زوجة الدبلوماسي عمل تطوعي 

زوجة الدبلوماسي.. الجندي المجهول والموظف بلا راتب 

السيدة هند الحلاج
السيدة هند الحلاج

تلعب زوجة الدبلوماسي إلى جانب زوجها خلال أدائه لمهمة تمثيل بلاده، دورا لا يقل أهمية عن شريكها بالحياة، بوصفها واجهة لحضارة دولتها من عادات وتقاليد وثقافة المجتمع الذي جاءت منه.

 

وفي الحياة التقليدية غالبا ما يقع على عاتق الزوجة الكثير من المسئوليات، فما بال أن تكون هذه الشريكة زوجة لرجل دولة تحمل مهمته الدبلوماسية أبعادا سياسية واجتماعية وثقافية تعبر عن سياسة بلاده. 

 

 وتلك المسؤولية التي تلقى على عاتق حرم الدبلوماسي، عبء ضخم، في ظاهره رفاهية، بينما يضمر في باطنه تنازلات كثيرة عن الحياة المألوفة، وباختصار القول يمكن وصف زوجة الدبلوماسي بالموظفة المتطوعة لخدمة بلدها في ذات الوقت.

 

السيدة هند الحلاج، عقيلة محمد الحلواني نائب القنصل العام بنيويورك، درست الأدب الانجليزي، عملت كصحفية، عقدت العزم على الالتحاق بالدراسات العليا لولا السفر والزواج والتنقل في رفقة زوجها، وواصلت دراستها واحلامها كإعلامية. . وحول تجربتها كجندي مجهول في خدمة الوطن كان معها هذا اللقاء:

 

س: ارتباطك بالدبلوماسي محمد الحلواني جاء بالطريقة التقليدية أم بعد قصة حب؟

ج :مثل كل البنات، كنت ابحث عمن يملأ حياتي وفكرني، انسان يملا قلبي وعقلي معا، أستطيع أن اعتمد عليه مثقف، ولديه مواصفات الطموح والذكاء والتدين، إلى أن جمعت الصدفة بيننا، وحدث التوافق بيننا، شعرت اننا متقاربين معا، وإنه هو ده فارس أحلامي. ولو رجع الزمن بي لن أختار غيره. أتمنى أن يسير أولادي على نهجه.

 

س: قبل الارتباط عملت كصحفية كيف كانت التجربة؟

ج: كنت بحب شغلي كصحفية جدا، في المجال الإعلامي مهنة غير روتينية يتخللها السفر والمغامرة والتطوير والتجديد دائما ومتابعة كل ما يدور حولك، وكنت أعمل في أكبر صحفية باليابان يوميوري، وبعد الزواج، كان على الاختيار، لأنه صعب المواصلة والنجاح في المضمارين معا.، حقيقة الأمر، افتقد شغلي تماما، وفي الوقت نفسه علْي الاعتراف أنه من الصعب الاستمرار بمهنة البحث عن المتاعب. علي الإنسان أن يكون صادقا مع نفسه واختيار أولوياته بالحياة. فاخترت أسرتي الجديدة، كثيرا ما تراودني فكرة الشغل، ولكن متابعة أسرتي وأولاد ده شغل في حد ذاته، ومع تواجدنا في أمريكا يجب متابعة الأبناء بشكل دؤوب لاختلاف العادات.

 

س: تلعب زوجة الدبلوماسي دورا مكملا لعمل الزوج، وبالتأكيد بعيدا عن مكتبه؟ كيف ترى هذا الدور؟

 ج: البيت في حد ذاته شغل زوجة الدبلوماسي، فالمنزل يعد مكتب ثاني للزوج، دائما نستقبل فيه زوار، ونقيم ولائم، وهنا يقع على عاتق زوجة الدبلوماسي الجانب الاجتماعي، وترك أثر وانطباع جيدة بوصفنا نمثل دولتنا، وحتى في مدارس الأولاد، فإننا نمثل مصر كل ذلك يوضع بالاعتبار. 

 

س: هل هناك خصائص محددة يجب أن تتمتع بها زوجة الدبلوماسي؟ 

ج: من الضروري أن تكون زوجة الدبلوماسي على علم ودراية بطبيعة عمل الزوج، وتقدر هذا، لأنه لن يكون مثل الزوج العادي، لأن لديه واجب وطني له الأولوية في حياته، فالزوجة هنا يجب أن تكون سيدة قوية ولديها قدر كبير من تحمل المسئولية.

 

س: يرى البعض أن العمل الدبلوماسي مجال مخملي لما يتضمن من حفلات واستقبالات رسمية؟

ج: عادة ينظر البعض للأمور من الخارج، كل طريق له صعوباته وجماله، في أشياء نكسبها من هذه الحياة وهناك ما نخسره أيضا، إذا وضعنا في الاعتبار أن في السفر نشعر بالفقدان والحنين للأهل والأصدقاء والحياة المستقرة، وكزوجة دبلوماسي مثلا اضطررت للتخلي عن عملي ومستقبلي المهني، وعلي الجانب الأخر هناك مكاسب عديدة تعارفنا على أخرين، بحيث أصبح لدينا أصدقاء وذكريات في كل مكان،  ونتعرف علي مجتمعات وبلدان جديدة، وعشنا مغامرات كثيرة، من  التنقل وتأسيس حياة في أماكن جديدة، الأمر ليس باليسير، ولكن مع الوقت تعودنا علي ذلك، وبالتأكيد لكل مجال حسناته وعيوبه.

 

 

س: ما البلاد التي قمت بزيارتها كزوجة دبلوماسي؟

ج: أول مهمة كانت في كوريا الجنوبية، وذلك عقب الزواج مباشرة، كانت مهمة رائعة على كل المستويات، هناك التقيت مع سفيرنا محمد الزرقاني وحرمه هالة هانم. تعرفت عن قرب على ثقافة أهل البلاد ولمست كم هو شعب ودود ودؤوب في حياته وكان محمد في ذلك الوقت سكرتير ثالث وتم ترقيته أثناء البعثة وتركت الرحلة الأولي لدي أثرا جيدا.

المأمورية التالية كانت دولة أثيوبيا، وهي تجربة ثرية وجديدة، حيث كان عدد أعضاء البعثة الدبلوماسية بالسفارة كبير يصل إلى أحد عشر فردا، على رأسهم السفير محمد أبو بكر الحفناوي، وحرمه، الحياة هناك بها بعض الصعوبات، من ضعف الانترنت وقطع المياه والكهرباء أحيانا، أما الجانب الإيجابي فيتميز بالترابط الاجتماعي الهائل بين أعضاء السفارة والجالية في هذه الرحلة، لأنه السبيل الوحيد لقضاء الوقت أمام الجميع، والرحلة الثالثة هنا بنيويورك، بالتأكيد العام الأول كان صعبا بسبب وباء الكوفيد 19 خاصة على الأولاد و خوضهم تجربة التعليم والمدارس اون لاين، والحمد لله بعد تخفيف قيود الكوفيد، بدأت الأوضاع في التحسن قليلا، وهي فرصة للأولاد وتجربة حبيت أن نخوضها.

 

س: انتقال الأبناء بين البلاد والمدارس ليس بالمهمة البسيطة، كيف تتعاملي مع الأمر؟

ج: من واقع تجربتنا، كل خطوة يجب دراستها وفقا لمكان السفر، هنا بالولايات المتحدة مثلا المدارس العامة تتبع المنطقة السكانية التي نسكن بها، ومن ثم كان علينا تخير المنطقة السكنية في البداية للتحقق من مستوى المدرسة التي يلتحق بها الأبناء، وتلك الخطوة استغرقت ثلاثة أشهر للوصول إلى منطقة سكنية جيدة وبالتالي انتظام الأولاد بالدراسة. هذا التخطيط ندرسه معا، ثم يقع عبء الدراسة والمتابعة أغلبه علي. كما أنني حرصت على أن أعلم أبنائي أن جزء من عملنا هو السفر والتنقل، وعليه نحرص دائما على تكوين صداقات وانطباعات جديدة أينما نكون، وهكذا يستع مداركهم وثقافتهم ويصبحوا منفتحين على العالم ويدركوا منذ الصغر تقبل الآخر رغم الاختلاف.

 

س: هل ساهمت في إقامة معارض خيرية وأنشطة ثقافية وإجتماعية بالدول التي قمت بزيارتها؟

  ج: شاركت في معارض تابعة للسفارة المصرية أثناء تواجدي بأثيوبيا، تحت رعاية نهال هانم حرم السفير أبوبكر حفني محمود ، وفي كوريا، من خلال متحف متعدد الثقافات، ساهمت بعدة أعمال منها تعليم اللغة العربية في المدارس واطلاعهم على الثقافة المصرية وتقديم الأكلات المصرية، وهي تجربة لطيفة.

 

س: هناك من يرى أن الرجل زوج المرأة الدبلوماسية أكثر حظا من المرأة زوجة الدبلوماسي، من منطلق أنه لا يقع على عاتقه نفس المسئوليات ما رأيك في تلك المقولة؟

ج: الحياة الزوجية غالبا بها توازنات، والحياة مع الأخر تحتاج إلى الكثير من الموائمات كي تصل إلى بر الأمان، ومن يرتبط بشريك يعمل بالمجال الدبلوماسي، عليه أن يستوعب طبيعة عمل شريكة، ويكون على درجة هائلة من التفاهم، ما دام تقبل الوضع من البداية. 

 

س: هل على زوجة الدبلوماسي أن تضحي بنجاحها وطموحها الشخصي مقابل نجاح زوجها؟

ج: أنا مؤمنه أن نجاح زوجي في عمله هو نجاح لي، كما أنه نجاح لرسالتي في الحياة، ودعينا لا ننسى أن وراء كل عظيم امرأة.