برنامج تجسس إسرائيلى يتجسس علــــى الإسـرائيليين

برنامج تجسس إسرائيلى
برنامج تجسس إسرائيلى

كتب: خالد حمزة

فضيحة من نوع جديد فى إسرائيل، فقد تم الإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية، بعد أن كشفت صحيفة كالكاليست اليومية، عن استخدام الشرطة غير القانونى، لبرامج تجسس ضد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، الذى يحاكم بتهم فساد هو وابنه، إضافة إلى متهم آخر وعدة شهود، واثنين من المسئولين السابقين، يشتبه فى قيامهما بتسريبات للصحفيين، وعدد من الشخصيات العامة، وقالت الصحيفة وصحف عبرية أخرى، إن برنامج بيجاسوس وهو أداة اختراق الهواتف المحمولة، صنعته مجموعة إن إس أو الإسرائيلية، استخدم فى عمليات للاستخبارات، حتى قبل فتح أى تحقيق ضد من استهدفهم البرنامج، وبدون موافقة قضائية.
 

وقال مسئولون إسرائيليون، إن التجسس تم فى عهد الحكومة الإسرائيلية السابقة، وكان من بين تلك الشخصيات المستهدفة بالتجسس، قادة كبار فى وزارات المالية والعدل والاتصالات، ورامى ليفى صاحب سلسلة متاجر سوبر ماركت كبرى ورؤساء بلديات وإسرائيليون إثيوبيون، قادوا احتجاجات ضد سوء سلوك الشرطة، وفى كشف آخر من المقرر أن يهز محاكمة نتنياهو الجارية بتهم الفساد، ذكرت كالكاليست أن الشاهد الرئيسى إيلان يشوا الرئيس التنفيذى السابق لموقع والا الإخبارى، كان من بين المستهدفين.


وكانت المحاكمة قد تعرضت لضربة سابقة، عندما كشف عدد من المذيعين الإسرائيليين، أن الشرطة ربما استخدمت برامج تجسس استهدفت شلومو فيلبر، وهو حليف سابق لنتنياهو، تحول إلى شاهد إثبات ضده، وعلى الفور طالب محامو نتنياهو،  بتعليق الإجراءات المتخذة ضده.


من جانبه، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق بنيامين نتنياهو، الكشف عن استخدام برنامج التجسس ضد سياسيين ونشطاء إسرائيليين، بأنه يوم أسود وقال: "بعيدا عن قضيتى التى لها تداعيات واسعة، لقد حدث شىء لا يمكن تصوره، لقد تجسس مسئولو الشرطة بشكل غير قانونى، وباستخدام أكثر أدوات التجسس تطورا فى العالم، على عدد كبير  من الإسرائيليين"، وأصبحت برامج التجسس المصممة لإحباط الإرهاب ومحاربة أعدائنا، أداة يومية فى أيدى مسئولى الشرطة للتجسس على الإسرائيليين، وفى انتهاك لأى قاعدة ولأى قانون، ولا ينبغى بأى حال من الأحوال تمرير هذه القضية، وكان نتنياهو من أكثر المستفيدين من الكشف عن استخدام برنامج التجسس، بعد شكوك بأن الشرطة، استخدمته للتجسس على مسئولين، شهدوا ضده فى قضايا فساد، ولذلك أعلنت المحكمة المركزية الإسرائيلية، أنها لن تستأنف فى ملفات الفساد الموجهة ضده، وأنها ستنتظر تقرير النائب العام الإسرائيلى، حول ما إذا كانت هناك عيوب قانونية فى المعلومات، التى قدمها شهود فى القضية، بينما وصف رئيس الوزراء نفتالى بينيت النتائج التى خلصت إليها الصحيفة، بأنها خطيرة للغاية إذا كانت صحيحة، وقال إن بيجاسوس هو أداة مهمة فى مكافحة الإرهاب والجرائم الخطيرة، لكن لم يكن الغرض من استخدامه فى حملات التصيد الاحتيالى، التى تستهدف المواطنين أو المسئولين الإسرائيليين.


وقال عومر بارليف وزير الأمن الداخلى، إنه تم تشكل لجنة تحقيق رسمية، وسيشرف عليها قاضٍ متقاعد يستجوب أى شخص، فى النظام السياسى والقانونى والأمنى، للكشف عن حدوث انتهاكات للحقوق المدنية أوالخصوصية، وطالب الرئيس الإسرائيلى إسحاق هرتزوج، بإجراء تحقيق مفصل، ونتيجة لذلك، شهدت إسرائيل قفزة فى مبيعات الهواتف من الجيل القديم بعد الفضيحة، وهناك زيادة بنسبة كبيرة فى مبيعاتها.


وفى السابق، واجهت إسرائيل انتقادات، بسبب تصدير هذه التكنولوجيا لـ7 دول حول العالم من بينها أمريكا، وكشف مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكى، أنه اشترى نسخة محدودة من البرنامج لمواكبة التطور فى المجال ليس إلا، وفى نوفمبر الماضى، وضع المسئولون الأمريكيون الشركة على قائمة تجارية سوداء، وجاءت الخطوة من بين خطوات أوسع، اتخذتها جهات أمريكية بينها شركات تقنية ومشرعون وإدارة الرئيس جو بايدن، ضد شركات تطوير برامج للتجسس حول العالم، وتواجه بعض هذه الشركات اتهامات بالقرصنة، بينما تواجه أخرى اتهامات باستخدام حسابات مزيفة، لاستدراج مستخدمى منصات التواصل الاجتماعى، للكشف عن بيانات شخصية.


وكان برنامج بيجاسوس الذى يمكنه تشغيل كاميرا الهاتف أو الميكروفون وسرقة جميع بياناته، فى بؤرة فضيحة بالعام الماضى، بعد أن أعلن عن قائمة تضم نحو 50 ألف هدف مراقب محتمل فى جميع أنحاء العالم، حسب صحيفة الجارديان البريطانية، وبصفتها الهيئة المسئولة عن إصدار تراخيص تصدير للبرامج الإلكترونية الحساسة،عبر وكالة مراقبة الصادرات الدفاعية، فإن وزارة الدفاع كانت الأكثر تورطًا فى الفضيحة، وتعرض وزير الدفاع بينى جانتس لانتقادات شديدة، خاصة بعد الكشف عن استخدام بيجاسوس لاختراق هاتف الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، وهو ما دعا إسرائيل لتجميد صادراتها من برامج التجسس، واشترطت الحكومة الإسرائيلية على المشترين عدم استخدامها لمراقبة أرقام الهواتف المحمولة الفرنسية، وتوجد شروط تعاقدية مماثلة منذ عدة سنوات، وقد نجح الاقتراح فى تهدئة الغضب الفرنسى إلى حد ما، لكنه لم يحل القضية العالمية، وفى نوفمبر الماضى قلصت وزارة الدفاع إلى حد كبير قائمة الدول المؤهلة، لاستيراد منتجات إلكترونية إسرائيلية الصنع.


وفى يناير الماضى، طالبت عضو البرلمان الأوروبى صوفى إنفيلد، بإجراء تحقيق فى استخدام بيجاسوس فى دول الاتحاد الأوروبى، كما قالت وزارة الخارجية الفنلندية إن الهواتف المحمولة الخاصة بدبلوماسيين فنلنديين، تعرضت لعمليات تجسس باستخدام برنامج بيجاسوس، كما ظهرت مزاعم بأن حكومتى المجر وبولندا، استخدمتا برنامج بيجاسوس للتجسس على منتقديهما.


وفى الهند فى أواخر عام 2019، رفعت فيسبوك دعوى قضائية ضد مجموعة إن إس أو، مدعية أنه تم استخدام تطبيق الواتساب لاختراق عدد من النشطاء والصحفيين والبيروقراطيين فى البلاد، ليس هذا فقط بل واجهت الشركة انتقادات من شركات التكنولوجيا الأخرى، بما فى ذلك مايكروسوفت وميتا بلاتفورمز (فيسبوك سابقاً) وألفابت مالكة جوجل وسيسكو سيستمز التى حملتها مسئولية مراقبة واستهداف مستخدميها، ورفعت بعضها قضايا ضدها فى المحاكم حول العالم، كما اتهمتها  بالاستمرار فى تحديث برامجها الضارة، واستغلالها للتغلب على برامج الأمان الخاصة بها، وأعلنت الشركة المصنعة لهاتف أيفون، أنها ستتبرع بـ 10 ملايين دولار، بالإضافة إلى أى أضرار تظهر فى الدعوى القضائية، إلى مجموعات أبحاث المراقبة الإلكترونية، بما فى ذلك مجموعة جامعة تورنتو، التى اكتشفت لأول مرة هجمات إن إس أو، وسعت بعضها لإصدار أمر قضائى دائم، بمنع شركة (إن إس أو) من استخدام أى برامج أو خدمات أو أجهزة تابعة لها.


وفى المقابل، قالت الشركة المُنتجة لبيجاسوس إن عملاءها يخضعون لتقييم دقيق، وإن أجهزتها تستخدم ضد المجرمين الخطرين والإرهابيين، لكن المشكلة تكمن فى كيفية تحديد هذه الفئات، وإنها تزود برنامج بيجاسوس فقط للجيش ووكالات إنفاذ القانون والاستخبارات، كما تحاول الشركة تمييز نفسها عن المخترقين السريين والقراصنة الإلكترونيين، الذين يقومون بأنشطة غير قانونية.


ومنذ أيام، قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية، إن اسرائيل توقفت مؤقتًا عن إصدار تراخيص تصدير للتكنولوجيا، التى يمكن استخدامها فى الهجمات الإلكترونية. كما أوقفت تجديد هذه التراخيص للعديد من الدول التى استخدمت برنامج بيجاسوس، وسيكون تعليق التصدير سارى المفعول، حتى تراجع استخدام بيجاسوس ومنتجات أخرى مماثلة.