فى الصميم

لعبة الكبار.. والدور الغائب!

جلال عارف
جلال عارف

للأسف الشديد.. تغيب ـ حتى الآن ـ الجهود الدولية الفاعلة لإيقاف الحرب فى أوكرانيا ومنع التصعيد نحو الأسوأ. فى كل الأزمات الكبرى التى واجهها العالم منذ الحرب العالمية الثانية كان الجهد الدولى ـ بصورة أو أخرى ـ فاعلا فى تقريب وجهات النظر ومنع الإنجرار إلى صدام أكبر أصبح يهدد البشرية كلها منذ أن أصبح توازن الرعب النووى حاضرا فى كل أزمة كبرى.


عندما كانت الأمم المتحدة فاعلة كانت تقوم بهذا الدور بدعم من القوى الكبرى التى كانت ـ رغم الخلافات العميقة ـ حريصة على بقاء النظام الدولى الذى صنعته بعد الحرب العالمية والذى كانت الأمم المتحدة عنوانا رئيسيا فيه.

وبجانب جهود الأمم المتحدة فى حل الصراعات الدولية الكبرى، كانت الإرادة الدولية تعمل من خلال تجمعات عديدة لعل أبرزها كان ذات يوم تجمع دول عدم الانحياز الذى كانت مصر ركنا أساسيا  فيه ، والذى لعب دورا هاما فى تخفيف حدة الاستقطاب الدولى فى عز سنوات الحرب الباردة.


تغيرت الأحوال الآن. ضعف دور الأمم المتحدة ورأينا كيف كان الرئيس الأمريكى السابق ترامب يتعامل معها على أنها إرث ثقيل ومكلف ولا لزوم له ولا حاجة لوجوده. وانتهى الدور الفاعل لمنظمات عديدة مثل عدم الانحياز. وقامت التكتلات العالمية الجديدة لتحقيق المصالح الخاصة الاقتصادية أو العسكرية.

وفى ظل سنوات الارتباك التى يعيشها النظام الدولى منذ فترة، ومع تزايد الانكفاء نحو الداخل حتى لدى الدولة الأقوى حتى الآن «أمريكا».. تقلصت مساحات التوافق بين القوى الكبرى، واختفت الجهود الدولية التى كانت حاضرة دوما للتعامل مع الأزمات الكبرى.


فى أزمة أوكرانيا.. غاب الجهد الدولى لمنع الحرب من البداية أو لإيقافها بعد ذلك ترك الأمر لأطراف النزاع من القوى الكبرى. الجهد الدبلوماسى كان معظمه من جانب الدول الأوروبية وهى طرف فى الصراع. الأمم المتحدة تحولت إلى ساحة لعرض المواقف المختلفة ولتوفير المساعدات الإنسانية، بينما غاب الدور الأساسى فى البحث عن حل والتوسط لإقراره حتى الآن. ودول العالم التى فاجأها التصعيد الذى وصل للاستنفار النووى تعيد حساباتها.

ومازال هناك دور غائب لجهد دولى مطلوب لمساعدة أطراف الأزمة للتوصل إلى الحل الذى يوقف الحرب فى أوكرانيا، ويمنع الانجرار نحو الأسوأ.


ربما كان انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة لبحث الازمة بعد فشل مجلس الأمن فى إيقاف الحرب..

إعلانا بأن مصير العالم لا ينبغى أن يترك لصراع الكبار  وحدهم.

دول العالم كلها ستدفع الثمن، وعليها ألا تكتفى بانتظار ما يؤدى إليه صراع الكبار. نحتاج لمبادرة ـ بعيدا عن الاستقطاب الحالى ـ  تفتح أبواب الحل وتعيد المتصارعين الكبار إلى الرشد الذى يفتح أبواب الدبلوماسية بديلا للحرب الكارثية.