سلامًا معلم الأجيال

فى مدرسته تعلمنا

جلال دويدار
جلال دويدار

 رحل الأستاذ.. صعدت الروح لبارئها راضية مرضية فى هدوء تام ظنها أهل البيت أنها غفوة ولكنها كانت المحطة الأخيرة وذهب بروحه وجسده لمولاه.


  مات جلال دويدار المعلم الإنسان الصديق صاحب القلب الطيب بشوش الوجه صافى النفس فلا تستطيع أن تخاصمه أو تزعل منه لم يكن ليعطيك الفرصة لذلك، طبعه السماحة رغم شدته فى العمل الذى كان عنده رسالة مقدسة لا تهاون ولا استسهال أو إهمال فيها هكذا تربينا فى مدرسته مدرسة الالتزام والإخلاص فى أداء عملنا كل فى اختصاصه.


عرفت أستاذى جلال دويدار منذ اللحظة الأولى التى التحقت فيها بالأخبار أواخر عام ١٩٧٤ وكنت بدأت التدريب فى قسم
إلى المحرر ثم فى قسم التحقيقات ثم عينت.. ورأى بعد ذلك أن ألتحق بالعمل فى المطار الذى كان أول محرريه على مدى سنوات وسنوات وشجعنى على ذلك، وما زلت أتذكر أول نصيحة لى منه: خلى ايدك نظيفة المطار كله إغراءات.. كان دائماً كبيراً فى تعاملاته يكتسب احترام  الجميع، وللأمانة عشت على سيرة وكفاءة جلال دويدار فى المطار على مدى عملى به لأكثر من ٤٠ عاماً أو يزيد وحققت النجاحات التى كان يشجعنى عليها، وأتذكر منها ما جعلنى أفتخر بمجهودى عندما حصلت على انفراد للأخبار مرتين: الأولى عندما قدمت له خبر هبوط طائرة ليبية عسكرية فى مطار اسوان طالبة اللجوء هرباً وقام بالاتصال لأهمية الخبر بوزير الدفاع وقتها المشير أبو غزالة لتأكيد الخبر وكنت استمع للمكالمة من مكتبه وسألة المشير: مين اللى قالك؟
فأكد له الأستاذ انه من المطار وعاد ليسأل: بس الطائرة لم تهبط بعد.. وأجابه الأستاذ: لا هبطت لأنها هبطت بالفعل وكان رد المشير الذى لا أنساه: ياه يا أستاذ جلال مخابراتك أقوى منى فعلاً هبطت.
كانت فرحة الأستاذ كبيرة بالخبر وبى وما زالت صورة الفرحة على وجهه فى مخيلتى.


والثانية عندما سمحت لى الظروف أن أنقل له خبر الأتوبيس الإسرائيلى على طريق الإسماعيلية عندما هاجمه الإرهابيون وكانت الأخبار أول من وصل للمكان قبل اى شخص وصورت ما حدث ما جعله يشيد بى وبسرعة نقل الخبر.
كان جلال دويدار صاحب نظرة واقعية فاحصة يقدر العمل الجاد ويدعمه وكان لا يقبل أى إهانة او تجاوز مع أى محرر وأذكر له أنه طلب منى أن أحذف اسم وزير وأخفى صورته من تغطية أحد الأحداث لما أخطأ فى حق الأخبار رغم أنه كان صديقه.


ذهبت بالأمس وأنا لا أصدق يا أستاذى انك رحلت، حملت جسدك الطاهر الى مرقده الأخير ووسدته بيدى ودموعى تسبقنى ولكنى كنت ادعو الله ان يتقبلك فى رحمته.


أقول وداعاً لأستاذى وأدعو له بالجنة ولا أملك إلا أن أقول: إلى لقاء أتمناه فى الجنة.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.