إنها مصر

الإرهاب والأمن القومى العربى

كرم جبر
كرم جبر

فى زمن الجحيم العربى انقلب مفهوم الأمن القومى العربى رأساً على عقب، وبعد أن كانت إسرائيل هى الخطر، اختلفت المفاهيم والرؤى بين كل دولة عربية وأخرى.

المفهوم النظرى للأمن القومى هو قدرة الدولة، لتأمين مصادر قوتها الداخلية والخارجية، ضد المخاطر التى تهددها فى السلم والحرب، وفى الحاضر والمستقبل.

والجامعة العربية قالت إن الأمن القومى للدول العربية، هو قدرتها كلياً أو جزئياً فى الدفاع عن نفسها، وحقوقها وصيانة استقلالها وسلامة أراضيها، ودعم القدرات العربية فى مختلف المجالات.

وبعد "الجحيم" العربى المعروف بـ "الربيع" كذباً، اختلفت المفاهيم، ولكن ظل الإرهاب هو الخطر الداهم الذى يهدد كل الدول العربية، خصوصاً التى اشتعلت فيها الحروب الدينية، ومع ازدياد المخاطر الإقليمية من الدول الطامعة فى بسط نفوذها، وملء الفراغ الذى نجم عن انهيار بعض الأنظمة.
 إسرائيل الآن تهدد الأمن القومى العربى لسوريا وفلسطين بالذات، ولكنها تجرى مناورات عسكرية مع بعض الدول العربية، وترفض حل القضية الفلسطينية التى كانت توحد العرب تحت رايتها.

ولكن كانت مغامرة صدام حسين باحتلال الكويت ضربة سيف قصمت الأمن القومى العربى، بعد أن كان حارساً للبوابة الشرقية ضد الخطر الإيرانى، لكنه أصبح العدو الأول للدول الخليجية، ولم ينزح بعض الخطر إلا بعد تحرير الكويت.
 كل الجراح التاريخية تندمل بمرور الوقت إلا غزو العراق للكويت الذى تتسع آثاره، ولاتزال شديدة التأثير والمفعول، ولم يعد الشرق شرقاً، واتسعت هوة الخلافات العربية بين مؤيد ومعارض لما حدث.

واتسعت التهديدات الآن لتشمل: الإرهاب وجرائمه، والنووى الإيرانى والأطماع التركية والحروب الأهلية، والتدخلات الأجنبية المباشرة بصورة لم تحدث إلا فى عصور الاحتلال الأجنبى، وتزايد معدلات الهجرة غير الشرعية، والنزاع على المياه وغيرها.
 إزاء اتساع رقعة التهديدات أصبحت المخاطر تختلف من دولة إلى أخرى، وتباينت المعايير وتعددت الرؤى.

وفى ظل الإرهاب تراجعت التهديدات الخارجية للأمن القومى العربى فى عديد من البلدان العربية، الإخوان وحزب الله والحوثيين والجهاد والقاعدة والحشد الشعبى، وغيرها من التنظيمات الدينية التى ألحقت بدولها وشعوبها خسائر فادحة أكثر من الغزو الخارجى.

مصر - كنموذج - اتخذت بعض الإجراءات لحماية مصالحها الداخلية والخارجية من أى تهديد، وأهمها تطوير وتحديث جيشها الوطنى، ليكون قادراً على مواجهة التحديات بشكل كبير، وتمشيط سيناء للقضاء على الإرهاب، وكسر شوكة الجماعات الإرهابية والحفاظ على توازن القوى.
 انفتحت بوابة جهنم على الأمن القومى العربى من جميع الاتجاهات، بأيادٍ عربية وبتدخلات أجنبية، وباندلاع الفتن الدينية والأطماع الشخصية.