الصحة العالمية: إفتراض إنتهاء الجائحة سابق لأوانه.. ولازال لها تأثير على العالم

الدكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط
الدكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط

أول ست دول ستتلقي التكنولوجيا لإنتاج لقاحات mRNAالخاصة بها مصر وتونس وكينيا ونيجيريا والسنغال... تطور صناعة اللقاح في هذه الدول تطوركبيرا

 

أوضح الدكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط أنه لا يوجد تضارب في تصريحات منظمة الصحة العالمية حول جائحة كورنا،، وأنه لايوجد طريق للخروج الأمن من الجائحة ما لم نحقق هدفنا المشترك، ومن ناحية أخرى أشاد  بمبادرة (مسرع الإتاحة) مؤكدا أنها في صالح الجميع، مشددا على ضرورة تحقيق العدالة والإنصاف في توزيع اللقاحات، كما أشاد أيضا بالدواء الجديد في المملكة المتحدة بأنها مبشرة بالخير في الحد من مخاطر الإستشفاء، كما أعرب عن سعادته بأن أول ست دول أفريقيا ستتلقي التكنولوجيا لإنتاج اللقاحات من بينهم بلدين هم مصر وتونس من بلدان الإقليم، حيث تعد هذه الخطوة تطور في صناعة اللقاحات في هذه الدول  تطور كبيرا، كما أشاد بدور مصر في التعامل في مجال  شلل الأطفال وأيضا حققت قصة نجاح في مجال مكافحة فيروس إلتهابالكبد س، وأيضا في التعامل مع جائحة كوفيد 19تبذل جهودا كبيرة للإستجابة للجائحة. 

اقرأ أيضا| الصحة العالمية: افتراض انتهاء جائحة كورونا سابق لأوانه | خاص

هل هناك تضارب  في تصريحات منظمة الصحة العالمية بين تحذيرات من إنتشار مكثف لكوفيد 19 وزيادة حادة للوفيات علي مستوي العالم، وتصريحات أخري تتحدث عن قرب نهاية الجائحة لتصبح مثل الأنفلونزا، ثم تحذيرات وتوقعات بمتحورات وسلالات جديدة للفيرس؟


لا يوجد تضارب وإنما عمل على مسارات مختلفة وسيناريوهات متعددة وأيضاً موجات من الجائحة تختلف شدتها من إقليم لآخر ومن بلد لآخر، فضلاً عن اختلاف مستوى التغطية بالتطعيمات. لا يخفى أن العالم يمر الآن بموجة من الانتشار الواسع لحالات كوفيد-19 مدفوعة بمتحور أوميكرون. ولكن شدة هذه الموجة تتفاوت من إقليم لآخر وتبلغ ذروتها في إقليم شرق المتوسط الذي سجل في الأسابيع الأخيرة زيادة رهيبة في أعداد الإصابات، كما ارتفع معدل الوفيات في بعض بلدانه عن السابق. وطبيعي أن تتعدد مسارات الاستجابة  لكننا نتوقع أن تنكسر حدة هذه الموجة منتصف العام الحالي.


ومع ذلك فإن الافتراض بأن الجائحة قد انتهت أمر سابق لأوانه - ولا يزال لهذه الجائحة تأثير كبير في جميع أنحاء العالم ، وتؤثر على كل بلد بطريقة مختلفة. يحتاج كل بلد إلى رسم طريقة فريدة للخروج من هذا الوضع .
ونؤكد أنهلا يوجد طريق للخروج الآمن من الجائحة ما لم نحقق هدفنا المشترك المتمثل في تطعيم 70٪ من سكان كل بلد بحلول منتصف هذا العاملنحقق الحماية من خلال التطعيم ، وما لم نلتزم للنهاية بإجراءات الصحة العامة والتدابير الوقائية التي تشمل الحفاظ على مسافة آمنة وتجنب الازدحام ، وارتداء الكمامة بطريقة سليمة، والحفاظ على تهوية الأماكن الداخلية ، وتنظيف اليدين كثيرًا ، وتغطية الفم والأنف عند السعال والعطس.

ماذا عن حملة مبادرة تمويل لمسرع إتاحة أدوات مكافحة فيروس كورونا(مسرع الإتاحة)التي أطلقها قادة العالم لإنهاء الجائحة ؟


هذه الحملة تأتي في إطار عمل مبادرة تسريع إتاحة أدوات مكافحة فيروس كورونا، التي ترعاها منظمة الصحة العالمية والشركاء المعنيون. وتستهدف الحملة التي أطلقت في وقت سابق من فبراير الحالي حث المجتمع الدولي على توفير تمويل بقيمة 23 مليار دولار أميركي لانهاء جائحة كوفيد-19من خلال تمكين المبادرة من توسيع نطاق عملها وتطوير وتقديم تدابير ضرورية لمواجهة التهديد الذي يفرضه المتحور «أوميكرون» ومنع ظهور متحورات  أكثر خطورة.


وسوف يخصص 16 مليار دولار أميركي من بين الـ 23 ملياراً المطلوبة لصالح دعم البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في التعامل مع الجائحة التي تسبب بها الفيروس ودعم نسبة كبيرة من سكان العالم  ممن لا يزالون غير قادرين على الحصول على اللقاح أو الاختبار أو العلاج من فيروس كورونا.

ونؤكد أن الاستثمار في دعم هذه المبادرة والاستجابة للنداء العاجل لتوفير التمويل اللازم هو في صالح الجميع. ويكفي أن نعلم  أن كل شهر تأخير من المتوقع أن يصيب الاقتصاد العالمي بخسائر تقارب 5 أضعاف الاستثمار الذي تحتاجه المبادرة.


هل ستحقق هذه المبادرة العدالة بين الدول في الحصول علي اللقاحات؟


لقد كان الهدف من مبادرة تسريع إتاحة أدوات مكافحة «كوفيد- 19» هو الإسهام في التغلب على أوجه عدم المساواة العالمية الواسعة من خلال تزويد البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بإمكانية الوصول إلى اختبارات تشخيصية للكشف عن الفيروس والعلاجات واللقاحات ومعدات الحماية الشخصية الخاصة به. لكن الفجوة التمويلية تعوق عمل المبادرة وتحقيق أهدافها. لذلك دعت حملة التمويل التي أطلقتها المبادرة البلدان ذات الدخل المرتفع إلى دفع نصيبها العادل من تكاليف هذه المبادرة وزيادة مساهماتها المالية لمواجهة الفوارق العالمية الشاسعة في الوصول إلى ادوات التعامل مع الجائحة.


وأوضحت أن التوزيع العادل لأدوات لمكافحة الفيروس على مستوى العالم سيسهم في الحد من انتقاله وكسر حلقة التحورات الجديدة وتخفيف أعباء العاملين والأنظمة الصحية.
ولاشك أن الموجة الشرسة الحالية والانتشار السريع لمتحور أوميكرون يجعل الأمر أكثر إلحاحا لضمان توزيع الاختبارات التشخيصية والعلاجات واللقاحات بشكل عادل على الصعيد العالمي.
ومن ثم فإنالدعم الذي يقدمه مجتمع المانحين والدول الغنية سوف يمكن  البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل من توسيع مظلة التغطية بالتطعيمات وتوفير متطلبات الاستجابة للجائحة.

أفادت وكالات أممية أن القارة الأفريقية بحاجة إلي زيادة معدل التطعيم 6مرات لتحقيق نسبة تطعيم70٪ كيف يتحقق ذلك؟


لابد من تحقيق العدالة والإنصاف في توزيع اللقاحات، ومساعدة البلدان المحدودة الدخل في الحصول على ما يكفي من اللقاحات. بإمكان الدول التي حققت أهداف اللقاحات وتغطية واسعة بالتطعيم  أن توجه الفائض منها للبلدان التي لم تحقق بعد جزءاً من هذه الأهداف. ويمكن لمجتمع المانحين أن يسهم في سد الفجوة التمويلية بالإسهام في تمويل مرفق كوفاكس. كما أن أحد أساليب تحقيق الإنصاف في توزيع اللقاحات هو توسيع قاعدة إنتاج اللقاحات من خلال دعم دخول المزيد من الدول إلى مجال التصنيع الدوائي ونقل التكنولوجيا إليها. ونحمد الله أن القارة الأفريقية لديها حالياً مركزاً إقليمياً لنقل التكنولووجيا الخاصة بتقنية مرسال الحمض النووي الريبي  لتصنيع اللقاحات.  

هل الأدوية الجديدة في المملكة المتحدة  تتصدى لفيروس كورونا؟


أكدت الشركات المصنعة أن هذه الأدوية تبشر بالخير في الحد من مخاطر الاستشفاء (الاحتجاز في المستشفى) لدى بعض المرضىولوحظت فائدتها في المرضى الذين يعانون من عوامل خطر الإصابة بفيروسكوفيد-19الحاد والذين كانوا في مرحلة مبكرة من المرض ، مما يعني أن لديهم أعراض لمدة 5 أيام أو أقل. وتستعرض منظمة الصحة العالمية البيانات للتحقق من فعاليتها ومأمونيتها. والمنظمة على اتصال مع الشركات بشأن هذه الأدوية وبناءً على تقييم مجمل الأدلة ، ستقدم منظمة الصحة العالمية توصياتها.

أعلن مدير منظمة الصحة العالمية  خلال كلمته في قمة بروكسل عن أول 6دول أفريفية قامت بنقل التكنولوجيا وبالتالي إنتاج اللقاحات التي أثبتت أهميتها في مكافحة كوفيد 19 منهم مصر وتونس والسنغال  وكينيا وجنوب أفريفيا. كيف تري المشهد؟

لا شك أن اللقاحات أنقذت أعدادا لا حصر لها من الأرواح، ولا زالت تساعد في تغيير منحى الجائحة، وتمنح الآن العديد من البلدان الثقة لتخفيف القيود.
لكن هذا النصر العلمي شابته أوجه عدم إنصاف كبيرة من حيث الاستفادة منه.وجزء كبير من عدم الإنصاف يعزى إلى استئثار قلة قليلة من البلدان المرتفعة الدخل بإنتاج اللقاحات في العالم.


ولذلك فإن أحد أوضح دروس الجائحة هو الحاجة الملحة إلى زيادة الإنتاج المحلي للقاحات، لا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.ولهذا السبب أصدرت منظمة الصحة العالمية، في أبريل من العام الماضي، دعوة لإبداء الاهتمام بإنشاء مركز لنقل التكنولوجيا للقاحات مرسال الحمض النووي الريبي (الرنا المرسال). ووقع الاختيار على جنوب أفريقيا وأنشئ المركز فيها، بشراكة بين منظمة الصحة العالميةوبين شركة أفريجين وعدد من الهيئات المعنية.


وقد بدأ المركز يؤتي ثماره بالفعل مع إعلان أفريجين منذ أسبوعين عن إنتاج لقاحها بتقنية الحمض النووي الريبي. ومن ثم تقدمنا خطوة أكبر بتيسير نقل التكنولوجيا من هذا المركز إلى مجموعة من بلدان أفريقيا، ويسرني أن أول ست دول أفريقية ستتلقى التكنولوجيا من المركز لإنتاج لقاحات mRNA الخاصة بها تشمل بلدين من بلدان الإقليم هما مصر وتونس ومعهما  وكينيا ونيجيريا والسنغال وجنوب إفريقيا.
ومن شأن هذه الخطوة أن تطور صناعة اللقاحات في هذه الدول تطوراً كبيراً، إذستعمل منظمة الصحة العالمية مع الشركات والحكومة في كل بلد لتطوير خارطة طريق للتدريب والإنتاج ، بناءً على احتياجاتهم وقدراتهم. كما أنها تعد استثماراً جيداً في هذا المجال حيث نتوقّع أن تكون اللقاحات المصنعة بتقنية مرسال الحمض النووي الريبي أكثر ملاءمة للسياقات التي ستستخدم فيها ولظروف البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، لأن قيود تخزينهاأقل وهي تتاح بأسعار أرخص. 
ولا يقتصر استخدام تقنية مرسال الحمض الريبي على أغراض مكافحة كوفيد-19فحسب،  بل يمكن استخدامها أيضا لمكافحة الملاريا والسل وفيروس نقص المناعة البشرية.

كيف ترى مصر في التعامل مع جائحة كوروناوالقضاء علي شلل الأطفالوفيرس سي؟


مصر من الدول التي استأصلت شلل الأطفال مبكراً نسبياً في الإقليم حيث أعلنت خلوها من شلل الأطفال عام 2006. ومنذ ذلك الحين تبذل كافةالجهود للحفاظ على وضعية الخلو من شلل الأطفالومنع وفادته مرة أخرى، من خلال حملات التطعيم الروتيني القومية والحملات التكميلية وتكثيف إجراءات الترصد عند نقاط الدخول.


كذلك تحقق مصر قصة نجاح في مجال مكافحة فيروس التهاب الكبد سي وتمكنت بحمد الله من الانتقال من وضع الدولة الأكثر إصابة في العالم بفيروس التهاب الكبد سي إلى الدولة الأكثر نجاحاً في القضاء عليه وتوفير العلاج الخاص به لجميع سكانها والمقيمين فيها بأسعار معقولة وفي المتناول،  بل والامتداد بهذه المعالجة خارج حدودها. ونأمل أن تعلن مصر قريباً القضاء تماماً على فيروس التهاب الكبد سي.


وفيما يتعلق بجائحة كوفيد-19 تبذل مصر منذ البداية جهوداً كبيرة للاستجابة للجائحة ولاتزال تواجه تحديات كبيرة جراء موجات الانتشار الواسعة المدفوعة بالمتحورات الجديدة خاصة متحور أوميكرون. ونرجو أن تواصل مصر وجميع البلدان تطبيق إجراءات الصحة العامة والتدابير الوقائية ونشر الوعي المجتمعي بأهمية الالتزام بإجراءات الحماية للنفس والآخرين وعدم التراخي أو الاستسلام للشعور بالإجهاد والسأم. كما تواصل مصر تطعيم مواطنيها والمقيمين فيها ونأمل أن تتمكن من توسيع نطاق التغطية باللقاحات لتحقق هدف تطعيم 70% من السكان في منتصف هذا العام.