الأشجار تموت واقفة

جلال دويدار
جلال دويدار

لا يختلف كثيرًا عن الأشجار، جذوره ممتدة فى أعماق الأرض، أوراقها وافرة، تلقى بظلالها على مساحات واسعة، ثمارها باقية حية شاهدة له، عن الكاتب الصحفى الكبير الراحل بإذن الله جلال دويدار رئيس تحرير «الأخبار» الأسبق أتحدث، هو من حيث تاريخ الصحافة، الجيل الثانى بعد (المبدعين والمؤسسين الحقيقيين للمهنة ونجومها اللامعة) ، وينتمى جلال دويدار الى جيل (تراكم الخبرات)،

الذى تأثر بالجيل الأول وعمل معه، فكانت إسهاماته الحقيقية فى نقل تلك الخبرات إلى مرؤوسيه، ومن جاءوا من بعده من شباب الأخبار، فنحن نتحدث عن أجيال عديدة، كلها تعاملت معه، استفادت من قدراته، لها قصص وتفاصيل عديدة، وتكاد تكون يومية معه، تخرج من مدرسته وعمل معه العشرات من كبار الصحفيين فى دار أخبار اليوم، بعضهم وصل الى رئاسة التحرير، وشاء الله للراحل الكبير أن يموت ايضا كالأشجار واقفا، يمارس المهنة التى عشقها حتى الساعة الأخيرة من عمره، وقصة وفاته شاهدة على ذلك، فحتى أيامه الأخيرة فى عدد الجمعة الماضى كان حريصا كل الحرص على كتابة عموده اليومى فى الأخبار (خواطر)،

والأسبوعى فى أخبار اليوم، يتابع كل كلمة ،يضيف ويحذف حتى آخر لحظة، حتى يرضى عن مستواه، ولعل صديقنا محمد درويش المشرف على صفحات المقالات، لديه عشرات القصص عن مدى دقة أستاذنا جلال دويدار.
لم أتشرف بالعمل المباشر وفرضت الظروف التعامل معه عن بعد، وتحديدا فى العام الأول من وجودى كمدير مكتب لصحف مؤسسة أخبار اليوم فى السعودية فى مارس ٢٠٠٤، فبعد اسابيع وصلتنى اول رسالة اطراء ودعم، وكانت من الراحل الكبير ابراهيم سعده رئيس مجلس الادارة ورئيس تحرير اخبار اليوم عن إعجابه ومعه الأستاذ جلال دويدار، بأدائى المهنى اليومى، خاصة اننى ابن مجلة آخر ساعة، وهى اصدار اسبوعى، وكنت حريصا على ممارسة عملى اليومى والتواجد على صفحات الصحيفة، وفى مناسبات عديدة ووقائع مختلفة، قد لا يكون هناك مساحة لذكرها، تعرفت على ملامح شخصيته، فهو (عادل ومنصف تماما) تجاه مرؤوسيه، ويتسم (بنزاهة شديدة ونظافة يد)، كما انه على عكس المتعارف عليه، يتمتع بطيبة قلب ملحوظة.


رحم الله فقيد الأخبار، الكاتب الكبير أستاذ الأجيال جلال دويدار.