كتب: ياسين صبرى
الخبز أو ما اعتاد المصريون أن يطلقون عليه العيش، له حكاية قديمة بدأت منذ زمن أجدادنا القدماء، اهتموا به واحتفوا به، وكان رغيف العيش حاضرًا فى رسومهم الجدارية، ولايزال الأحفاد يعرفون قيمته، فهو بالنسبة إليهم ليس مجرد غذاءٍ، بل جزء مهم من موروثهم الحضارى والتاريخي، وهو ما ظهر فى العديد من الأمثال الشعبية ولوحات الفنانين التشكيليين.
هذا الملف، نلقى من خلاله نظرةً بانورامية على العيش فى مصر، وأنواعه الكثيرة التى ترتبط بكل إقليم، ونرسم لكم خريطة الخبز التى توضح مِزاج الناس فى طريقة صُنعه وتناوله،وبما أن مصر تستورد نسبة كبيرة من القمح من روسيا وأوكرانيا، فقد تابعنا انعكاسات التوترات السياسية التى تنامت أخيرًا بين البلدين، لنعرف مدى تأثيرها فى احتياجاتنا من القمح باعتباره المُكوِّن الرئيس لرغيف الخبز.
ونعود بالذاكرة إلى أيام زمان، لنروى لكم حكاية الفرن البلدى الذى كان أيقونة بارزة فى كل بيوت الريف قبل أن يختفى ويطويه النسيان، كما نلقى الضوء على الأبحاث العلمية التى تُجرى لتحسين جودة الخبز وإنتاج أنواع جديدة منه تنافس الفينو والبلدى، أبرزها مصنوع من دقيق الشوفان والعدس والسمسم.. العيش حكاية طويلة نرويها فى الصفحات التالية:
خريطـة الخـبز
يعتبر الخبز أحد المكونات الرئيسة لوجبات المصريين، فلا تكاد موائدهم تخلو منه على اختلاف طبقاتهم، ولكل منطقة فى مصر نوع معين من الخبز تشتهر بإنتاجه، ويرتبط تنوع الخبز فى مصر باختلاف ثقافة التغذية من مكان لآخر، فنجد أن مكوناته وليدة البيئة التى يجرى إعداده بها.
وهناك نوعان رئيسان من الخبز فى مصر تتفرع منهما باقى الأصناف الأخرى، الأول هو الخبز العربى المسطّح وتندرج تحته أكثر من عشرة أصناف، أما النوع الثانى فهو الخبز الأفرنجى ويضم تشكيلات متنوعة تشمل أكثر من 20 صنفاً على الأقل، ويمكن حصر أشهرها بمصر فى الأنواع التالية.
السِن
له فوائد متعددة، لأنه يُحضَّر من حبوب القمح الكاملة دون فصل النخالة عنها، فكلما كان غلاف القمح مكتملاً خلال عملية تصنيع الخبز، زادت قيمته الغذائية، وخبز السِن يحتوى أيضاً على كمية كبيرة من الألياف، لذلك يعتبر من الأغذية التى تكافح البدانة لتسريعه عملية الهضم، فلا يتم تخزين كربوهيدرات أو دهون فى جسم الإنسان بصورة كبيرة عند تناوله.
البلدى الماوى
يدخل ضمن تصنيف الخبز العربى المسطح، مثله مثل خبز المرقد السورى وخبز البر السعودي، ويعتبر الأكبر حجماً من ناحية الاستهلاك بين المصريين والأكثر انتشاراً على مستوى الجمهورية، ويُصنع من الخميرة والدقيق والملح، ويتميز بأنه يحتوى على نسبة أعلى من الألياف والردة وغلاف القمح الكامل الذى يتفاعل مع الخميرة لينتج "فيتامين ب"، ما ينعكس على الصحة العامة بصورة مباشرة تتمثل فى زيادة معدل التمثيل الغذائي، والحفاظ على صحة الجلد، بجانب تعزيز المناعة ومنع الإصابة بفقر الدم.
الفينو
أحد أنواع الخبز الفرنسي، يجرى تصنيعه من الحليب والملح والسكر والخميرة، ويعتبر أحد أكثر الأنواع شيوعاً فى مصر بعد الخبز البلدى الماوي.
البدوى
يجرى إنتاجه فى شبه جزيرة سيناء، حيث يُصنع من الدقيق والماء والملح على شكل أسطواني، ويوضع على الفحم حتى ينضج تماماً.
الكابد
يعدُّ من أشهر أنواع الخبز فى النوبة وأحد أكلاتها التراثية، وله نكهة خاصة وفريدة من نوعها.
البتاوى
ينتشر فى كافة محافظات الصعيد، ويُصنع من دقيق الذرة، وقد تُضاف إليه الحلبة مع الملح، ويتم عجنه حتى يصبح متماسكاً ثم يُخبز بعد ذلك، وهذا النوع يحتوى على العديد من الفيتامينات.
السواحل
يُنتج خبز السواحل من الدقيق الصافى "استخراج 76"، ويتميز بلونه الأبيض، وينتشر فى محافظات مثل البحيرة والإسكندرية ومطروح.
الشمسى
تشتهر بإنتاجه مدن الصعيد، ويصنع من الدقيق والملح والخميرة، وبعـــد تشكيلـــه علـى هـيئـــــــة كــــرات يوضــــع فـــــى الشــمس لمـــــدة طويلة ــ ومن هنا اكتسب اسمه ــ دون أن يتم تغطيته حتى يتضاعف وزنه وتكتمل عملية التخمر.
المصدر: المهندس طاهر قطب، مدير عام التدريب والإنتاج بالمركز المصرى لتكنولوجيا الخبز