بدء أعمال ترميم وتنقيب جديدة بمعبد حتحور «سيدة الفيروز» بسيناء

معبد حتحور "سيدة الفيروز"
معبد حتحور "سيدة الفيروز"

بدأت وزارة السياحة والآثار فى عملية ترميم وتنقيب جديدة فى معبد حتحور بسرابيط الخادم.. المعبد الفرعونى الفريد بمحافظة جنوب سيناء.

وتعتبر  منطقة آثار سرابيط الخادم التي من أهم مناطق الآثار المصرية الفرعونية فى سيناء فهو المعبد الفريد الذي كرس لعبادة الإلهة حتحور سيدة الفيروز والذي شيد على سطح هضبة ارتفاعها فوق سطح البحر 1100 م وسط مغارات استخراج الفيروز "حجر نصف كريم" ويعتبر أضخم  أثر للفراعنة في سيناء ولا يوجد فى مصر سوي فى جنوب سيناء وتحديدا فى سرابيط الخادم ووادي المغارة وبه 28 مغارة استخدمت لاستخراج الفيروز بعض هذه المغارات على واجهاتها نصوص فرعونية باللغة المصرية القديمة تؤرخ لعصر الملك الذي أرسلت فى عهده البعثة.

معبد حتحور

 

تقع منطقة سرابيط الخادم على بعد حوالي 50 كم تقريبا جنوب شرق مدينة أبو زنيمة بمحافظة جنوب سيناء في منطقة يطلق عليها البدو اسم الرملة وكلمة سرابيط هي جمع لكلمة سربوط ومعناها الحجر، وربما أطلقت كلمة الخادم على عمال التعدين ويمكن الوصول إلى المعبد عن طريق إحدى ثلاث مدقات صاعدة إلى أعلى الجبل منها وادي الخصيف ووادي الطليحة بالإضافة إلى طريق روض العير والذي يعتبر الطريق الأسهل، وهو طريق طوله من الأرض حتى تصل للمعبد  3150 مترا ممهد وبه درجات للصعود.

اقرأ أيضا :- وزير السياحة يشدد على الفنادق بحسن استقبال كافة السائحين من مختلف الجنسيات

أسس هذا المعبد في عصر الدولة الوسطى" الأسرة الثانية عشر" وبعدها ساد عصر اضطراب واحتل الهكسوس مصر ولم يلتفت إلى هذا المعبد حيث أنه لا يوجد أي آثار ترجع إلى هذا العصر وبعد طرد الهكسوس من مصر قام ملوك الأسرة الثانية عشرة بتغيير شكل المعبد واتجاهه حتى يتمكنوا من التوسع في البناء دون الاصطدام بحافة الجبل.

معبد حتحور

 

وامتد البناء تدريجيا نحو الغرب على شكل صف من الحجرات ومع وصول حملات التعدين إلى المعبد كان يتم إضافة حجرة ويقام لكل حجرة  نصب تذكاري يحمل اسم الفرعون الذي أرسل الحملة وتاريخ وصولها وأسماء وأعضاء بعثة التعدين وتخصص كل فرد فيها وكمية الفيروز المستخرجة ويحيط بالمعبد سور مشيد بكتل حجرية غير منتظمة حيث إن هذه الكتل هي بقايا النصب التذكارية والتي تحطمت أثناء نقلها من المحجر إلى المعبد وأخذ المعبد شكله النهائي في عهد الفرعون رمسيس السادس ويبلغ طول المعبد 80 م وعرضه 35م.

هيكل حتحور

كان في البداية عبارة عن هيكل صغير نحت في الصخر وله باب صغير يتجه ناحية الغرب وخصص لعبادة الإلهة حتحور وبينهما قرص الشمس والهيكل مستطيل الشكل ويحمل سقف الهيكل عمود واحد مزين برسوم وكتابات غائرة تمثل الفرعون أمنمحات في وضع تقديم القرابين للإلهة حتحور ويتخلل النص كلمة فيروز.

 

معبد حتحور بسرابيط الخادم هو المعبد الفرعوني الوحيد من الدولة الوسطى فى سيناء وأحد خمسة معابد فى عصر الدولة الوسطي فى مصر كلها بدأ تشييده فى عهد أمنمحات الأول مؤسس الأسرة الثانية عشرة الفرعونية وقد بُدئ بناء المعبد بنقر هيكل الآلهة حتحور في جسم الجبل؛ وعلى عامود المنتصف المدعم لقدس الأقداس صُور الملك "أمنمحات الثالث" يقدم القرابين للإلهة حتحور- بلقبها سيدة الفيروز- واقفاً تحت جناحي الإلهة "نخبت" ممسكة بخاتم سن SN رمز السرمدية وحكم الملك؛ أما قدس الأقداس الثاني فهو أصغر من الأول، وقد خصص لعبادة الإله الآسيوي سبدو في هيئة القرد وقام كل من سنوسرت الأول وأمنمحات الثاني بتشييد المعبد على شكله الحالي واستمرت أعمال الإضافات سواء بلوحات تذكارية أو صالات طوال عصر الدولتين الوسطى والحديثة حتى عصر رمسيس الثالث.


ومعروف أن الإلهة حتحور هي ربة التركواز بجانب صفات أخرى عبدها المصريون بها مثل ربة الأمومة والرضاعة والحب وحامية العمال فى الصحراء وتنتشر معابدها فى كافة ربوع مصر حتى جنوب فلسطين يوجد فيها معبد من الدولة الحديثة للإلهة حتحور ولكن عبارة عن مقصورة صغيرة فى صحراء النقب جنوب إسرائيل اسمها "تمنه".

 

وشيد معبد حتحور بسرابيط الخادم من الحجر الرملي النوبي وهو الحجر الموجود أعلى الجبل من نفس المكان بجانب المعبد والمغارات وتوجد منطقة روض العير وبها نقوش ورسوم ترجع لعصر الدولتين الوسطى والحديثة وتشتهر بمناظر المراكب ومناظر حيوانات مثل النعامة والزرافة ومناظر لغزلان وتشتهر سرابيط الخادم بجانب وادي المغارة بوجود ما يعرف بالنقوش السينائية وقد دارت حولها أبحاث كثيرة ويعتقد كثير من العلماء أن تلك النقوش نحتها العمال الأسيويين فى بعثات التعدين المصرية فى عهد أمنمحات الثالث حيث استخدم عمال أسيويين فى بعثات التعدين حيث اهتم بهم وأسكنهم فى شرق الدلتا والمعروف أنه من أكثر الفراعين المصريين اهتماما بسيناء حيث يرجع لعهده 58 بعثة تعدين. 

المبنى الإدارى

فى سرابيط الخادم ووادي المغارة ووادي النصب .. نظرا لأهمية سرابيط الخادم قامت وزارة السياحة والآثار بإنشاء مبنى إداري ضخم مزود بمولدات للكهرباء وخزانات للمياه وجناح خاص للإعاشة كما قامت على نفقة الوزارة برصف 8 كيلوا متر من منطقة سيل النصب حتى المبنى الإداري بسرابيط الخادم وحاليا تعمل منطقة آثار جنوب سيناء على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحويل هذا المبنى كونه مبنى إداري لسرابيط الخادم إلى مركز أبحاث خاص باللغة المصرية واللغة السينائية واللغة النبطية والخط السينائي والنبطي بجانب تقديم خدمة ثقافية للمجتمع البدوي المحيط.
 
سحر السرابيط

زيارة سرابيط الخادم ليلا تختلف تماما عن زيارته بالنهار حيث يمكنك بالعين المجردة عندما تصعد لأعلى نقطة عند المعبد مشاهدة منظر ساحر لملايين النجوم والمجرات.. فعلى أضواء الكشافات تستطيع صعود السرابيط ليلا من طريق روض العير بصحبة مفتشا الآثار بالمنطقة اللذان يشرحان لك المعبد أثناء الصعود.. الذي يبدأ من منطقة روض العير والذى تمر خلاله على سلالم صخرية أعدتها وزارة الآثار لتسهيل عملية الصعود فى بعض المناطق .. عروق الفيروز بالجبل ترشد عن مغارات سرابيط الخادم المليئة بالكنوز والأحجار الكريمة التي يصطادها البدو ويبيعونها لتجار الحلي لاستخدامها فى أغراض الزينة والتى كانت مكرسة لخدمة البعثات الملكية فى العصر القديم لاستخراج الفيروز لتؤكد أن جنوب سيناء هو بالفعل الموقع الثالث على مستوى العالم الغنى بالثروة المحجرية .. الشقف موجود للدراسة والقواقع والأصداف توجد فى كل مكان فوق الجبل ويتردد أنها لعصر الطوفان القديم.  

حوالي ساعتين من الصعود يتخللها بعض الاستراحات على الطريق الصاعد والذي به ثلاث استراحات على شكل مقاعد صخرية تتلاءم مع بيئة الأثر .. المياه فى يديك أهم من الساعة فهي أحد عناصر الشعور بالأمان حتى تصعد للمعبد ولقدس الأقداس وفى الطريق يقابلك نقوش على الصخور وأجزاء من لوحات محيطة بالمعبد وهى جزء أصيل من تكوينه وهى متروكة فى مكانها لحين عمل مشروع لإعادة المعبد كما كان قديما أما نقش حتحور فيوجد فى كل مكان واستلات عديدة عبارة عن لوحات تذكارية خاصة بملوك كثيرين بالإضافات الملكية للمكان وأجزاء متناثرة من لوحات قدس الأقداس وهم قدسين كبير مكرر لحتحور وصغير سوبيد للإلهة وبجانب قدس الأقداس صالة الملوك وحول المعبد سور مقام على السور الأساسي للمعبد أنشأته وزارة الاثار لحماية المعبد من عوامل التعرية عرضة حوالي متر ومحيط للمعبد بالكامل وخارج سور المعبد توجد استيلا على شكل حتحور أحدهما تلك التي سقطت من طائرة "موشيه ديان" أثناء سرقته لها محاولا نقلها إلى إسرائيل وعليها نقوش وخرطوش ملكي.

ولأن الموقع مليء بالأحجار والسرابيط والاستيلات الصغيرة التي يسهل سرقتها فقد قام المسئولين بنقل القطع المهمة والصغيرة الحجم المعرضة للسرقات بشكل دائم مثل "جحوتى" وهو تمثال لقرد ورأس حتحورية إلى مخزن القنطرة شرق، وفى أعلى المعبد كشك الحارس وقد استغل لوحة للمعبد مدون عليها بالعبري وصورة توضح تقسيم المعبد وصنع منها سقفا لكشكه.

حالة المعبد.

إنقاذ حتحور

ومن الأفكار المطروحة والتى تساهم فى دعم ميزانية الوزارة وتسهل عملية الصعود والنزول للمعبد بطريقة آمنة وممتعة أن يتم تشغيل "تلي فريك" 
كما تحتاج منطقة آثار سرابيط الخادم إلى مشروع لإنقاذ معبد حتحور والغرض من المشروع هو توثيق نقوش المعبد من خلال مشروع متكامل لإعادة بناء المعبد وتوثيقه وتسجيله تسجيلا علميا وعمل أعمال تنظيف الحفائر لبعض الصالات التي يتكدس فيها كتل حجرية من جدران المعبد ومحاولة تجميعها لإعادة بناء المعبد على تخطيطه الأول بجانب مشروع لأعمال الترميم لاستكمال أعمال اللوحات الحجرية وتجميعها وهو ما يتم بالفعل.