمل ونحن نقرأ مقدمة كارس حول مبرر تأليف الكتاب لسألنا: ألم تكن هذه الروح دائمًا مصدر كل عمل عظيم؟ ألا تُولد كل تحفة فنية من تجارب الألم والمعاناة؟ ألا يُولد كل عمل خالد «من الأعماق» De Profundis لو استعرنا عنوان عمل أوسكار وايلد، (من الأعماق صرختُ لك يا رب) (المزامير: 130). ربما تهلِّل فيالق الحمقى على السوشيال ميديا على رأى أومبرتو إيكو ويصفق كل من امتلك «أكونت» لكتابٍ ما، لكن العمل النابع من القلب النازف ليس إلا كشفًا عن قلب المبدع وروحه الصارخة من الأعماق. 


ومثلما رصَّع كارس كتابه بنصوص نثرية وشعرية تعينه على فهم ما يكتب، محاورًا إياها بحرص شديد كيلا يُتهم بالعاطفية غير اللائقة بالبرود الأكاديمى المعهود، سأختم بشذرات من نصوص تدور فى الفلك ذاته طالما مثّلت إليَّ الكثير. 


(ثم قال كوليا سائلًا: كارامازوف.. هل صحيح ما يعلمّنا الدين إياه أننا سنبعث أحياء بعد الموت فى يوم من الأيام فيرى بعضنا بعضًا ونرى إيليوشا؟ قال أليوشا: نعم هذه حقيقة مطلقة، سنلتقى جميعًا ويقصّ بعضنا على بعض ما وقع له بفرحٍ ومرح، بهذا أجاب أليوشا بهزل وحماسة) (كارامازوف، دوستويفسكي). 


( لا تمُتْ، أنا أحبّك، لكن الجثة تابعت الموت) (سيزار فاييخو). 
(ولكن عندما كان ينظر إلى الكتابة على أنها أكثر من مجرد بداية، وعندما كان يظن أنها أكثر من مجرد حيلة للهرب من شىء حقيقى، وهى طريقته لخلق انطباع بالجهد الشاق والالتزام الجاد، فى حين كان يعفى نفسه منهما معًا بوقوفه أمام الكتابة كحالة حية كلية، صعبة المنال، بينما كانت بداياته وحيله وجهوده والتزاماته مجرد جثث خلف ظهره) (من اليوميات - مصطفى ذكرى). 
(استقامة القوس تعويجُه) (العبادلة- محى الدين بن عربي).


(هذا هو الحدث الجلل فى حياة عود الثقاب، الحدث الذى يحقق مغزى وجوده؛ أن يؤدى مهمّته ثمّ يسلمُ وجهه إلى الموت، مُـتـحولًا إلى رماد، فى اللحظة التى يستمتع بها بوجوده يدركه الموت. وفى اللحظة التى يحقق فيها ذاته يهلك) (روبرت فالزر).


(لكى تُبرز مقاصدكَ الخفيّة فينا وتنظم فوضانا) (القديس أوغسطين، الاعترافات، كتاب 13)
 ( فى الحِداد وفى الفرح.. حـيّ حتى الموت) (بول ريكور).

اقرأ ايضا | نلاحظ هنا أن أهم تجارب الإنسان وأشدها خصوصية وفردانية وهى الموت، هى تجربة عصيّة على الوصف والشرح، والسبب كما أدركتُ مؤخرًا أنها تجربة اليقين