جاء عبدا من الحدود الروسية.. حكاية وصول محمد بك أبو الدهب لحكم مصر

صورة موضوعية
صورة موضوعية

جامع محمد بك أبي الدهب، جامع أثري يحمل رقم 98 بسجلات وزارة الآثار المصرية، وهو يقع حالياً بميدان الزهر في مواجهة المدخل الرئيسي للجامع الأزهر (باب المزينين). 

الباحث فى الآثار د. حسين دقيل يقول حكاية مُنشئ الجامع. فمنشئه محمد بك أبو الدهب ولد في شمال القوقاز -والقوقاز تقع عند حدود أوروبا وآسيا -لعائلة من الأبخاز عام 1734م.  اشتراه (علي بك الكبير – حاكم مصر فيما بعد) من تاجر عبيد يهودي. وقد أصبح أقرب المقربين لعلي بك الكبير، حتى أنه زوّجه ابنته.

أصبح محمد بك أبو الدهب الساعد الأيمن لعلي بك الكبير، وقد ولاه منصب الخازندار وهو المسؤول عن خزانة الدولة (وزير المالية حاليا)، ومن شدة فرح محمد بك بهذا المنصب الكبير قام بتوزيع الهبات والعطايا الذهبية على الفقراء والعامة ومن هنا لقب بـ محمد بك أبو الدهب .

ترأس أبوالدهب حملة إلى بلاد الشام لمساعدة الشيخ ظاهر العمر – وهو أحد الحكام في فلسطين خلال فترة الحكم العثماني، في حربه مع والي دمشق العثماني. ولكنه ما لبث أن عاد إلى مصر فألّب المماليك على سيده علي بك ونجح في إقصائه وتولي زمام الأمور ونصب نفسه شيخا للبلد سنجق بك القاهرة. واستطاع أن يأسر علي بك.

عرض أبو الدهب على الباب العالي العثماني إعادة مصر إلى الدولة العثمانية، وطلب الإذن بالقضاء على ظاهر العمر بحجة خروجه على الدولة وتحالفه مع أعدائها الروس. وأجابته الدولة العثمانية إلى طلبه وثبتته على مصر وأنعمت عليه بلقب باشا.

 توفي محمد بك أبو الذهب 1775 م بمدينة عكا، وتم نقله للقاهرة ليدفن بهذا الجامع الذي حمل اسمه. وهكذا لم يعش أبوالدهب غير 41 عاما إلا أن سيرته بمصر والشام تحّير كل باحث.

أما عن الجامع الذي يبكي حاله، فلا تسمع به أذانا ولا يسجد به مُصلي، ولا يتجول في أركانه باحثً. فالجامع مغلق منذ أكثر من نصف قرن ولم تُقم به أي صلاة.


وكان الأمير محمد بك أبو الدهب قد أمر ببناء جامعه، فشرع في البناء سنة 1773م، وانتهى منه سنة 1188هـ / 1774م. ألحق به تكية، وصهريج للمياه، وسبيل، وحوض لسقى الدواب. كما ألحق به مكتبة تضم نحو 650 كتابا فى شتى الفنون.

كان الغرض من بناء الجامع أن يكون مدرسة تستوعب الأعداد المتزايدة من طلبة الجامع الأزهر الذين يفدون عليه من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وقد وقف أبو الدهب الجامع لتدريس الفقه على المذاهب الحنفي والمالكي والشافعي وتدريس التفسير والحديث والفرائض والنحو والمنطق وما يتم اختياره من العلوم. 


واختير للتدريس فيه أجلة العلماء أمثال الشيخ: على الصعيدي، والشيخ أحمد الدردير، والشيخ محمد الأمير، والشيخ الكفراوي. وخصص وقتا ومكانا بالمسجد للإفتاء، فقرر الشيخ أحمد الدردير مفتيا للمالكية، والشيخ عبد الرحمن العريشي مفتيا للحنفية، والشيخ حسن الكفراوي مفتيا للشافعية.

يقع الجامع في مواجهة الجامع الأزهر، وكان في موقعه قطعة أرض خربة اشتراها أبو الدهب وهدمها وبنى الجامع في مكانها. وهو جامع معلق مرتفع عن أرضية الشارع ويُصعد اليه بدرج مزدوج. وبُنى على مساحة مستطيلة يبلغ طول ضلعه الذي يواجه الجامع الأزهر 40.60مترا، والضلع المطل على شارع الأزهر 27 متراً.
 يتكون تربيع الجامع المخصص للصلاة من مربع طول ضلعه من الداخل 15 مترا ومن الخارج 19.80 مترا. فيكون سمك الجدار 2.4م وهو مبنى من الحجر الجيري، وخوذة القبة مبنية من الآجر للتخفيف عن التربيع السفلي.

وللجامع ثلاثة أبواب محورية تفتح كلها على الإيونات الملتفة حول الجامع من ثلاث جهات ما عدا الجهة الجنوبية الشرقية التي بها المحراب. 

والمحراب يتوسط الحائط الجنوبي الشرقي وهو محراب مجوف اتساعه 1.85م فوقه طاقية متوجه بعقد مدبب ترتكز رجلاه على عمودين من الرخام يكتنفان المحراب. والجزء الأصل من المحراب مكسو بكسوة رخامية مفرغة ومن أعلى مزخرف بالفسيفساء الرخامية والصدفية الدقيقة. ويجاور المحراب منبر من الخشب عليه كتابات مطعمة بالصدف. 

تقع مئذنة الجامع بالجهة الجنوبية من البلاطة الشمالية الغربية وهي منفصلة عن الكتلة المعمارية للجامع وهي ذات قاعدة مستطيلة مقاسها 3.78 في 5.80 مترا وتشكل الطابق الأول للمئذنة. والطابق الثاني يرتد الى الخلف قليلا وبه الممشى الأول. والطابق الثالث وهو الجوسق يرتد أيضا إلى الخلف قليلا وبه الممشى الثاني. يعلو الجوسق (الطابق الثالث) خمسة رؤوس تطايرت بفعل الزمن وبقيت قواعدها على هيئة خمسة قدور. 


اقرأ أيضا | «السياحة» تروج للموسم الصيفي.. وتستضيف وفدًا إعلاميًا من البوسنة والهرسك