مع احترامى

«حبة الغلة»

فرج  أبو العز
فرج أبو العز

زر البطاطا فى فيلم «الحرام» رائعة الروائى الكبير الراحل دكتور يوسف إدريس وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة والمخرج الكبير هنرى بركات والذى أنتج عام 1965لم يكن السبب كما رددت الضحية عزيزة بأنه السبب فى حملها سفاحا وإنما المتهم الحقيقى الفقر المدقع الذى عاشت فيه والتى ضحت بشرفها من أجل تلبية رغبة زوجها المريض فى زر بطاطا.


وبالمثل تماما لم تكن حبة الغلة التى تستخدم فى حفظ الحبوب من التلف سببا وراء انتحار هايدى وبسنت وما خفى كان أعظم فهذا ما يظهر على السطح وهناك حالات ابتزاز إلكترونى لا شك كثيرة لكن ضحاياها يرضخون للأمر الواقع ويدارون على وقائع من مثل هذه النوعية.. هايدى وبسنت اختشتا وهربتا من عيون الناس وفضلتا الموت انتحارا أفضل من الفضيحة.. والمتهم أيضا ليست حبة الغلال.


زر البطاطا وحبة الغلة ليستا السبب الحقيقى وعلينا البحث عن الأسباب الحقيقية وفحصها ووضع قوانين وبرامج تمنعها أو على الأقل التقليل منها وجعلها فى أضيق الحدود.


أستطيع القول بكل أريحية أن زر البطاطا أبطل مفعوله تماما ولن يعود أبدا فى ظل برامج الحماية الاجتماعية العديدة التى أطلقت بمبادرات رئاسية لتمكين المرأة اقتصاديا عبر مشروعات صغيرة تمولها الدولة بقروض حسنة أو بفائدة ميسرة لا تتعدى الملاليم بحيث تستطيع المرأة المعيلة أن تعيش الحياة الكريمة التى لا تضطرها لارتكاب خطأ تحت وطأة الظروف.. وتعد مبادرة تطوير الريف المصرى «حياة كريمة» التى رصدت لها الدولة 700 مليار جنيه لتعبر عن اهتمام القيادة السياسية وأجهزة الدولة بجميع فئات الشعب خصوصا فى قرى مصر التى عانت الكثير من الظروف الصعبة والتى اضطرت نسبة كبيرة من أهلها للهروب للحضر.


نناشد جهات الدولة، كما فعلت فى سبيل التمكين الاقتصادى للمرأة لتعيش وأسرتها الحياة الكريمة، أن تتحرك بوضع السبل القانونية الرادعة للابتزار الإلكترونى لفتيات فى عمر الزهور بما يجعلهم يفضلون الانتحار بحبة الغلة التى هى بريئة من الأسباب ولا حيلة لها فى استخدامها وسيلة للتخلص من الفضيحة المفتعلة خاصة أن فى الحالتين اتضح جليا أن الصور مفبركة.


الخطوة الأولى على البرلمان الذى عليه التحرك سريعا للرقابة الصارمة على تداول حبة الغلال التى يستخدمها البعض بسهولة عبر تقنين بيعها والتوعية بمخاطرها وأخذ التعهدات اللازمة على من يقتنيها بالحفاظ عليها وذلك كوسيلة للوقاية المسبقة من سوء الاستخدام أو الاستخدام فى غير محله. علينا أيضا النظر فى القوانين الموجودة التى تخص قضايا الابتزاز الإلكترونى لنرى هل هى كافية للردع أم أنها لا تواكب الجرم واقتراح قوانين جديدة أو تعديلات كفيلة بوأد تلك الظاهرة مع مراعاة التطور والتحديث المستمر التى تشهده تطبيقات تزييف الصور ومقاطع الفيديو المفبركة.


القانون رقم 175 لسنة 2018 يتضمن عقوبات لمثل تلك الحالات وغيرها وعلينا زيادة برامج التوعية بعقوبات الجرائم الإلكترونية ليعرفها الجميع ولتكون رادعا لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل تلك الجرائم خاصة إذا ما أفضت مثل تلك التصرفات لإنهاء حياة إنسان باعتباره محرضا على القتل.. وهنا لابد من تغليظ العقوبات إذا ما أفضت نتيجة الفعل الخطأ لموت إنسان انتحارا أو بأية طريقة أخرى.


القانون الحالى ينص على عقوبات لكل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة وكل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة أو إظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه.. لكنه لم يتناول عقوبة ما إذا أفضى هذا الفعل لقتل إنسان أو هدم أسرة.