«فرعون».. قصة جزيرة شاركت فى استعادة طابا 

قلعة فرعون بطابا
قلعة فرعون بطابا

نشرت وزارة السياحة والآثار على صفحتها الرسمية على فيس بوك، فيديو لمدينة طابا الساحرة  يبرز معالم وسحر الطبيعة فى المدينة التى تعد واحدة من أروع المدن فى سيناء فى مصر.

وتتمتع طابا بالهدوء والمياه الزرقاء الصافية بالإضافة إلى جزيرة فرعون المحاطة بالشعب المرجانية النادرة.   

 خبير الآثار عبد الله السيد محمـد مدير بمنطقة آثار طابا كان قد شرح لنا أن جزيرة فرعون تقع فى شمال خليج العقبة على خط عرض 34 درجه و51 دقيقه و20 ثانيه شرقا وخط طول 29 درجة 27 دقيقه و30 ثانيه شمالا وهى تبعد 250 متر عن الساحل الغربي لخليج العقبة وتبعد عن ميناء العقبة الأردني بحوالي 12كم وحوالي 7 كيلو متر جنوب شرق قرية طابا المصرية حيث تطل الجزيرة على خليج العقبة من جميع الجهات وتبعد عن مدينة نويبع الواقعة إلى الجنوب منها بحوالي 65 كيلو متر وعلى بعد 2 كم شمال شرق وادي المراخ، وتبعد عن الشاطئ المصري لخليج العقبة بحوالي 250 مترا عند وادي التيه بوسط سيناء وتمتاز هذه الجزيرة بأن أرضها صخرية يصعب الحفر فيها وكذلك يصعب العيش عليها دون استعدادات مسبقة، ويبلغ محيط الجزيرة حوالي 1000 متر بينما يبلغ طول الأسوار والأبراج الخارجية المحيطة بالقلعة 922 متر أما مساحة الجزيرة المقام عليها القلعة فيبلغ 30000 متر مربع أي ما يوازى سبعة أفدنه وقيراطين وعشرة أسهم وشكل الجزيرة وما عليها من المنشآت اقرب للمستطيل فأقصى طول لهل من الشمال إلى الجنوب 300 متر وأقصى عرض لها هو 150متر.

اقرأ أيضًا : متحف طنطا يستعرض قطعة أثرية لـ«أمون رع»

جزيرة فرعون

الاسم الأصلي للجزيرة هو "فارا" وهى موجودة على الخرائط الرومانية باسم فاروس وهى كلمة رومانية تعنى الفنار الذي كان يهدى السفن المارة فى البحار إلى الطريق السليم، وسميت هذه الجزيرة بجزيرة فرعون نسبة إلى أن الفراعنة استخدموها منذ العصور الفرعونية القديمة حتى أن الأسرة الـتاسعة وحتى الأسرة ال26 الفرعونية كانوا يستغلون هذه الجزيرة فى الأعمال التجارية وكذلك فى الأعمال الحربية فضلا عن استخدامها كمكان لتخزين السلع والأسلحة، وتسمى أيضا جزيرة المرجان لانتشار الشعب المرجانية حولها، وأطلق الرومان على الجزيرة اسم فاروس ثم حرف الاسم إلى جزيرة فرعون، واستخدمت كموقع تجارى وميناء هام للرومان على البحر الأحمر، كما كانت منطقه مهمة لتخزين النحاس للرومان واستخدمت كذلك أثناء عصر الأنباط ، أما فى العصر الإسلامي فقد أطلق عليها اسم آيلة وظلت منطقة تجاريه هامة للعرب المسلمين فى العصور الإسلامية الأولى، فكانت مرحلة من مراحل الطرق التجارية للعرب المسلمين بسيناء، وأطلق الصليبيون عليها أسم جراى، وقد تناست الأسماء القديمة كلها إلا فاران الذي حرف إلى فرعون وهو الاسم الذي تعرف به الجزيرة حاليا.

فلما استولى الفاطميون على مصر ظلت سيناء تحت لواء الفواطم وأقاموا بها المسجد الموجود بدير سانت كاترين واستخدموا جزيرة فرعون كمنطقة تجارية، وفى العصر الأيوبي حيث الحروب الصليبية أطلق على هذه الجزيرة اسم جراى، ولقد احتلها الصليبيون أيام ملكهم بلدوين الأول وأقاموا بها تحصينا حربيا سنه 1116م وظل الأمر على ذلك حتى جاء صلاح الدين وحرر الجزيرة منهم وأقام بها قلعة حصينة ووضع فيها الجنود وزودهم بالعتاد والسلاح وكان ذلك عام 1170م وكان لجزيرة فرعون دور كبير فى حماية وتامين المدن والموانئ الإسلامية فى البحر الأحمر فقد استخدمت هذه الجزيرة فى العصر المملوكي أيضا كنقطة دفاعية لحماية وتأمين طريق الحج المصري الذي كان يبدأ من القاهرة ويمر بالسويس ثم يدخل إلى سيناء حتى نخل الحالية ومنها إلى آيلة ومن آيلة إلى العقبة ومنها إلى الأراضي الحجازية بمكة والمدينة المنورة، حيث كثر تهديد الصليبيين لهذا الطريق وللحجاج بل وحاولوا الاستيلاء على مكة والمدينة المنورة لضرب الإسلام والمسلمين فى عقر دارهم وذلك عام 1182م بزعامة الصليبي أرناط حاكم حصني الكرك والشوبك الذي أراد من خلالها تدمير المدن الإسلامية بالبحر الأحمر سنه 1182م وهو ما تصدى له قائد صلاح الدين حسام الدين لؤلؤ الحاجب من خلال الأسطول الإسلامي والذي هزم الأسطول الصليبي شر هزيمة وقتل وأسر كل من كان بالحملة إلا أرناط الذي قتله صلاح الدين الأيوبي فيما بعد، ويقول أبو الفدا فى تاريخه أن هذه الجزيرة قد هجرت عام 1300م وانتقل الوالي منها إلى الشط ومنذ هذا التاريخ وهى  مهجورة، وبعد هذه الحادثة هجرت قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون وظلت على هذا حتى عام 1976م حيث استولى عليها اليهود باستيلائهم على سيناء وبعد تحرير سيناء وعودتها كاملة إلى السيادة المصرية فى عام 1979م كان لجزيرة فرعون وقلعه صلاح الدين دور كبير فى استعادة مصر لمنطقة طابا المتنازع عليها عن طريق التحكيم سنه 1989م، ونظرا لتقدم العلوم العسكرية ومعدات الحرب وتطور المواصلات تضاءل الدور التاريخي للقلعة من الناحية العسكرية فأهملت وترك بها التراكمات. 

أحداث القلعة

وقد شهدت قلعة صلاح الدين عدة أحداث حيث سيطر الصليبيون على جزيرة فرعون 56عاما بدأت من عام 1116م حتى عام 1170م وخلال إقامتهم بها قاموا ببناء قلعه حصينة واهتموا بتقوية أسوارها وأبراجها لكن صلاح الدين الأيوبي انتصر عليهم واسترد الجزيرة وما عليها من منشآت وأفراد فى عام 1170م ولعل من أهم الأحداث التي شهدتها القلعة قيام صلاح الدين الأيوبي بمهاجمة أملاك الصليبيين فى غزه على حدود مصر الشرقية عام 1170م وفى نفس العام قام بفتح جزيرة فرعون والاستيلاء عليها وعلى قلعتها الصليبية وقتل من بها من الفرنجة وأسر من بقى منهم وإقامة القلعة الحالية وأسكن بها بدلا من الإفرنج جماعة من ثقاته وقواهم بما يحتاجون إليه من السلاح.

ومن الأحداث التي شهدتها هذه القلعة وساهمت فيها بحاميتها العسكرية هو حادثة عام 1181م حينما عاود أرناط الصليبي حاكم الكرك استعادة الجزيرة مرة أخرى حيث قام فى هذه السنة بحصار جزيرة فرعون بحرا وشدد الحصار عليها لأنها تتحكم فى الطرق البرية والبحرية فى البحر الأحمر ولكنه فشل فى الاستيلاء عليها بسبب قوة حاميتها ونصرة الله للجنود المسلمين حيث لم يستطع أرناط الصليبي الاستيلاء على الجزيرة مره أخرى ولم يستطع محاصرتها ولا منع المياه عنها فاتجه إلى البحر الأحمر واستعان فى أعماله الحربية بالخائنين من البدو من سيناء بعد أن أغراهم بالمال ولما علم صلاح الدين بذلك أرسل إلى نائبه على مصر وأمره أن يجهز أسطولا لإحباط خطة الصليبيين فجهز الملك العادل أسطولا حربيا بقيادة حسام الدين لؤلؤ وحمل مفككا على ظهور الجمال حتى السويس ثم قسم الأسطول إلى قسمين احدهما اتجه إلى جزيرة فرعون وفك حصارها والثاني سار فى البحر الأحمر جنوبا متابعا القوات الصليبية حتى أدركهم على مسيرة يوم من المدينة المنورة فقضوا عليهم قضاء مبرما وقد قبض حسام الدين لؤلؤ على الأسرى الصليبيين وأرسل إلى صلاح الدين يخبره بالنصر على الصليبيين وبالأسرى الصليبيين فأمره بأن يضرب أعناق بعضهم بالقاهرة والبعض الآخر فى مكة والمدينة المنورة وكان هذا كله فى موسم الحج فسيق اثنان من الصليبيين ونحرا كالإبل هديا للكعبة وسيق باقي الأسرى للقاهرة مقيدا بالسلاسل.

قلعة صلاح الدين

تتكون قلعة صلاح الدين من مبنيين كل منهما يشكل قلعة مستقلة بذاتها بحيث تعمل كل منها بمفردها إذا ما حوصر أحدهما فقد أقيمت كل قلعة على تل من التلين العاليين الموجودين على جزيرة فرعون، يفصل بينهما منطقة منخفضة وقد تم الاستفادة من تضاريس الجزيرة بشكل مثالي فعلى كل تل يوجد تحصين حربي احدهما وهو الشمالي الأكبر حجما وتم الكشف عليه وإجراء الحفائر به والآخر الجنوبي لم تجر به الحفائر المطلوبة، ومازال يحتفظ بالكثير من عناصره المعمارية المختلفة هذين التحصينين هما ما يطلق عليه اسم قلعة جزيرة فرعون أو قلعة صلاح الدين المسجلة بالقرار رقم 141 لسنه 1986 أما السهل الأوسط المحصور بينهما فقد أقيمت فيه مخازن الغلال والمؤن وغرف الجنود والذخيرة والفرن وبرج الحمام الزاجل والمسجد فضلا عن صهاريج المياه والحمامات الملحقة بها وباقي الوحدات الخدمية الأخرى ويحيط بالجزيرة سور خارجي يتخلله 9 أبراج دفاعيه للحراسة ذات تخطيط مربع فى أساسها ومستدير من أعلى وزيادة فى تحصين هذه القلعة شيد صلاح الدين سورا سميكا يدور حول الجزيرة بالكامل وما عليها من مباني وقد تهدمت هذه الأسوار كلها تقريبا ولم يبق منها إلا برج واحد أمامي فى الجهة الغربية بجوار المرسى، ويوجد بالقلعة مساحه كبيرة محفورة فى الصخر يطلق عليها محجر القلعة حيث تم استخدام المواد الطبيعية المتوافرة فى المكان فى أعمال البناء واقتطاع الأحجار من التل المبنى عليه القلعة.

مسجد القلعة

ويقع مسجد القلعة جنوب شرق التحصين الشمالي ويأخذ موقعه هذا مكانا وسطا بين التحصين الشمالي والجنوبي وان كان اقرب إلى مباني التحصين الشمالي وهو ذات تخطيط مستطيل تبلغ أبعاده حوالي 4 متر × 5 متر وفى الجدار الجنوبي الشرقي توجد حنية المحراب نصف الدائرية يكتنفها من على الجانبين عمودان من الحجر الجيري ويوجد فى المسجد 4 نوافذ وكسيت أرض هذا المسجد ببلاطات من الحجر الجيري وقد تم العثور على لوحه تأسيسية من الحجر الجيري بالخط النسخ الغائر من خمسة اسطر هذا نصها "أمر بإنشاء هذا المسجد المبارك الأمير حسام الدين  باخل بن حمدان فى شعبان المعظم ...." وعلى جانبي النص جامة مثلثه الشكل كتب فى اليمنى "الملك" واليسري مهشمه وغير مقروءة.

ترميم القلعة

ولما كانت المؤثرات الطبقية قد أدت إلى تلاشى معظم أجزاء السور الساحلي المحيط بالجزيرة وتهدم أبراجها نتيجة لارتطام الأمواج بها وأصبحت العناصر المعمارية التي تشكل التخطيط العام للقلعة عبارة عن أكوام من الحجارة يصعب على الزائر العادي أن يشكل فكرة واضحة عنها ولهذا فقد قام المجلس الأعلى للآثار عام 1986م بعمل حفائر علميه فى هذه القلعة ثم وضع مشروع لترميمها وجعلها مزارا سياحيا بعد أن احتلتها إسرائيل مدة 29 عاما كما تم إجراء مشروع تطوير للجزيرة انتهى عام 2012م تمثل فى إعادة بناء الأسوار والأبراج المحيطة بالجزيرة بارتفاع حوالي 1 متر وعمل سلم صاعد للتحصين الشمالي من الناحية الجنوبية ومرسى خشبي جديد للجزيرة وتطهير البحيرة الداخلية وإنشاء كافتيريا ودورات مياه جديدة وعمل مظلات خشبية جديدة بالإضافة لمشروع إضاءة جديد ومحطة معالجة للصرف الصحي الخاص بالجزيرة.

رابط الفيديو: 

https://fb.watch/bsojRlqg7R/